صنعاء 19C امطار خفيفة

التلوث القادم.. العدو المتواري خلف السخام

حرائق الوقود تبتلع سماء اليمن!

2024-07-21
حرائق الوقود تبتلع سماء اليمن!
حرائق خزانات الوقود في الحديدة غربي اليمن (شبكات تواصل)

الاهتمام في حصص الجغرافيا أمر صعب على معظم الطلاب، من الذي يهتم لحشائش السافانا؟ وكلما لاحظت المعلمة انشغالنا بعيدًا عنها، كانت توبخنا بشدة.

الإساءة للطبيعة هو شر إنساني. ثم تقضي بقية الصف بالحديث عن تلوث قنابل هيروشيما وناجازاكي وحرائق آبار النفط في الكويت!

قالت معلمتي إن على اليمني أن يحترم الأرض، فهي عمود ظهره واستقامته.

اليوم، في الأزمة الإنسانية التي تحاصر اليمنيين منذ سنين، قد يكون الالتفات إلى المشاكل البيئية نوعًا من الرفاهية والتزيد الذي لا وقت له، ولكن في بلد زراعي يعتمد على ما تحصده يداه، فليس أمامنا إلا أن نقلق.

اليمن أرض طيبة، وهذا لا شك منه، ولكنها شحيحة المياه. عرف أجدادنا هذا منذ القدم، فحفروا السدود، وبنوا المدرجات، وعلى ظهر هذه الجهود قامت الحضارة اليمنية، واستمرت آلاف السنين. إلا أن الزراعة شهدت انحدارًا عنيفًا منذ القرن الماضي، ووصلت ذروتها نتيجة للصراع في اليمن، حتى أصبحت شحة المياه هي المشكلة الأكثر إلحاحًا لسكان الأرياف اليمنية منذ سنوات. تبع ذلك تلوث الهواء بدخان الحروب، ثم الاستخدام المفرط للأسمدة الممنوعة دوليًا، في محاولة متطرفة لزيادة المحاصيل، وهي أسمدة إلى جانب خطورتها المباشرة على صحة الإنسان، فإنها تتغلغل عميقًا في التربة، وتفسد خصوبتها، وتختلط بالمياه الجوفية فتلوثها، وينتج عنها أمراض مزمنة وخطرة من فشل الكلى والكبد والأعصاب، وحتى السرطانات.

نحن محاطون بالسموم بالفعل، نأكلها ونشربها ونتنفسها في كل لحظة، وأروقة المستشفيات تشهد تفاقمًا مروعًا في أعداد المرضى!

واليوم نزداد كيلًا جديدًا على ظهورنا حين تتعرض المنشآت النفطية للقصف، وتبتلع النيران السماء في ميناء الحديدة!

الحديدة مورد اليمنيين في الشمال، وبثرواتها السمكية وسهولها الممتدة ووديانها العريقة، تعد المحافظة المنتجة الأولى على مستوى البلاد، والتي واصلت رفد اليمنيين بالحبوب والخضار والفواكه تحت كل الظروف.

كيف سيتأثر اليمنيون بالاحتراق؟

التلوث بالنفط هو ثاني أسوأ التلوثات بعد التلوث النووي.

من الصعب إخماده، وينتج عن احتراقه تكون دخان محمل بالسخام وأعمدة سوداء سميكة تنتشر في اتجاه الريح أثناء صعودها إلى الغلاف الجوي، مما قد يؤثر على جودة الهواء، ويتسبب بهطول ما تسمى "الأمطار الحمضية"، وهي الغيوم المحملة بمخلفات الاحتراق، وينتج عنها موت سريع للأحياء البحرية، وتدمير لمغذيات التربة.

كما تنتج بقايا زيتية ناتجة عن الاحتراق غير الكامل للنفط، يسهل تسربها في الأنحاء إذا لم يتم إحكام السيطرة عليها.

وأخيرًا، فإن الانفجار قد يؤدي إلى تسرب النفط نحو المياه في البحر الأحمر، وهي المشكلة الأكبر؛ لتر واحد فقط من النفط يمكن أن يلوث مليون لتر من المياه!

وعليه، يرجى الاحتراس من تناول أي أسماك للفترة القادمة، وأخذ الاستعدادات اللازمة لمرضى الربو والشعب الهوائية، وابتعاد النساء الحوامل عن استنشاق الهواء الملوث، كما يجدر بالجميع الحذر من الاقتراب من موقع الاحتراق.

لقد سلبتنا الحرب كل شيء بالفعل، كرامتنا وأحلامنا وأحباءنا، لم يبقَ لنا شيء، يعيش اليمني يومه على بديهية استمرارية الحياة مادام يتنفس، هل سيسلب منا الهواء أيضًا؟

لن تمر سنوات الإساءة إلى الطبيعة مرور الكرام، نحن أمام مشكلة حقيقية نعاني تبعاتها بالفعل، وسنورثها الأجيال القادمة.

كانت معلمتي محقة، على اليمني أن يحترم الأرض، فهي عمود ظهره واستقامته.

 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً