صنعاء 19C امطار خفيفة

من هنا مروا!

انَزٍلك واحد شاي؟
لا…شكرًا
على ماذا وقفت تتفرج؟ تشتي أحد!
أتفرج على الزمان الذي لم يتوقف عن الجري
من أنت؟
صورتك مش غريبة
هل أنت هو الذي كان يكتب في الجريدة؟
نعم
وأنت؟
حفيده
ومن بقي منهم؟
سليمان توفي قبل عامين، وعلي لايزال حيًا يرزق
والخمير؟
لايزالون يقبلون عليه وعلى الشاي
واللوحة باسم جديد؟
سنة الحياة
بوفية الشيباني- الصورة من إرشيف الكاتب

هنا كان قائد بابتسامته التي لا تنقطع، وقميصه المفتوح على صدره، ينتظر..

إلى أن تحين السابعة، يمتطي باص الجوية ويطير!
قائد الثاني ينتظر هو الآخر..
قائد المقطري يأخذ حبة الخمير و"قلص" الشاي، وينصرف..
شاي يا قائد؟
لا... سآكل الخميرة في الشركة، والشاهي على حسابهم. كان قائد المقطري جهاز كمبيوتر في الحسابات، وخلف أذنه يسكن القلم الرصاص!
تراجع تحت وطأة النكران حتى استقر قبل النهاية هناك في التربة..
قلت: الناس يقومون برحلة معاكسة يا مقطري..
ضحك بسخرية معهودة:
هناك أقرب.. لأصل إلى القبر سريعًا!
هذا الشارع مروا منه:
الصاعقة، المظلات، المشاة، الحزبيون، توزعت المنشورات ابتداء منه، وحط الرجال رحالهم بدون الرواحل في مقهاية أحمد علي الشيباني* الشاهدة على الزمان والمكان، زمان الحلم الكبير، ووجوه الرجال الذين آمنوا وخُذلوا!
الشارع الذي تقع فيه البوفية- الصورة من إرشيف الكاتب

من هنا كان ناجي يمر إما ذاهبًا إلى بيت المساح، أو خارجًا منه، وعلى إثره مر الوهاس صباحات كثيرة، وترك أثره على حواف القلاصات مرات أكثر!

من هنا كان يمر علي عبدالله صالح إلى بيت أخيه محمد القديم، والذي لايزال شاهدًا على المُخبّأ والمكشوف!
وناجي أحد جنود المظلات الذين قدموا حياتهم دفاعًا عن الثورة والجمهورية بدون من ولا ادعاء... كرسي ناجي لايزال هناك شاهدًا على الزمان والمكان، شاخصًا ينظر إلى الشارع الذي لم يعد شارع الرجال!
نجل أحمد علي الشيباني- الصورة من إرشيف الكاتب
 
عصر كل يوم بدون كلل ولا ملل، تراه، بفوطته المربوطة على طريقة عدن، تضع نفسها على رجليه، وجزمة بالشرابات، والشميز سيد المظهر، تراه من دكان إلى آخر يبحث عن "القلصات"، لا يكل ولا يمل، لا ترى الضحكة على وجه أحمد علي، الرجل الذي وفد ذات لحظة في الستينيات، يسهم في تعمير صنعاء، يقوده الحلم بالمستقبل... ولايزال اسمه يسكن شارع الدفاع في صافية صنعاء..
ندلف من الباب نبحث عن أحلى شاي وحبة خمير، يلاحظ أحمد علي الريشة في يد الرداعي، يسأله:
وهذه العصا مو تفعل بها؟
يضحك الرداعي:
اسأل بجاش.
سليمان ذهب إلى الطيران
علي* ظل يدور على القلاصات في الدكاكين
وأنا مررت أبحث عني
كانت الخميرة لاتزال بين الزيت فوق النار
وأنا أبحث عن وجه صاحبي...
 
......
ترددت كثيرًا على المقهى بحثًا عن صورته، فلم أجدها.
 
الصورة لعلي نجله الأكبر
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً