صنعاء 19C امطار خفيفة

قراءة في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس

قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة رسمية 22-26 يوليو 2024م، لواشنطن، بناء على دعوة موجهة له لإلقاء خطابه أمام الكونغرس (مجلسي الشيوخ والنواب).

 
وقد التقى خلال الزيارة كلًا من الرئيس الأميركي جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية القادمة في 5 نوفمبر 2024م، وكذا الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري في السباق الرئاسي أيضًا.
يسعدني أن أقدم قراءة حول الخطاب على النحو الآتي:
 

أولًا: أهم النقاط الواردة في خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس:

 
1. إن إسرائيل والولايات المتحدة على مفترق تاريخي وفي صراع بين التوحش والتحضر.
2. إنه لن يرتاح قبل أن يعود كل الرهائن إلى الوطن، ولن تتكرر مذبحة 7 أكتوبر 1923م الهولوكوست مرة أخرى.
3. إن "حماس" تنشر الأكاذيب للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب.
4. إن عدد الضحايا في حرب غزة هم الأقل في تاريخ حروب المدن.
5. "حماس" تريد موت المزيد من المدنيين، وتشويه سمعة إسرائيل للضغط عليها لإنهاء الحرب قبل تحقيق النصر.
6. طورنا بشكل مشترك مع الولايات المتحدة أكثر الأسلحة تطورًا من أجل حماية أنفسنا.
7. الحرب في غزة يمكن أن تنتهي غدًا إذا استسلمت حماس وألقت سلاحها، ولن نرضي بأقل من انتصار كامل على حماس ونزع السلاح ونزع الراديكالية كما نزع السلاح في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، واللتين شهدتا تطورًا حضاريًا في ما بعد، وهذه هي رؤيتي لغزة، ولكي يتربى جيل جديد للفلسطينيين لا يكرهون اليهود، وأن إسرائيل لا تسعى إلى تهجير الفلسطينيين.
8. توجيه الشكر للرئيس جو بايدن لمساعدة إسرائيل.
9. إيران تفكر في السيطرة على الشرق الأوسط أولًا من أجل مواجهة الولايات المتحدة.
10. حرب إسرائيل هي حربكم، وأعداؤنا هم أعداؤكم، ونصرنا هو نصر للولايات المتحدة، نحن لا نحمي أنفسنا فحسب، بل الولايات المتحدة أيضًا، فعندما نحقق النصر وهو يلوح في الأفق ستكون ضربة قوية لحماس، وإن إسرائيل ستعمل ما عليها فعله لإعادة الأمن، ومن يهاجم إسرائيل سيدفع ثمنًا باهظًا.
11. اعطونا السلاح والمعدات بشكل أسرع، وستنتهي الأمور أيضًا بشكل أسرع.
12. معاهدة السلام أو اتفاقيات إبراهيم أو مواثيق تحالف إبراهيم أو أبراهام، هو ما نتطلع إليه في الشرق الأوسط.
13. منذ 4000 عام كانت أرض إسرائيل موطنًا للشعب اليهودي، وستظل كذلك دائمًا.
14. إن كثيرًا من المتظاهرين ضد إسرائيل اختاروا أن يقفوا مع الشر ومع حماس، ويجب أن يشعروا بالعار.
15. المتظاهرون المعادون لإسرائيل يريدون تدمير الولايات المتحدة أيضًا.
16. إيران تمول المتظاهرين خارج الكونغرس الآن.
17. المتظاهرون يرفضون التمييز بين دولة إسرائيل الديمقراطية وحماس الإرهابية.
18. شيطنة الدولة اليهودية، ومعاداة السامية، وهي أقدم نوع من الكراهية، أدت إلى قتل اليهود.
19. اتهام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل بتجويع سكان غزة عبارة عن هراء وتلفيق. إن سكان غزة يعانون الجوع بسبب حماس.
20. نشكركم على اعتراضكم على الادعاءات الزائفة للمحكمة الجنائية الدولية.
21. أقول لأصدقائي إن إيران مصدر أكاذيب محكمة الجنايات الدولية.
22. لا ينبغي إدانة جنود إسرائيل الأبطال بسبب الطريقة التي يديرون فيها الحرب.
 23. إن الولايات المتحدة ستكون الهدف الثاني بعد إسرائيل.
24. النظام الإيراني يحارب الولايات المتحدة منذ تأسيسه.
25. إن إيران هي مصدر كل الإرهاب والفوضى، وتسعى لفرض الإسلام الراديكالي.
26. حينما نقاتل حماس وحزب الله والحوثيين، فنحن نقاتل إيران.
27. حماس تنشر الأكاذيب للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، وتستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية، كما تعرقل دخول المساعدات.
28. القدس عاصمتنا الأبدية التي لن تقسم مرة أخرى، وسندافع عن أرضنا حتى نحصل على النصر من أجل الحرية.
29. سنعمل مع شركائنا العرب لتحويل منطقة فقيرة ومضطربة إلى واحة للازدهار والأمن.
30. العمل مع الولايات المتحدة وشركائنا العرب.
31. ستبقى إسرائيل حليفة للولايات المتحدة الأميركية التي لا يمكن الاستغناء عنها في السراء والضراء وفي الأوقات العصيبة. شكرًا لكم مني ومن إسرائيل.
كما التقى نتنياهو أثناء الزيارة الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح للرئاسة، 5 نوفمبر 2024م، لتقديم شكره وتقديره على تعاونه الجم مع إسرائيل أثناء رئاسته.
 

ثانيًا: قراءة في خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس:

 
تخلل خطاب نتنياهو عاصفة من التصفيق المبالغ فيه من قبل أعضاء الكونغرس على كل فقرة يقرؤها وكل كذبة يدسها في خطابه، وبصورة تنم بوضوح عن مداهنة الكونغرس الزائدة لنتنياهو، وتشجيعه على تصرفاته المتهورة في المنطقة.
وفي اللقاءين اللذين جمعاه مع الرئيس الأميركي جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، المرشحة للرئاسة، استعرض الجانبان خطة الإدارة الأميركية التي شملت وقف الحرب وتبادل الرهائن وانسحاب الجيش الإسرائيلي وإدخال المساعدات والإعمار.
 
وجاء رد نتنياهو غير إيجابي، مشيرًا إلى أن إسرائيل لديها مقترح محدث أو معدل لوقف الحرب. وقد تم إرسال هذا المقترح -حسب الإعلام الإسرائيلي- من إسرائيل إلى الإدارة الأميركية، للاطلاع عليه، قبل إرساله إلى روما، لمناقشته في اللقاء الرباعي، يوم 28 يوليو 2024م، بين الموساد وCIA والمخابرات المصرية وقطر ممثلة بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية. وجاء رد الناطق الرسمي لحماس بأنهم قد وافقوا على اقتراحات الوسطاء التي رفضها نتنياهو.
وللأسف انتهى اجتماع روما مؤخرًا بفشل المفاوضات أيضًا، وبعدم جدية رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقف الحرب.
ولغرض في نفس رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإنه أخذ يماطل لكسب الوقت انتظارًا لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفوز دونالد ترامب، ولأسباب خاصة به أيضًا.
 

ما أود تأكيده هنا أن الأمر سيان سواء بفوز الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، فإن إسرائيل ستستمر بسياستها المدمرة في فلسطين المحتلة من قطاع غزة المكلومة إلى الضفة الغربية ثم القدس الشرقية، وسيستمر في نفس الوقت الدعم الأميركي الصهيوني غير المحدود من كلا الإدارتين.

 
وعلى صعيد آخر، هناك تصعيد جديد في المنطقة بين حزب الله وإسرائيل بسبب الهجوم الصاروخي على قرية "مجدل شمس" في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، والذي تسبب في قتلى ومصابين، وحسب الإعلام الإسرائيلي فإن الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لحرب شاملة ضد حزب الله.
وقد أدانت الدول الغربية ما حدث، وأسدت الإدارة الأميركية نصحًا بأن يكون الرد مدروسًا ومحدودًا، كما أضافت أن إسرائيل معها الحق في الدفاع عن نفسها.
 
حقًا، إن المنطقة تمر في فوضى، والوضع القائم يشبّهه البعض بنار لن يخمد أوارها في حال كان القصف خارجًا عن قواعد الاشتباك، وبخاصة بعد تحذير إيران لإسرائيل من مغبة الاعتداء على لبنان.
 
كل ما في الأمر، أن تنفيذ خارطة الشرق الأوسط وصفقة القرن هو ما تهدف إليه الولايات المتحدة بغية إحكام السيطرة على المنطقة العربية ذات الموقع الاستراتيجي، والزاخرة بمواردها وثرواتها، والسعي الحثيث للتوسع الإسرائيلي الصهيوني على حساب دول المنطقة، فضلًا عن الحد من التنافس الاقتصادي والتجاري للصين وتجمعي شنغهاي والبريكس.
 
في واقع الأمر، إن العرب لديهم ورقة رابحة لمواجهة المشروع الصهيوني، تتمثل بقيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967م وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لمبادرة السلام التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بين الفلسطينيين وإسرائيل، في مؤتمر القمة العربية المنعقد في 27 مارس 2002م، في بيروت، والمشمولة أيضًا بعودة اللاجئين الفلسطينيين، والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة مقابل إقامة العلاقات العربية مع إسرائيل.
 
إن اليهود قوم لا يتقيدون بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية طالما أن الماسونية الصهيونية هي صاحبة القرار، وهي من تقف بجانب إسرائيل ماليًا وعسكريًا لخدمة أطماعها.
قمين بالذكر، إن إصرار نتنياهو على احتلال معبر رفح ومحور صلاح الدين (محور فيلادلفيا) على طول الحدود المصرية -الفلسطينية، وبشتى الادعاءات الزائفة، يعد انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الموقعة بين مصر وإسرائيل، وعدم المبالاة بحقوق الآخرين طالما أن هناك من يشجعها ويدافع عنها.
 
وكل ما يحدث له تاريخ، ويستحضرني في هذا الصدد أطماع وتآمر الدول الغربية على المنطقة العربية، وبخاصة في مؤتمر القمة الذي انعقد في بريطانيا، بحضور فرنسا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا، عام 1907م، وصدور وثيقة سرية سميت وثيقة "كامبل بنرمان"، رئيس وزراء بريطانيا، وتعتبر أخطر وثيقة تدميرية للعرب والمسلمين، وذلك بزرع دولة إسرائيل الصهيونية أخطبوطًا في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا في فلسطين العربية، لتحول دون تقارب الدول العربية في الشقين الآسيوي والإفريقي، لأن في وحدتهم كما يزعمون خطرًا على مصالحهم. لذلك لا نتوقع من إسرائيل التقيد بالعهود والمواثيق واحترام الاتفاقيات.
 
فبعد الحرب العالمية الأولى تم انتداب بريطانيا في فلسطين لتنفيذ الوثيقة بإقامة دولة إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية عام 1948م.
وما زاد الطين بلة، اعتراف الدول الكبرى في مجلس الأمن (الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا) بدولة إسرائيل عام 1948م، أعقبه تقسيم فلسطين العربية إلى دولتين، فلسطينية عربية، ودولة صهيونية محتلة باسم "إسرائيل".
 
حقيقة الأمر، أن العرب على مفترق طرق؛ فإما التعاون والتنسيق بإنشاء اتحاد عربي، وسوق عربية مشتركة، ودفاع عربي مشترك، والانطلاق صوب المستقبل المنشود نظرًا لما أنعم الله عليهم من موقع استراتيجي بين الشرق والغرب، وإمكانيات ومقدرات يحسدون عليها، ولنا في جمهورية الصين الشعبية أنموذج، فقد نهضت من الحضيض بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبحت قوة اقتصادية كبرى تنافس الغرب، وبمقدور العرب موحدين العمل بالمثل وأفضل.
 
وأخيرًا آمل وأتمنى على إخواننا الفلسطينيين بفصائلهم أن يلموا الشمل تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها دوليًا، وإقامة دولتهم المستقلة بحدود 4 يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وقطع الطريق أمام العدو الصهيوني الذي أخذ يمزق فلسطين بوحشية، وبهدف تصفية القضية الفلسطينية، مهتبلًا فرص الخلافات الفلسطينية -الفلسطينية والفتن الداخلية في الدول العربية.
 
فهل آن للعرب إدراك الخطر المحدق على المنطقة، ودرء الهجمة الصهيونية الزاحفة قبل فوات الأوان؟

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً