في مداهمات "أمنية" غير متوقعة لا علاقة لها بأمن البلاد ومصالح العباد، اعتقل في ٦ يونيو، عدد من موظفي منظمات دولية ومدنية يمنية. أودع الجميع جهة/ جهات مجهولة، في إجراء "سافاكي" يذكرنا بطريق سُلِك ولكن بشكل محدود عندنا قبل ٢٠١١.
كان الظن بأن الاحتجاز لن يدوم لأكثر من ساعات، ولكنه تجاوز حتى كتابة هذه السطور الأسبوع، والأمل في أن حرية المسجونين ستكون قريبة، وقبل عيد الأضحى، مع براءة معلنة واعتذار لكل منهم، أما من يدان فبحكم قضائي تتوفر فيه كل أركان المحاكمة العادلة والنزيهة والشفافة والعلنية، بما في ذلك حضور محامٍ أو أكثر للدفاع عن المُدعَى عليه.
إن حملات تشويه من يعملون في المنظمات الدولية، لم تتوقف، وبلغت ذروتها ضد النساء، بما في ذلك التجرؤ الوقح المغلف بالدين على المس بوطنيتهن وبأعراضهن. الاعتقالات الأخيرة تخلق استنتاجًا وحيدًا، هو أن من يعمل في منظمة أجنبية ولاؤه الوطني هش وجاهز للتفريط به بأي ثمن، ناهيكم عن خلق تصور عام بأن المنظمات الدولية عدوة لليمن.
رباب المضواحي من ضحايا هذه الاعتقالات، وهي الابنة البارة للدكتور الراحل عبدالقدوس المضواحي، الوطني، العروبي، القائد الناصري، الذي رضعت في بيته أبجديات الوطنية والعروبة وحب الوطن، وأفنى حياته حتى آخر لحظة فيها مناضلًا من أجل حياة حرة كريمة لكل مواطن بدون تمييز أو تفرقة مذهبية أو مناطقية أو أسرية وغيرها من الأوبئة التي طفحت في مجاري السنوات الأخيرة، وأعادت اليمن إلى الوراء مع تقسيمات منبوذة وجوع وفقر وأمراض واستبداد وبطالة.
قم يا عبدالقدوس:
قم لتعلم أن من ربيتها على الأخلاق والفضيلة وحب الوطن والعروبة، مسجونة بدون تهمة، وأن تهمتها الوحيدة هي أنها تعمل في منظمة أجنبية مرخص لها قانونًا بالعمل في البلاد، ولم يُثر حول عملها أي شك طوال سنوات طويلة، وتجدد ترخيص عملها بحسب النظام.
قم يا عبدالقدوس لتشهد على المنحدر الذي بلغناه ولا أفق للتراجع عنه.
قم لتعلم أن العيد على الأبواب ورباب ورفاقها خلف الأبواب.
قم لتعلم أنهم يشيعون أن وضعها خطير، بمعنى أن هناك ما يدينها ويبرر اعتقالها، وأن الاعتقال لم يكن جزافيًا أو مخالفًا للقانون.
قم لتعلم أن ثقافة عهد علي صالح لم تتغير، وهي نفس الثقافة التي كانت تهدف لإبعاد حتى الأهل عن التوسط لإطلاق سراح من يقع في قبضة الأمن الغليظة، وأن من يسمع هذا الافتراء ينأى بنفسه عن التوسط، أما الأسرة فقد تتوقف عن السؤال والاستعانة بالغير، ويُسجن دورها في رعاية سجينها غذائيًا. ومن المسلم به في مثل هذه الحالات أن هناك من يعتقد بأن السلطة دائمًا على حق، وأنه سيبغبغ ما تقوله، مما يساعدها في قمعها وانتهاكاتها للحريات، وعلى تكرار أفعالها.
إن الحكمة تقضي بعدم توسيع دوائر الخصوم، والبعد عن خلق حالة من الجفاء، وربما القطيعة مع المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة التي استنكرت الاعتقالات، ووصفتها بالمشينة.
الحرية لرباب المضواحي ورفيقاتها ورفاقها.