صنعاء 19C امطار خفيفة

الضالع شهدت أولى عمليات النزوح الجنوبية وتعيش مع لحج حصار مياه مستمرا والأوضاع فيهما إلى كارثة انسانية بعدة رؤوس

2010-03-24
الضالع شهدت أولى عمليات النزوح الجنوبية وتعيش مع لحج حصار مياه مستمرا والأوضاع فيهما إلى كارثة انسانية بعدة رؤوس
الضالع شهدت أولى عمليات النزوح الجنوبية وتعيش مع لحج حصار مياه مستمرا والأوضاع فيهما إلى كارثة انسانية بعدة رؤوس
جنوب  اليمن كساحة حرب
* نبيل  سبيع
 حوالى الواحدة والنصف من ظهيرة الثلثاء قبل الماضي (6 مارس)، كان عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي عبد الحميد طالب (51 عاما) يقف خلف إحدى نوافذ مقر الحزب الواقع وسط مدينة الضالع ويلتقط بحماس صورا لعربة مصفحة (B.M.B) كانت تمر في الشارع الرئيسي وتطلق الأعيرة النارية بشكل عشوائي على المنازل. لم يلحظ من مكانه الأهداف التي أصابتها الأعيرة، لكنه لم ينتظر طويلا قبل أن يكتشف أنه كان قد وثق بالصور دون أن يدري عملية قصف منزله.
  بعد فترة وجيزة من مرور المصفحة وعملية التوثيق الاستثنائية، استقبل عبد الحميد ابنه هشام (15 عاما) مع الخبر. هرع على الفور الى المنزل الذي هو عبارة عن شقة تقع فوق دور أرضي يستخدم كمحال تجارية ويقع في حي المتحف على الشارع الرئيسي في الجهة المقابلة لمقر الحزب. عند وصوله، وجد آثار ثمانية أعيرة على جدران وسقف المجلس الذي كان ما يزال ممتلئا بالأدخنة والغبار وبرعب أسرته. اخترقت الأعيرة جدار ونوافذ المجلس المطلة على الشارع وأحرق أحدها ستارة البلكونة بالكامل فيما أصابت شظية عيار آخر كتف ابنه أحمد (13 عاما) الذي كان لحظتها واقفا بمفرده يتابع من إحدى نوافذ المجلس حركة المدرعات والأطقم العسكرية في الشارع المضطرب.
لم تكن إصابة  الفتى بليغة بحيث تستوجب نقله الى المستشفى، لكن والدته تقول إن الشظية والحادثة إجمالا حفرتا في نفسه خوفا شديدا، إذ لم يعد يجرؤ على التواجد وحيدا داخل المجلس أو الخروج الى الشارع بنفس حريته السابقة. ووفقا لعبد الحميد، لم تكن أسرته هي الوحيدة التي روعها القصف، بل إن أفراد الأطقم العسكرية الثلاثة التي كانت تقف أمام منزله منذ ثلاثة أيام أصيبوا بنصيب من الرعب. فعندما سألهم عن سبب تعرض منزله للقصف، أجابوه أن المصفحة أطلقت النار عشوائيا وأنهم تفاجأوا وخفضوا رؤوسهم لحظة عبرت الأعيرة من فوقها تماما. يقول عبد الحميد: "كان قصفا عشوائيا لترويع الناس حتى أن المصفحة أصابت أيضا المنزل المجاور لمنزلي بعيار آخر اخترق إطار إحدى نوافذه المصنوع من الألمنيوم".
لم تكن تلك عملية القصف العشوائي الأولى في مدينة الضالع التي كانت حينها تمر باليوم الرابع من عمر الحملة الأمنية التي تشنها القوات الحكومية في محافظتي الضالع ولحج لضبط من أسمتهم السلطات بالمطلوبين الأمنيين. فقبل ذلك، كان عدد من الصحف والمواقع الألكترونية غير الرسمية قد تداولت أخبارا عن تعرض سبعة منازل لقصف عشوائي بقذائف الدبابات وال آر. بي. جي أدى الى تدمير اثنين منها تدميرا كليا فيما تعرضت الخمسة المتبقية لتدمير جزئي. وعدا ذلك، طال القصف العشوائي عددا آخر غير معروف من المنازل والأعيان المدنية الأخرى (كل ما لا يمثل مرفقا عسكريا من مرافق مدنية حكومية وغير حكومية).
الاستخدام المفرط للقوة  هو أحد الملامح البارزة في الأحداث  المتصاعدة في محافظتي الضالع ولحج. فقد دفعت السلطات بقوات كبيرة  إلى المحافظتين في إطار ما وصفته  بالإجراءات الأمنية المشددة التي قالت إنها لضبط مرتكبي أعمال التخريب والخارجين عن النظام والقانون والأعمال المسيئة للوحدة اليمنية في إشارة للاحتجاجات السلمية هناك التي ترفع أعلام اليمن الجنوبي سابقا. لكن القوات التي دفع بها إلى هناك لا تتناسب مع وصف "الحملة الأمنية" عند أية درجة، بل إنها حملة عسكرية بدرجة رئيسية. فعدا عن قوات الأمن المركزي والنجدة، ضمت الحملة تشكيلات من الجيش معززة بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة كالدبابات والمدفعية والمدرعات التابعة للواء 35 مدرع واللواء 113 والحرس الجمهوري.
ويبدو خرق قواعد القانون الدولي الانساني المتعلقة بحماية المدنيين والتجمعات السكانية في النزاعات المسلحة الوجه الأبرز لهذه الحملة العسكرية الأمنية. فعدا عن الاستخدام المفرط للقوة والقصف العشوائي، اتجهت الحملة إلى استحداث المواقع العسكرية والتمركز في الأحياء المكتظة بالسكان وفوق المباني السكنية وبالقرب منها وفوق المرتفعات المطلة عليها. على سبيل المثال، تمركزت قوات الحملة في عدد من المباني السكنية وسط المدينة بعد أن أجليت الأسر المقيمة فيها، في خرق صارخ للقاعدة (23) من القانون الدولي التي تقضي بـ«تجنب إقامة الأهداف العسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها أو بالقرب من الأهداف ذات الحماية الخاصة».
  وفي خرق للقاعدة (10) القاضية بحماية الأعيان المدنية وعدم تحويلها إلى أهداف عسكرية، قامت القوات الأمنية والعسكرية بالاستيلاء على مدرستي مجمع الرئيس التربوي ومدارس الجريذي وحولتهما إلى ثكنتين عسكريتين بعد إغلاقهما في وجوه الطلاب. كما استولت على مبنى المجلس المحلي في مدينة الضالع وحولته إلى ثكنة عسكرية، ما دفع المجلس إلى عقد اجتماع استثنائي صباح السابع من الشهر هدد فيه بتعليق أعماله ما لم تخل الوحدات العسكرية مقر عمله مع المدارس المذكورة. وفي انتهاك منفصل للأعيان الثقافية، داهمت القوات قصر الأمير شعفل الذي يطل على المدينة وأقامت ثكنة لها هناك. وطبقا لكل الإفادات، ما تزال المدرستين ومقر المجلس المحلي مع قصر الأمير تحت سيطرة قوات الحملة. وقد أدى هذان الانتشار العسكري والقصف العشوائي غير المراعيين لقواعد القانون الدولي الانساني الى نزوح عدد غير معروف من الأسر يتجاوز بحسب هذه الإفادات عدد الأسر التي تعرضت منازلها للقصف.
الضالع ولحج بحاجة  ماسة لتحرك حقوقي ومدني وسياسي عاجل لانقاذ أوضاعهما من التفاقم. لقد حجز الثالث من مارس الجاري موقعه في تاريخ الاحتجاجات الجنوبية باعتباره يوما استثنائيا. فهو أول أيام الحملة العسكرية الأمنية ضد الاحتجاجات واليوم الذي شهد أطول وأعنف الصدامات المسلحة على الإطلاق بين القوات الحكومية ومسلحين محسوبين على الحراك، كما أنه اليوم الذي سقط فيه أكبر عدد من القتلى والجرحى وسط الجنود. فقد استمرت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين منذ السادسة صباحا حتى ال12 ظهرا وخلفت 4 قتلى من الجنود و12 جريحا (11 جنديا وإمرأة). وقد مثلت تلك الصدامات تدشينا لقائمة مفتوحة من القتلى والجرحى في الجانبين، إذ سقط حتى الآن على الأقل نحو 10 من المحتجين الجنوبيين وعدد غير معروف من الجرحى فضلا عن 75 معتقلا بينهم 20 رهينة. وإذا ما قدر للوضع القائم اليوم أن يتطور باتجاه عنف مسلح طويل الأمد، فسيكون علينا أن نتذكر الثالث من مارس باعتباره اليوم الذي شهد أولى عمليات النزوح جراء العنف المسلح في جنوب البلاد.
فقد أدى القصف المدفعي العشوائي إلى أولى عمليات النزوح من حي المطار وحي حبيل جباري في مدينة الضالع. وفي اليوم التالي، انضم الى القائمة حي دار الحيد الواقع تحت قصر الأمير شعفل حيث تتموقع وحدة عسكرية مدفعية. وفي الأيام التالية، تواصلت عمليات النزوح عن الأحياء الثلاثة بعد تعرض العديد من منازلها للقصف والتدمير العشوائيين جراء وقوعها في منطقة وسط بين قوات الجيش المتمركزة فوق الجبال المحيطة بالمدينة وفوق أسطح بعض البنايات وبين المسلحين المحسوبين على الحراك الذين ينشطون ليلاً ويساهمون في دفع الجنوب الى كارثة.
وقد نزح أغلب هذه الأسر إلى قراها ومناطقها الريفية خارج مدينة الضالع، في حين بحثت الأسر الأخرى التي ليس لديها امتدادات ريفية عن أحياء ليست عرضة للقصف المباشر داخل المدينة. ويتحدث أحمد الزوقري رئيس المنتدى الديمقراطي المعاصر (وهي منظمة حقوقية تتخذ من الضالع مقرا لها) عن عمليات نزوح معاكسة من القرى الواقعة في محيط مدينة الضالع الى داخل المدينة. فقرية "الكبار"، الواقعة في محيط المدينة أمام بوابة معسكر عبود سابقا (الحمزة حاليا) حيث يقع منزله، شهدت- كما يقول- نزوح أسرتين إضافة الى نصف أسرته بسبب القصف العشوائي.
ولم تقتصر نتائج  القصف العشوائي على إجبار الأسر على النزوح، بل أدت الى بوادر كارثة انسانية أخرى في خروقات إضافية لقواعد القانون الدولي. فقد تعرض عدد من خزانات مياه المنازل للقصف وأدى تمركز القوات في مواقع خزانات المياه الى انقطاع المشروع الحكومي، بحسب عبد الحميد طالب. يحدث هذا في ظل أزمة مياه حادة ومتزايدة أصلا داخل مدينة الضالع التي تعاني من عدم وجود مشروع حكومي يغطي كامل احتياجاتها. وعدا عن أنه لا يغطي كل أحياء المدينة، تنتظر الأحياء المرتبطة بالمشروع المياه مرة في الأسبوع في الأوقات الاعتيادية في حين تلجأ الأحياء الأخرى التي لا ترتبط به كحي المتحف الذي يقع فيه منزل عبد الحميد إلى وايتات الماء (يبلغ سعر الواحد منها سعة 1200 جالون 4 آلاف ريال في الأوقات الاعتيادية). لكن، ومنذ بداية الأحداث، تفاقمت الأزمة إذ توقف مشروع المياه وارتفع سعر "الوايت" الواحد إلى 8 آلاف ريال.
  وخارج مدينة الضالع، ولاسيما في مديريات جحاف والحصين والأزارق، تتفاقم أزمات أكبر. فهذه المديريات تعاني من الجفاف وتعتمد في تأمين المياه الضرورية لها على "وايتات" الماء القادمة من مدينة الضالع التي تمثل في الوقت نفسه مصدرها الرئيسي في تأمين حاجتها من المواد الغذائية والغاز أيضا. غير أن طوقاً امنياً وعسكرياً فولاذياً تفرضه قوات الأمن والجيش منذ بداية الحملة على مداخل مدينة الضالع مانعة بذلك أهالي المديريات الثلاث من دخولها ما يضع هذه المديريات في مواجهة عدم القدرة على الوصول إلى المياه والغذاء والغاز وأوضاع إنسانية قد تكون خطيرة. وتواجه مدينة "الحوطة" أزمة مياه مشابهة، بحسب مصادر محلية في المدينة التابعة لمحافظة لحج.
 القلق حيال الأوضاع في محافظتي الضالع ولحج يتزايد في ظل تواصل قطع كافة الاتصالات الهاتفية المحمولة عنهما بقرار معلن من وزارة المواصلات منذ اليوم السابق على الحملة. فالمعلومات بخصوص ما يجري على الأرض هناك شحيحة للغاية، إذ لا يتسرب منها سوى النزر اليسير عبر أشخاص انتقلوا إلى عدن ومناطق أخرى ولا يشملها قرار الاتصالات. ورغم أن إمكانية التواصل مع المدينة أتيحت مؤخراً على نحو محدود عبر الخطوط الثابتة في المدينة، إلا أن هذا لم ينه واقع التعتيم على الأحداث هناك. وإذا كان هناك من أمر أكده إجراء قطع الاتصالات الهاتفية عن المحافظتين، فهو أن الحكومة اليمنية تطبق عليهما حصارا عسكريا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتتعامل بموجبه معهما باعتبارهما ساحتي معارك عسكرية.
إضافة الى طوقي الحصار العسكري وحظر الاتصالات الهاتفية، تحظر السلطات على وسائل الإعلام زيارة المحافظتين وتشدد في قمع الصحف والصحفيين الذين يقومون بتسليط الضوء على مجريات الأحداث هناك. وقد عكس الإجراء الذي اتخذته ضد مكتب قناة الجزيرة في التاسع من الشهر مستوى الجرأة الذي وصلته في قمع حرية الصحافة في البلاد عبر إجراءات خارجة عن القانون ومنافية تماما للدستور اليمني. فقد داهمت المكتب وصادرت جهاز البث الخاص به في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، أي في وقت خارج الدوام الرسمي وفي يوم عطلة، وفوق هذا وذاك، بدون إذن من النيابة. كان مبرر الإجراء أن القناة تضخم من الأحداث في الجنوب وتسيء للوحدة اليمنية. ويضاعف هذا من القلق حيال نواياها في الضالع ولحج وبقية المناطق الجنوبية، حيث من المرجح أن يؤدي حصارها لهذه المناطق بأكثر من طوق الى مفاقمة الكارثة الإنسانية التي قد تكون بدأت تطل هناك بأكثر من رأس.
فعدا عن حصار المياه والاتصالات الهاتفية وبوادر النزوح الجماعي، تشهد المناطق التي تستهدفها الحملة مداهمات واعتقالات خارج القانون منافية تماما للدستور ولقواعد القانون الدولي وكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها اليمن. فمن أصل 37 معتقلا في الضالع خلال الأحداث الأخيرة، يتحدث أحمد الزوقري عن 8 رهائن أخذوا نيابة عن ذويهم بينهم رجل مسن في ال 80 من العمر. مساعد سيف الذي تلاحق السلطات ابنه محمد الناشط في الحراك كان قد اعتقل وفقا لأحمد حرمل، القيادي الاشتراكي والناشط الحقوقي، في أول عملية دهم نفذتها الحملة الأمنية في الضالع في حوالى الساعة الرابعة من فجر 3 مارس. ثم أخذ أخوه جميل (65 عاما) في عملية الدهم الثانية كرهينة عن أخ ثالث ينشط في الحراك أيضا. وثمة بين هؤلاء الرهائن قُصَّر لم يبلغوا السن القانونية بعد يذكر منهم حرمل: عبدالحافظ محسن (14 سنة) وسياف المعكر (15 سنة).
وتجاوزت حصة محافظة لحج من المعتقلين والرهائن حصة الضالع، إذ بلغت 38 معتقلا بينهم 12 رهينة، بحسب المحامي محمد سعيد البان الذي ينشط ضمن فريق المرصد اليمني لحقوق الانسان. ويذكر البان في مقدمة دزينة الرهائن هؤلاء: المدير السابق لبرنامج دحر الملاريا في الجمهورية اليمنية الدكتور محمد سعيد عامر (70 عاما) الذي كانت صحيفة الثوري الناطقة باسم الحزب الاشتراكي في عددها قبل الماضي قد أوردت حادثة اعتقاله كرهينة نيابة عن إبن له ناشط في الحراك. وعامر ليس رجلا طاعنا في السن فحسب، بل إنه فوق ذلك يعاني مرضا عضالا في القلب حيث كانت قد أجريت له عملية قسطرة لم تضع حدا للمرض. وكان عامر يزمع السفر للخارج لاستكمال العلاج قبل اعتقاله وإيداعه سجن الحوطة بلحج ثم نقله الى سجن الفتح في عدن. ولم تتوقف مأساة الرجل عند هذا الحد، إذ أخذ ثلاثة من أبنائه كرهائن أيضا طبقا للبان. وكانت الثوري تحدثت عن اعتقال ابنه معمر أثناء احضاره له وجبة غداء الى سجن الفتح.
إذا كان وصف الحملة الجارية منذ أكثر من 20 يوما في محافظتي  الضالع ولحج لا يتناسب مع "الحملة الأمنية"، فإن هدفها المعلن لا يتناسب مطلقا مع ما يجري من حصار واعتقالات واستخدام مفرط في القوة. بالنسبة الى أحمد حرمل، فإن آخر شيء على صلة بالمنطق بخصوص هذه الحملة هو أنها تستهدف ضبط القائمة التي أعلنتها الحكومة والتي قال إنها تتألف من 12 مطلوبا امنيا. "كان يمكن ضبطهم أصلا دون حشد كل هذه القوات". وهذا أمر يتفق فيه معه القيادي الاشتراكي عبدالحميد طالب الذي استبعد تماما أن يكون هدف الحملة في الضالع هو ضبط ثلاثة مطلوبين. هذا أمر لا يستحق على الإطلاق حملة عسكرية ولا تطويق مدينة بالكامل مع قطع الاتصالات والمياه عنها وفرض حظر للتجوال فيها. يقول: "إذا كانت القضية قضية ثلاثة مطلوبين فلماذا تتم مداهمة منازل آخرين وقصفها عشوائيا ويعتقل آخرون من ناشطي الحراك؟ يبدو أن هناك نية لضرب الضالع".
ولقد واجه عبدالحميد طالب ما يعتقده. كان يتحدث معي عبر هاتفه الثابت من منزله في مدينة الضالع السبت قبل الماضي بينما كنت أعد تقريرا حول الأحداث تعثر نشره هنا في عدد الأسبوع الماضي لأسباب خارجة عن إرادتي. وفي السبت المنصرم، حينما أردت التأكد من بعض التفاصيل وعاودت الاتصال بمقر الحزب الاشتراكي في الضالع حيث اعتاد قضاء النهار هناك حتى المساء، رد علي رجل بدا طاعنا في السن ومتحفظا جدا في الحديث قال لي برغبة من يريد إقفال الخط في الحال: "عبدالحميد مش موجود.. عبدالحميد معتقلـ". اتصلت بمنزله وأخبرتني زوجته أنه اعتقل قرابة الساعة العاشرة والنصف من صباح الخميس الماضي بينما كان عائدا من السوق الى منزله ولا أحد يعرف السبب. قالت إنه لم يشارك حتى في مظاهرة يوم الأسير الجنوبي التي تقيمها الاحتجاجات كل خميس منذ عدة أشهر. ويعرف عنه أنه رجل مسالم يجنح دوما للتعبير الهادئ ونابذ للعنف. غير أن هذا كما يبدو ليس أمرا قد يحول دون الحاق الأذى به. هذا على الأقل ما يعرفه الآن جيدا ولداه الفتِيَّان هشام وأحمد اللذان يحملان له الى السجن يوميا، منذ اعتقاله، الأكل و"دبَّتَين ماء: واحدة للشرب وواحدة للوضوء". 

إقرأ أيضاً