سيسجل التاريخ أن الحوثية كانت جائحة لم يقتصر شرها على البشر والحجر فقط، ولكن طالت شرورها سمك البحر وطيور السماء والشعب المرجانية، ورمال الشواطئ.
ناقلة النفط التي هاجمها الحوثيون مؤخرًا، تبلغ حمولتها 150 ألف طن من النفط، وهو ما يزيد عن مليون برميل، وهذه الكمية أكبر من حمولة خزان صافر، والذي تبرعت الكثير من الدول بمبلغ يقارب 150 مليون دولار لنقل النفط المخزن بداخلها لمنع تسربه.
لو تحققت المخاوف، فإن كارثة تسرب النفط للبحر الأحمر سينتج عنها خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدر بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى تدمير البيئة البحرية في البحر الأحمر تحديدًا، والبحار المجاورة. وهذا التدمير ستستمر آثاره لعشرات السنيين، وبعض الأضرار لا يمكن إصلاحها، وستبقى إلى الأبد.
الحوثي المتخلف، هو أصغر من أن يدرك نتيجة أفعاله الصبيانية، فكل همه الحصول على شرعية زائفة، من خلال الادعاء بأنه في حرب مع أمريكا والغرب وإسرائيل، وهي الحرب التي قتلت إسرائيليًا واحدًا، وانتقمت له إسرائيل بأن دمرت خزانات النفط وجزءًا من ميناء الحديدة، وقتلت وجرحت عددًا من اليمنيين الأبرياء.
الحوثي موقن، مثل محور المشاغلة الإيراني، بأن أفعاله لم تفد سكان غزة، فإسرائيل لم تغير من أهدافها، ولا من وسائلها في حرب غزة، نتيجه ما عمله الحوثي أو محور المشاغلة بشكل عام. والحقيقة المرة أن إسرائيل استفادت من هجمات محور المشاغلة، لتدعي بأنها تواجه أعداء في أكثر من جبهة، وأنها ضحية لعدوان عليها، وهذا ما خفف عنها الضغط من الدول القادرة على التأثير عليها.
ومع ذلك، فلا الحوثي ولا إيران ومحورها التدميري يهمهم معاناة الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين وغيرهم، فكل ما يهمهم هي المكاسب السياسية الداخلية، والشعبية الوقتية التي يحصلون عليها من قطيع الغوغاء في المنطقة والعالم. وما يردعهم سوى المخاطر المباشرة التي تطالهم وتضعف من مراكزهم.
ولهذا يجب أن يعاقب الحوثي بشكل مباشر، وبأكثر من طريقة، وفي هذا الشأن ينبغي على دول المنطقة أن تغادر الصمت، الذي التزمت به تجاه هجمات الحوثيين، خشية ابتزاز محور المشاغلة وإرهابه، وتقوم بخطوات عملية لمعاقبة الحوثي على الخسائر التي ألحقها باقتصادها وبيئتها. فعلى كل دول البحر الأحمر أن ترفع دعاوى فردية أو جماعية تجبر الحوثيين على تعويضها عن الخسائر التي نجمت وستنجم عن الأضرار البيئية الناتجة عن هجماتهم الحمقى.
كما أن على دول المنطقة، وبالتحديد مصر، رفع دعاوى تعويض على الحوثيين لانخفاض عائدات قناة السويس، والتي تقدر بـ3 مليارات دولار حتى الآن، نتيجة هجماتهم.
قد يرد البعض بأن مثل هذه الدعاوى لن تضر الحوثيين، لأنهم ليسوا بسلطة شرعية، وليس لهم أموال في هذه الدول أو دول يمكن الوصول إلى أموالهم فيها، وهذا صحيح إلى حد ما، إلا أن صدور أحكام بالتعويض ستلاحق قادة الحوثيين في المستقبل في اليمن والعالم، وستحرمهم من أن يقيموا علاقات طبيعية مع هذه الدول في الوقت الحالي أو المستقبل.
وستكون هذه العقوبات فعالة لو أن الدول المتضررة من الحوثيين كمصر والأردن وجيبوتي، وضعت قائمة سوداء للقادة الحوثيين يتم بموجبها منعهم من دخول أراضيها.
والخلاصة أن حركة متوحشة غير مسؤولة مثل الحوثيين، لن ترتدع إلا بعقوبات ملموسة تطال قادتها، وفي هذا الصدد، ينبغي على الدول التي ترغب بمعاقبة الحوثيين أن تفرق بينهم وبين اليمنيين، فالغالبية العظمى من اليمنيين هم ضحايا ورهائن لدى الحوثيين، ولن يهم الحوثي إذا ما تمت معاقبتهم على سلوكه الأرعن، بل إنه سيستفيد من ذلك.