أدلف إلى المقهى.. أطلب قهوة مركزة..
تسألني صديقتي: أليست قوية عليك؟
أبتسم لها، وأهز رأسي بالنفي..
أتأمل فنجاني بحب، أناجيه بلغتنا الملغزة، يضحك فأهمس له:
"ي بو ضحكة جنان".. وأشرع بارتشافه!
في ما مضى كنت أضيف قليلًا من السكر إلى قهوتي؛ تخليت عن السكر، وأصبحت أحتسيها مُرة؛ لأن السكر يخفي طعم القهوة والمرارة تمنحها شيئًا من اللذة، تمامًا مثل أيامنا!
نتذوق طعم السعادة أكثر حين نسترقها من براثن المرارة على غفلة منا ومنها!
أصبحت أميل إلى الطعم الحقيقي للأشياء دون إضافات... أجرب أن أقلص التوابل تدريجيًا في طبخاتي... أستبدلها بالحب غالبًا... أمزج معها ضحكة أو دمعة... قليلًا من الصبر... وكثيرًا من الأمنيات والأحلام...
علاقة وطيدة تربطني بالمطبخ... لغة للحب ربما... تحدٍّ في بعض الأوقات... ونافذة للهروب من نفسي أو الالتقاء بها أحيانًا...!
الأطباق التي أصنعها هي ذوات متعددة من أناي... تتسرب إليها أمزجتي وحالاتي... لكن الحب دومًا هو مركزها!
أعشق القهوة كثيرًا؛ البن يشبهني، فيه قوة خفية تجعله يمتص كل الروائح الأخرى، ويظل مُحتفظًا برائحته!
بائع العطر حين تختلط عليك الروائح يعطيك بنا لتستنشقه؛ حتى تستعيد توازنك الشمي وقدرتك على التمييز بين الروائح!
للقهوة سحرها... دفئها... رائحتها وطعمها المميز وحتى لونها...
اللون البني.. المركب المزجي من ألوان نارية وباردة...
اللون الرامز للاستقرار والمسؤولية والأمان...
لون الانتماء والأرض... الأرض التي نعود إليها دائمًا كما يعود الطفل لحضن أمه...!
ق ه و ة!
2024-03-04