صنعاء 19C امطار خفيفة

تهافت توم آند جيري

لا شك بأن أغلبكم مازال يتذكر أفلام الرسوم المتحركة لأفلام مغامرات توم آند جيري التي قدمتها السينما الأمريكية بخبث مغطى بطبق مشهيات من كوميديا الهزل الأمريكي المروج لصراع الأضداد وما يختزنه كل جانب بجعبته من قوى المكر والخداع لدى طرفي الصراع توم وجيري، وهما يبدعان بتقديم مقالب وحيل يمتلكها كلاهما بغية الإجهاز على غريمه.. إنها من مخرجات مخازن مكر المدرسة الأمريكية التي تخفي جواهر الصراع، وتركز على عناصر الإثارة وعناصر التهريج والإطاحة بالخصم عبر عناوين ومواقف يجهر بها كل طرف... ملهاة مثيرة تسترعي الانتباه وتثير الضحك، بينما يظل الجوهر يتوارى خلف فلسفة الإجهاز على الخصم المختلف معه. وها نحن نشاهد الصورة الأكثر إثارة لصراع توم آند جيري، نراها مجسمة بصراع قمة الصراع داخل تناقضات قوى ما بات يعرف بالدولة العميقة من أرباب المصالح بيوتات مالية أو أطراف المجمع الصناعي الضخم. إنه صراع تستخدم فيه كافة أنواع الأسلحة بدءًا بالتشهير وانتهاءً بالإطاحة عبر سبل تتنافى مع ما يسمونه سيادة قيم الديمقراطية الأمريكية، لنتأكد مع الأيام أن صراع المصالح والبقاء ضمن سدة القرار مسألة تسقط أمامها كل القيم والادعاءات. والسؤال الذي يتحفز متسائلًا: وما مناسبة كتابة موضوع كهذا على واقعنا المثخن بالجراح والدماء، وبكل العناوين التي تفتك بحياة المواطن المطحون الباحث فقط عن الخلاص مما يفتك بحياته من صراعات توم آند جيري، إذ هما يتصارعان بعيدًا عما يقدم حلًا لقضايا الأمن والاقتصاد والخروج من نفق الحرب المدمرة، ولا يتضح لها نهاية يطمئن لها المواطن.

 
هذا الأمر الذي وجدت فيه هروبًا من بعض النخب والأقلام وهى توجه سيلًا بل مطرًا محملًا برذاذ الغبار الذري، وهي مقالات وتحليلات تشعبت تتابع ليس كما يبدو رحلة استكشافية محدثة لرحلات ابن بطوطة أو رحلات فاسكو دي جاما، لكنها كانت مقالات تحمل كلمات وتساؤلات من العيار الثقيل تتبعت بحرص وتعمد تحركات وتصريحات وزيارات الأخ الرئيس علي ناصر محمد، زيارات وتحركات صورتها صورة ممنهجة من خلفيات مكائد ومكر كل من توم وجيري سعيًا من كل من منهم للإيقاع بغريمه، وإثبات جرم وخطأ ما يأتيه من أفعال.
 
حملة شعواء من العيار الثقيل طالت شخص وتاريخ الرجل... هي لحظات تصفية حسابات... تصفيات حسابات مع الماضي وضمن مفاهيم للتهافت تختلف بين مفهوم تهافت الفلاسفة للإمام الغزالي الذي رمى الفلسفة والفلاسفة بالزندقة واتباع العقل الهائم في ما يضر، ولم يكن نوعًا من تهافت التهافت الذي واجه عبره مقولات الإمام الغزالي تلك التي رمت من اختلف معهم بالزندقة، وهو ما وجدناه من تهافت الكثيرين حاملين راية الجلد والذم لعلي ناصر انطلاقًا من دوجما سابقة صنفت من تختلف معهم بالردة والكفر، وتذم أي تحرك جديد إنما يغرف من نفس المياه الضحلة الآسنة التي قد سبق أن غرق فيها... كلنا يعرف ويدرك أن فتح صناديق الماضي تثير زوابع وجدلًا عقيمًا.
 
ومع ضرورة التأكيد على أهمية أن تتم القراءة بروية غير متحيزة جهدها ينصب فقط لكشف الحقيقة كما تبينها الوقائع، لأن البقاء ضمن ثنائية تلغي كل منها الآخر، وتحمله الجرم، هنا تضيع الحقيقة بين مخالب حيل ومكر توم آند جيري، رغم ما يصاحب مكرهما من إثارة وتشويق، تمامًا كما نشهد حاليًا تساقط آلهة الأوليمب الأمريكي كليهما بايدن وترامب أمكر وأكثر خبثًا، لكن المصالح العليا للدولة العميقة بصورتها الصهيوأمريكية صورة تتجلى ويعلو صوتها حتى وإن حاولوا محاربة الحقيقة، حتى وإن أوقعوها تحت الهجوم... والهجوم المضاد بين كل من توم آند جيري بين أقطاب القوى الرأسمالية المسيطرة أمريكيًا، أو كانت قوى أخرى تنتمي لمجتمعات تطحنها الصراعات والحروب كما هو جارٍ في بلادنا اليمن.
 
هذا ما شاهدناه مع ما ترافق من رمي تهم طالت شخص وتاريخ الرئيس علي ناصر مع شخط ونخط وزعيق لذاك الذي يتحرك خلاله كل من توم آند جيري، وتترافق معهما أصوات كثيرة... تثير الزوابع وتلقي بعلي ناصر وتاريخه تحت سنابك الاتهام، وليتصاعد الأمر المشكك بحركته وتحركاته كأنها رحلة الملتاع والمتحرق شوقًا لكرسي الرئاسة دونما أي اعتبار من قبله لما تتضمنه تحركاته من شبهات تثير الأسئلة التي لاكها كل من توم آند جيري، ومن ينتمي من مهرجين لهكذا موال، وجدنا أقوالًا وتهمًا ما أنزل الله بها من سلطان... لاكوا.. قالوا ها هو يتحرك من بيروت إلى دمشق إلى القاهرة إلى موسكو، واختتامًا لإسىطنبول عاصمة الخلافة المحتضرة والمقر الآمن لوجوه مازال على وجوهها غبار معارك دمرت بلدًا وشعبًا، واتخذت من بلاد الترك ملاذًا وأمانًا... وكانت إثارات وإشارات ذات مفعول يسعى للقول بأن زيارات كهذه ليست بريئة، بل كانت تخفي في أضابيرها عناوين لترتيبات جديدة تسعى لإبراز واقع سياسي جديد يتم إعداده هناك، وتلك صورة والله من إبداعات توم آند جيري... لما يقذف الرجل ويلقي به خارج التاريخ، هو مسؤول عن تحركاته، ولا ضير من انتقادات سياسية ذات معنى ترتبط بتلك التحركات بعيدًا عن إيحاءات لا تغيب عن صاحب العقل اللبيب.
 
الرجل مازال يملك إرادة وقدرة على الحركة، لا يملك أحد الحجر عليها... مازال يمتلك حقًا أن يتحرك أين شاء وكيفما يشاء، والسياسة ميدان مفتوح للنقد بعيدًا عن التهافت الأبعد عن تهافت التهافت لابن رشد... السياسة ميدان مفتوح لمن يملك المعطيات، ويمتلك القدرات لتقديم إجابات جادة تلبي طموحات شعب وبلد. وبحكم أننا ضمن فريق مجموعة السلام العربية التي تضم تحت سقفها أسماء وكفاءات عربية سامية من كافة الأقطار العربية، والتي يشرف عليها ويرأسها الأخ الرئيس علي ناصر، وتضم نخبًا ذات مكانات سامية كما أشرت أنها مجموعة تكونت بقناعة وعبر عصف فكري أنتج بعده هذا الكيان. وتأكيدًا هو كيان ليس على شاكلة مقالب توم آند جيري. وللعلم فقد كانت زيارة موسكو تلبية لدعوة وجهت للمجموعة، كما وجهت أيضًا دعوة أخرى من العراق الشقيق رافقها جدل ساخن حول المهمة وكيفية تشكل الوفد الممثل لمجموعة السلام العربية.
 
للعلم نحن ندفع رسوم اشتراك سنوي، كما يشترط دفع رسوم عضوية دون سدادها لا يتمكن العضو من المشاركة في الاجتماعات السنوية أو أية فعالية من فعاليات المجموعة.
كتبت ما كتبت لنبتعد عن هزلية توم آند جيري لممارسة سياسة تنتج جديدًا، وتخلق جدلًا حول أمرين مازالا يربكان ساحات الصراعات العربية ببلادنا أو غيرها.
 
إن جهد المجموعة العربية للسلام يهدف لخلق توافقات وخلق مناخات تؤدي وتقود إلى توافقات تطفئ لهب الحرب، وتشرع في ممارسة سياسات تشارك بها كل القوى الحية التي تؤمن بهكذا سبيل بديلًا عن النفي واستمرار معارك الحرب دونما أفق، بل تحول الساحات الوطنية إلى ساحات لقوى غير وطنية تسير الأمور وفقًا لمصالحها.
 
إن هدف تحركات الأخ الرئيس علي ناصر، كانت تحت مظلة تحمل الهم الوطني، تتظلل بظلال الوطن كله، ولصالح مستقبله، بعيدًا عن قراءات توم آند جيري التائهة في مخاضات آخرها هموم الوطن والمواطن، ولا يستطيع أي مدعٍ الاتجار بهما، فمن حاولوا ذلك أصابتهم لعناته، وهي لعنات قاتلة تتحرك بضمير شعب وبلد يبحث عن مشروع وطني للخلاص مما هو فيه من ضياع، ونقول مرحبا بأي جهود ومشاريع تصب بذات الاتجاه، ولا تتاجر داخلها لمصالح أنانية ضيقة.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً