صنعاء 19C امطار خفيفة

رسالة إليهم

رسالة إليهم
مشروع وثيقة السلم والمصالحة
الأعزاء الموقعون على مشروع وثيقة السلم والمصالحة الوطنية الشاملة في اليمن
    
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد.
فلقد سررت واستمتعت بقراءة مشروع وثيقة السلم والمصالحة. فهي مشروع مهم في وقت وبلد غابت وغيبت فيه الأحزاب الموزعة على خارطة الحرب، والآزفة عن مواجهة قدرها ومسؤوليتها، وصودرت وقمعت النقابات والاتحادات المدنية في اليمن كلها.
مشروع وثيقتكم يلقي الضوء على جانب مهم من وظيفة النخب ورسالتها. المشروع جهد نظري، وتفكير صائب وسليم لما يجب أن يكون عليه الحال في يمن سبتمبر وأكتوبر، يمن الوحدة، ويتضمن الأسس النظرية الصحيحة لعلاقة اليمني باليمني، وعلاقتهم بمن يختارونه لحكمهم.
المشروع دعوة نبيلة للسير في الطريق الآمن والسليم. للمجتمع اليمني، ولأطراف الصراع العبثي في سلطات الأمر الواقع كتوصيفكم الصائب.
المشروع "الوثيقة" في طابعه العام والمجرد، أقرب للتوجيه والنصح والتبصير لما ينبغي أن يعمل الجميع حكامًا ومحكومين، وهو جهد زاكِِ يشكر مقدموه والموقعون عليه، ولكن ملاحظاتنا أيها الأعزاء، أن هذا الجهد الطيب مهم، ولكن تشخيص الحالة العامة القائمة، والواقع العيني الذي يفقأ العين، ويخز الضمير، ويدمي القلب، مهم أيضًا. اليمن المفكك والمجزأ يفقد السيادة والاستقلال.
محكوم بمليشيات كل شرعيتها امتشاق السلاح. غاب الأمن والسلام والاستقرار والتنمية والبناء. لا تحتكم المليشيات في كل اليمن إلى دستور أو قانون أو نظام أو مبادئ أو أهداف.
لم يقترب المشروع من حالة المجاعة التي تطحن غالبية السكان، والأوبئة المنتشرة التي تقوم بوظيفة القتل "المنتظر". التشخيص للحالة العامة مهم، واستنهاض هم الناس أهم. في اليمن تعطل كل شيء ماعدا حمل السلاح، التعليم، التطبيب، الأعمال الحرة، الوظيفة العامة، قطعت الأرزاق والمرتبات، ونهبت مدخرات الناس وإيداعاتهم، واستبيحت اليمن  بتقطيع أوصالها، والتطاول على جزرها وموانئها، واستبيح كل شيء فيها.
احتفى المشروع بما ينبغي أن يكون عليه الحكم، وما يهم المواطن أكثر معيشته ومستقبل أبنائه "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".
الحياة تكاد تكون مصادرة. صودرت الحريات العامة والديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير، انتهكت حقوق الإنسان. السجون والمعتقلات والزنازين ملأى بالأبرياء. الحصارات الداخلية لم تستكمل إزالتها، أو لم تعد الطرقات إلى ما كانت عليه، الحصارات الخارجية قائمة، ولم يتم تبادل الأسرى "الكل مقابل الكل"، والتهديد بالعودة للحرب ماثل.
الأعزاء الموقعون على المشروع، دعوة الناس للاحتجاج المدني ليست جريمة، الجريمة منع الناس من الاحتجاج ضد مصادرة إرادتهم، ونهب ثرواتهم، واستباحة حقوقهم، وكبت حرياتهم، والتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي، وفرض الحصار الجائر على وطنهم، وتهديد البوارج والأساطيل الاستعمارية للمياه الإقليمية، والعدوان المستمر على اليمن، هي ما يوجب الدعوة للتصدي.
مشروعكم قام بما عجزت عن القيام به قيادات أحزاب سياسية ارتهنت للصراع الأجنبي، وأصبحت جزءًا من صراعات لا تخدم اليمن وشعبها.
سلطات الأمر الواقع في الشمال والجنوب، يتنافسون على من يقدم الأنموذج الأسوأ، ويتبارون على تقديم الإجراءات التي تصور كما لو أنها ضد بعضهما، بينما هي فعلًا ضد الشعب اليمني، أما الفساد والاستبداد فهما الحاكمان الفعليان.
لمشروعكم الوطني الاكتمال والانتصار، والوعظ بالحال والأفعال دائمًا أبلغ من الوعظ المجرد.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً