جدير بالاعتبار، أن يتم التواصل في مجال العلاقات بين الدول عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية بدءًا من وزارات خارجية الدول ثم إلى بعثاتها الدبلوماسية لدى بلدان الاعتماد وفقًا للبروتوكولات والأعراف والقواعد الدولية المتبعة في هذا الصدد، ومن دونها "خرط القتاد"، أي تجاوز طبيعة العمل الدبلوماسي المهني المتبع دوليًا، وما يتسبب عنه من إشكالات شائكة، وإحراجات لا طائل لها للبعثات في بلدان الاعتماد كما يعكس أثره السلبي أيضًا على دولها.
عمومًا، إن تجاوزات أية دولة في الشؤون البروتوكولية ربما تكون غير مقصودة نتيجة لعدم الإلمام بطبيعة العمل الدبلوماسي من قبل الهيئات العليا في بعض البلدان المعتمدة، وبما لا يخدم العلاقات الثنائية بين الدول، إذ يبقى مبعث تندر في دول الاعتماد وبعثات الدول الأخرى.
إن بعثات الدول لدى بلدان الاعتماد تخضع عادة لتقييمات، وتقويمات، تكون مقياسًا يترتب عليه مدى وكيفية التعامل بين دول الاعتماد وبعثات الدول المعتمدة في المجالات المختلفة.
وبالتالي، إن عشوائية فهم عمل السلك الدبلوماسي على الصعيد البروتوكولي والإيتيكيت (حسن الأداء) يكون مردودها سلبيًا على التعاون الثنائي بين الدول، ويقتضي تصرفًا مسؤولًا وحسن تدبير من الدول المعتمدة تجاه بعثاتها كقنوات وسيطة بينها وبين بلدان الاعتماد وفقًا للقواعد البروتوكولية المتبعة دوليًا، لكي يستقيم العمل ويتم تفادي الإرباكات التي لا تقيم للعمل الدبلوماسي وزنًا.
وبناء عليه، يجب مراجعة الأمور بجدية من قبل الجهات ذات العلاقة في الداخل، وتصويبه لمواكبة مفهوم العمل الدبلوماسي بما يتماشى مع عالم "القرية الكونية" الذي تحكمه ضوابط ونظم متقدمة، ودقيقة، تهدف إلى علاقات أفضل بين دول العالم.
من الجدير بالذكر، أن وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية تعتبر مرآة الدولة أمام العالم، وهما الجانب المسؤول عن إرساء العلاقات الثنائية وتطويرها مع بلدان الاعتماد (مقيم وغير مقيم).
ومن هذا المنطلق، فإن وزارة الخارجية وبعثاتها معنيان بكل عمل في مجال العلاقات الثنائية مع العالم الخارجي. كما تشكلان معًا قطبي رحى العمل الدبلوماسي، وما عداه يعتبر تخطيًا للقواعد واللوائح والأعراف الدبلوماسية، وينطبق هذا الأمر على المؤسسات الداخلية التي ترشح موظفين لها في الخارج، ولزومية اتباع أصول وقواعد مسار التعيين بالتنسيق مع وزارة الخارجية وتوجيهاتها بحيث يخضع المعينون لدورة دراسية في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية، لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر في المجالات المختلفة.. وتشمل التعيينات:
1. الملحقيات الإعلامية، والثقافية، والعسكرية، والطبية، والاقتصادية، والأمنية التابعة للسفارة (البعثة) مباشرة نظرًا لطبيعة مهامها المرتبطة بالسفارة من الناحيتين البروتوكولية والتنسيقية لدى دول الاعتماد.
2. التعيينات أو الترشيحات لموظفين في الأجهزة والوكالات أو المنظمات المتخصصة التابعة للمنظمات الرئيسة: منظمة الأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وبالتنسيق معها بموجب نظام (الكوتا) أو الحصص المخصصة للدول في المنظمات المتخصصة على سبيل المثال لا الحصر:
1. منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
2. منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
3. برنامج الأغذية العالمي.
4. منظمة العمل العربية التابعة للجامعة العربية.
5. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية (الأليسكو).
6. مركز البحوث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
7. المركز الإسلامي لتنمية التجارة التابع لمنظمة التعاون الإسلامي.
ويقتضي أن تراعى مدد التعيين في الوظيفة لكلا الحالتين لأربع سنوات بما يتفق مع تعيينات موظفي السلك الدبلوماسي عملًا بمبدأ تكافؤ الفرص لزملاء آخرين.
أما في ما يتعلق بالتعيينات الخاصة والمباشرة من قبل المنظمات الدولية والإقليمية الرئيسة لموظفين من الدول الأعضاء، فإنه يشترط ويعتمد فيها قدرات، وخبرات، وكفاءات عالية لقبول المتقدم للوظيفة بما يتسق مع النظام واللوائح الداخلية للمنظمات الرئيسة المعنية، والتي تتحمل المسؤولية الكاملة بشأن إقامتهم، وتنقلاتهم، ورواتبهم وتقاعدهم... الخ.
وفي سياق آخر، لزم التنويه إلى أن لكل قاعدة استثناء، بخاصة عندما يتعلق الأمر بنقل رسائل خاصة من رؤساء دول ورؤساء وزراء إلى نظرائهم في دول أخرى، عبر مبعوثين رفيعي المستوى، مما يجب أن يراعى فيها مسألة التنسيق البروتوكولي مع رؤساء البعثات الدبلوماسية في بلدان الاعتماد كأسلوب راقٍ وحضاري متبع في دول العالم.
جوهر القول، إن هذه المسائل المطروحة من شأنها بناء علاقات ثنائية متميزة بين دول العالم، وهذا هو بيت القصيد.
العمل الدبلوماسي محور رئيس للعلاقات الثنائية بين دول العالم
2024-05-01