في جحيم حرب الإبادة على غزة، والاجتياحات اليومية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي، وتمدد الاستيطان، طرحت أمريكا سؤال ما بعد اليوم التالي! وهو السؤال المطروح منذ العام ١٩٤٧، والقرار ١٨١ لا يعني غير التقسيم، ويتكرر عقب كل حرب.
ونضع اليوم تساؤلات أخرى:
ماذا بعد الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة والقطاع؟
هل الدولتان حل؟
وماذا عن وضع فلسطينيي الداخل -أرض ١٩٤٨؟
وماذا عن حل لا يأخذ بعين الاعتبار وضعهم في ظل انتقاص المواطنة؟
وما هي رؤيتكم لما بعد حرب السابع من أكتوبر ٢٠٢٣؟
أسئلة طرحتها على قادة الأحزاب السياسية، وقادة الرأي في المجتمعين: المدني والأهلي والفاعليات السياسية وفي صفوف الشباب والمرأة في اليمن والمنطقة العربية.
وما دفعني لطرح هذه الأسئلة هو تسابق الدول الداعمة للحرب أو بالأحرى الأطراف الأساسيين في صنع أداة الحرب الدائمة -إسرائيل، منذ ١٩٤٨ وحتى اليوم.
أترك لأصحاب وصاحبات الرأي الإجابة، مع ملاحظة أن البعض أجاب على كل الأسئلة، واكتفى البعض بالإجابة على بعضها. قمنا بجمع الاجابات القصيرة لتكون حلقتنا الاخيرة لهذا الاستطلاع الذي استمر نحو شهرين.
الشكر والامتنان للعزيز رئيس تحرير "النداء" الصحفي القدير سامي غالب، ولصحيفة "النداء" التي يتسع صدر صفحاتها دومًا لكل الآراء، والتي ستنشر تباعًا آراء النخبة اليمنية وردودها على الأسئلة.
تاليًا ردود وتوضيحات عدد ممن شملهم الاستطلاع في حلقته الأخيرة، وهم كل من:
- د. علي محمد زيد، وهو مفكر وباحث، أديب سارد وناقد.
- محمود إبراهيم الصغيري، وهو مفكر وأديب متعدد المواهب، شاعر وسارد.
- أحمد قاسم حسين، وهو باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
- أحمد عبدالله مثنى، وهو أديب متعدد المواهب، سارد وشاعر.
- المهندس عبدالملك ضيف الله، وهو أديب ومثقف وناشط، رئيس منتدى عمر الجاوي الثقافي.
- المهندس محمد قايد القدمي، ومثقف وكاتب صحفي.
- د. عبدالسلام نور الدين، وهو عالم من علماء الأمة، مفكر أكاديمي تلاميذه كثر في اليمن، وموطنه السودان وفي بريطانيا، هو مثقف من ضمائر العصر.
- هشام محمد، وهو قاص وناشط.
علي محمد زيد
الجميع في مأزق. من يطرحون حل الدولتين ومن يطرحون حل الدولة الديمقراطية الواحدة التي يتساوى فيها الجميع. لأنه لم يعد هناك أرض تقوم عليها الدولة الفلسطينية، كما أن من يسيطر على الأرض يريدها بدون سكانها. وما يسمى "المجتمع الدولي" أصبح يقتصر على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي تؤدي صراعاتها إلى شلل المجلس. والدول العربية كل واحدة مهمومة بمعاركها الداخلية، ومتصارعة ومشلولة، ويقودها أشخاص فقدوا صلتهم بأحلام الخمسينيات والستينيات، وأصبحوا بعيدين عن هذه القضية.
الحلول السياسية تقوم على توازن القوى الفعلية. وميزان القوى المحلي والعالمي مختل ومتصارع، وهذا سبب المأزق الحالي.
محمود الصغيري
أفضل رؤية هي دولة لا دينية لكل من يعيش فيها، وهذا الحل وحده سيجبر الصهيوني حامل الجنسيات أن يختار خارج فلسطين، ولكن مهم أيضًا أن نقف مع الفلسطينيين إذا اختاروا الدولتين، وسنقف معهم، ولكن يجب أن يشترطوا إلغاء يهودية الدولة حتى لا يصاب من يعيش فيها من غير اليهود.
أما إذا قالوا بدولتين واحدة يهودية بالتعيين وأخرى فلسطينية فقط، يجب أن يعمل كل العرب ومحبي السلام في العالم على منع ذلك، لأن الحروب ستستمر، بل الطرد للفلسطينيين إلى الضفة، سيكون أخطر من الوضع الحالي.
أحمد قاسم حسين
تشكل عملية طوفان الأقصى مرحلة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، وهي تعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى المربع الأول من ناحية فشل مشروع التسوية السياسية في إنهاء الصراع وتأسيس دولة فلسطينية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، حيث ستفتح هذه المواجهة العسكرية الباب على مصراعيه أمام سيناريوهات عديدة، من بينها:
إعادة طرح حل الدولتين، الذي يبدو غير واقعي، في ظل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وإعادة احتلال أجزاء من قطاع غزة، مما يجعل الطرح المتعلق بحل الدولتين غير واقعي.
أما السيناريو الثاني فهو استمرار النضال الفلسطيني على أساس حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، على اعتبار أن النظام السياسي الحالي في إسرائيل هو نظام فصل عنصري "أبارتهايد"، وهو يحتاج إلى إعادة بناء المشروع الفلسطيني على أسس جديدة تراعي أماكن وجود الفلسطينيين في كل من الضفة وغزة وداخل الخط الأخضر "فلسطين التاريخية" والشتات. إن هذا الطرح قد يبدو في المدى المنظور صعب التحقيق، ولكن نموذج جنوب إفريقيا يجب أن يكون حاضرًا وملهمًا للقوى السياسية الفلسطينية، وأن تستثمر التغير في النظام الدولي من ناحية صعود قوى دولية جديدة كالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي.
المهندس عبدالملك ضيف الله
بالنسبة لي وللكثيرين أجد أن ما بعد 7 أكتوبر ليس كما قبله، وأن العدوان الصهيوني على غزة تجلى فشله مبكرًا من خلال سقف الأهداف العالي الذي وضعته دولة الكيان لعدوانها على القطاع، ومن هذه الأهداف غير القابلة للتحقق: الإجهاز على المقاومة تمامًا، وتعيين إدارة عليه تتوافق والمخطط الصهيوني.
بالنسبة لفلسطينيي الداخل فهم في حالة شتات، وإن كانوا بحكم الضرورة والحاجة لتوفيق وتسوية أوضاعهم اضطروا لقبول المواطنة الصهيونية!
أوضاعهم هناك لا تسر الخاطر، وكثيرهم يعاني التمييز، ويرزح تحت وطأة عنصرية تتفاوت مفاعيلها تبعًا للمزاج العام والظروف التي تمر بها سلطات الاحتلال. ومن أشكال التمييز أنهم محرمون من التمثيل العادل لهم في العملية السياسية الذي ينسجم ونسبتهم من السكان، كما أنهم عرضة دائمًا للاضطهاد والتعسف والتغول على حقوقهم، فضلًا عن سهولة إلصاق التهم بهم في حالات وظروف بعينها، أو وضعهم تحت المراقبة وفي حالة اشتباه أو شبهة دائمة بالنسبة للعناصر الناشطة سياسيًا أو على التزام ديني (والحالة الأخيرة يمكن تمثيلها من خلال أنموذج الشيخ رائد صلاح).
بالنسبة لحل الدولتين.. أجد أن المشروع الصهيوني يناقض هذه الفكرة ويراغمها بشدة تمامًا، كما يرفض فكرة العودة للاجئين على اعتبار أن هذه العودة تصنف ضمن المخاطر الوجودية بالنسبة لهذا الكيان.
وهكذا أفهم أن الحديث عن حل الدولتين يشبه كثيرًا لجهة عبثيته محاولة الحرث أو الرسم على الماء.
والقاعدة أن الحقوق التي تنتزع بالقوة لا تسترد إلا بالقوة، وبفرض أن الصهاينة قبلوا بحل الدولتين نتيجة ضغوط قوية قد تمارس عليهم بعد العدوان، وإن حدثت هذه الضغوط كما يعتقد البعض فستكون بهدف تأمين الحماية لمصالح الدول الضاغطة، لا تأمين الأرضية لتمكين الفلسطينيين من الحصول على دولة حقيقية أو محترمة ولو في الحد الأدنى.
وأعني هنا أن أي تنازل من قبل الكيان تجاه حل الدولتين لن يتجاوز ذلك التنازل الذي منحته بريتوريا العنصرية للسود حين حشرتهم داخل كانتونات معينة، وفصلتهم عنصريًا في ما عرف بـ"الأبارتهايد".
بالنسبة لرؤيتي بعد الـ7 من أكتوبر، فهي تمتد لما بعد العدوان، ذلك أني أتوقع بقوة فشل هذا العدوان في تحقيق أهدافه، وبالتالي أضيف هذا الفشل إلى فشل الـ7 من أكتوبر، وبدمج الفشلين سيستطيع العالم وبكل سهولة استظهار حقيقة انتصار المقاومة، وحقيقة أن المشروع الصهيوني يحتضر وفي طريقه للزوال.
أتحدث عن انهيار المنظومتين المعلوماتية والإنذار المبكر في 7 أكتوبر، وهما المنظومتان اللتان ظلت دولة الكيان تبنيهما منذ تأسيسها، وتحرص على تدعيمهما باستمرار سبيلًا لإنجاز استحقاق توفير الحماية لمواطنيها ومستوطنيها وبقائها في حالة جهوزية تامة وحالة عسكرية تبرزها كقوة لا يمكن أن تقهر.
في 7 أكتوبر انهارت هاتان المنظومتان، وفقد الكيان أحد أهم الحوافز التي تمكنه من إقناع مواطنيه بالبقاء فيه واستقطاب المزيد من المهاجرين إليه، بالنظر إلى أن جهد الوكالة اليهودية للهجرة اعتمد في تحفيز اليهود على الهجرة إلى الأراضي الفلسطينية على عنصرين اثنين: الأمن (فقد في 7 أكتوبر) والرفاهية (بدأت تفقد تمهيدًا لفقدها تمامًا كنتيجة طبيعية للخسائر المالية الضخمة للكيان التي ترتبت على عملية 7 أكتوبر وصمود المقاومة في مواجهة العدوان الصهيوني والفشل المتوقع لهذا العدوان).
باختصار، المتناقضات كثيرة وكبيرة في المجتمع الصهيوني لدرجة أن هذا الكيان لا يملك دستورًا ينظم العلاقات داخله بسبب هذه المتناقضات. و7 أكتوبر ونتائج العدوان ستمهد الطريق لانفجار هذه المتناقضات، وإفساد فرص هذا الكيان في تطبيع أوضاعه داخليًا وخارجيًا. ما يعني أني أتوقع زوال هذا الكيان في أية لحظة من المستقبل.
بالنسبة للموقف العربي والدولي، أجد أن الموقف العربي لم يعد يمكن وصفه من حيث التخاذل بالتبعية أو الارتهان للخارج، ذلك أن الحديث الآن يتجاوز التخاذل إلى الخيانة الصريحة والواضحة جدًا.
أما بالنسبة للموقف الدولي فباستثناء كولومبيا وبوليفيا فبقية الدول يمكن تفصيل موقفها بوضوح، سواء التي ترددت كالبرازيل وتركيا، أو تلك التي حاولت استثمار الحالة في خدمة مصالحها كروسيا، أو تلك التي تحتكر مفهوم المجتمع الدولي لحسابها الخاص كأمريكا ومن ورائها المنظومة الغربية التي تعرت تمامًا أمام العالم.
في النتيجة، نحن أمام عالم لا يحترم غير القوة، ولا يعطي بالًا للضعفاء. وأي تعاطف مع الضعيف كالذي أبدته إسبانيا ويمثله الموقفان النرويجي والبلجيكي إلى حد ما، فلن يضيف شيئًا، ولن يعيد حقًا مفقودًا، ولو تعاطف العالم كله مع هذا الضعيف.
وحدها القوة التي تقاتل مدفوعة بقوة حقها وإيمانها بالنصر، ومهما بدت ضعيفة في ميزان قوة عدوها هي التي تكفل انتزاع الحقوق وتتويج جهدها بالنجاح! على ما يشترطه ذلك من صبر ومطاولة واستعداد كبير جدًا لتقديم التضحية.
أحمد مثنى
ماذا عن حل لا يأخذ بعين الاعتبار وضع الفلسطينيين في ظل انتقاص المواطنة؟
ما هي رؤيتكم لما بعد الحرب السابع من أكتوبر 2023؟
هل حل الدولتين استعادة للحق العربي الفلسطيني أم إقرار بالهزيمة؟
والإجابة إجمالًا أن بريطانيا قررت ودول أوروبية أخرى، وكانت بريطانيا في تلك المرحلة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.. قررت منح أرض فلسطين للصهاينة من أجل إقامة دولة على هذه الأرض العربية، لتكون رأس حربة في حماية مصالحها في المنطقة العربية، بخاصة دول الخليج، لابتزاز ثروات البلاد العربية.
وقد تمكنت من تجميع أعداد كبيرة من أوروبا ومن الدول العربية كذلك التي جيشت اليهود إلى فلسطين بتوافق مع حكام العرب آنذاك.
ونذكر نحن في اليمن أن نظام الحكم الإمامي قد جيّش أعدادًا كبيرة من اليهود، وأرسلهم إلى عدن ليتم ترحيلهم من هناك إلى إسرائيل، حيث كانت عدن تحكم من قبل الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية.
ونفس الإمبراطورية البريطانية التي كذلك جيّشت ونظمت ودربت الصهاينة في شكل عصابات، ورتبت حالهم في العديد من المنظمات الصهيونية التي تأسست من العام 1921، ومن ثم تم ترحيلهم إلى أرض فلسطين.
وهناك فقد مارست هذه العصابات الاعتداءات الجماعية والقتل في حق الشعب الفلسطيني. وقد قامت هذه العصابات الصهيونية بالعديد من المجازر في أعوام 1947، 1948، و1956 في مجزرة الأقصى، وتواصلت في غيّها واعتداءاتها، كما قامت هذه العصابات باستهداف العديد من القيادات الفلسطينية.
وفي العام 1967 كانت النكسة الكبرى للأمة العربية وقياداتها التي دخلت الحرب مع الكيان الصهيوني. وطبعًا فإن ذاك الانتصار الذي تحقق لها لم يكن إلا بدعم مؤكد من الدول الغربية وأمريكا على وجه الخصوص، انتقامًا من بعض القيادات العربية التي كانت تنتهج أسلوبًا مغايرًا لما تريده تلك الدول الاستعمارية، وبخاصة مصر التي رفعت شعار حركة التحرر العربية، وكانت عضوًا في ما دعت إليه مع بعض الدول بالحياد الإيجابي.
أما عن الرؤية لما بعد حرب 7 أكتوبر، فأنا أعتقد أن هناك من الترتيبات لضم القطاع وبمباركة أوروبية وأمريكية، وعلى أساس أن يهجر الفلسطينيون إلى سيناء المصرية، غير أن الموقف المصري رافض لمثل هكذا إجراء، واعتبر ذلك متعلقًا بالأمن القومي المصري، إشارة إلى أن سيناء مصرية، وعلى الفلسطينيين أن يظلوا في أرضهم، وعدم تركها والانصياع لذلك التدبير الحقير الذي ينهي القضية الفلسطينية وبشكل كأن لم تكن.
ولعل ذلك كان آتيًا بفعل أحداث وحرب 7 أكتوبر 2023، غير أن تنبه مصر كان له الأثر الكبير، خصوصًا وهي تقوم بدور الوساطة، وهناك من يطالب بإلغاء تلك المصالحة مع إسرائيل وتبادل التمثيل الدبلوماسي.
وكذلك ما دعا إليه قادة حماس من عدم الانصياع لهذا التدبير، ولا جدال في أن الدول الغربية الاستعمارية، وعلى رأسها أمريكا، تدعم إسرائيل بكل السبل المادية والسلاح المتطور وتزييف الوعي العام، بقصد إخفاء تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين الأبرياء، والتي تجاوزت العشرين ألف قتيل وعدد أكبر للمصابين، وغالبيتهم من الأطفال والرضع والكهول من الرجال والنساء.
أعتقد الرؤية لما بعد الحرب هي ما هو متفق عليه عبر مجلس الأمن والأمم المتحدة بعد حربي 67 و73 بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، لأن دولة الصهاينة أضحت واقعًا لا يمكن تجاوزه.
لذلك فالحل العملي الذي يلاقي تضامنًا ودعوات من العديد من الدول العربية وبعض الدول الأوروبية، وليس في هذا التوجه إلا حقًا للفلسطينيين كونها أرضهم، وحقًا للإسرائيليين في مقابل السلام.
والأيام القادمات هي التي سيكون لها شأن آخر.
والأهم في الأمر في هذا التوقيت بالذات، هو الوقف الفوري للحرب التي يشنها الصهاينة على فلسطين وقطاع غزة بالذات، كرد فعل على ما قامت به المقاومة الفلسطينية وأبطالها الأشاوس ممثلين بحركة حماس، حيث قامت هذه العصابة الصهيونية بالإبادة الجماعية وتدمير القطاع على رؤوس أهله.
وهذا التصرف قد لقي تضامنًا من الدول الغربية وأمريكا على وجه الخصوص، تحت مبرر الدفاع عن النفس، غير واضعين في الاعتبار إنسانية أهل فلسطين، وحاجتهم للدواء ولقمة العيش.
وفي هذا السياق، فإن أمريكا الفاشية تعمل على استخدام حق الفيتو في حق أي قرار يتخذه مجلس الأمن بوقف الحرب، مستهينة بحق الإنسانية التي تدعيها كذبًا وزورًا.
ولعل رؤية حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين على جزء من أرضها يمكن أن يكون هو الأوفق.
ولا بد أن نشير إلى أن العالم اليوم يسعى إلى تقليص نفوذ الشرطي العالمي (أمريكا)، ويسعى إلى تعدد الوجهات الدولية، وهو ما سوف يتحقق في القريب العاجل بزعامة روسيا والصين ودول البريكس، ولا بد أن تتغير الأحوال مع النظام الدولي الجديد.
ومعه سيكون لفلسطين وشعبها المناضل شيء من الحقوق والاستقلال عن إسرائيل وعنجهيتها تجاه هذا الشعب المناضل، ولربما لا يكون لها نفس المواصفات، ولربما لا يكون لإسرائيل نفس المواصفات التي تتمتع بها مسنودة من الدول الغربية والاستعمارية والفاشي الجديد (بايدن) و(القيادة الأمريكية).
ويجب ان يتفق الفلسطينيون بدلًا من حالهم المشتت، فيتوافقوا على الدولة التي يجب أن توجد موحدة لكل فلسطين ومختلف الفصائل، مع الاعتبار أن منظمة فتح هي المنظمة المعترف بها دوليًا، على الرغم من تقاعسها حيال تصرفات الكيان الصهيوني المسيء للسلطة الفلسطينية.
وفي الأخير، ينبغي على الدول الداعية إلى هذا الحل أن تعمل على الضغط على إسرائيل لتنفيذ هذا الوفاق، وعدم التنصل منه، بخاصة وهو قد مضى عليه أعوام وأعوام ولم يلاقِ من هذا الكيان أي قبول، وهو مستمر في غيّه بالتوسع في أراضي الضفة الغربية.
فهل ينصاع هذا الكيان؟ هذا ما يجب أن يتضامن عليه من الأمة العربية والدول الأخرى التي تشعر بفداحة فعل الكيان الصهيوني، وفي نفس الوقت تدعو إلى هذا التوافق.
المهندس محمد قائد القدمي
ماذا بعد طوفان الأقصى؟
هل الحل الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس؟
حل الدولتين لا يخدم القضية الفلسطينية كونه يتجاهل حق العودة لعدد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يعيشون في مختلف بلدان العالم.
الحل الأمثل ما طرحه أحد المهتمين بالشأن الفلسطيني، والذي يقضي بتوسيع دائرة منظمة التحرير الفلسطينية لتضم ممثلين عن كافة الشعب الفلسطيني، منظمات وحركات مقاومة وكتابًا وصحفيين وممثلين عن فلسطينيي الداخل، وممثلين عن الفلسطينيين المقيمين في الخارج، وكل فئات الشعب الفلسطيني، بعد تغيير قيادة فتح بقيادة وطنية، كون منظمة التحرير معترفًا بها من قبل المجتمع الدولي وكل الدول العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ومن خلال عقد لقاءات عمل يقرر أعضاء المنظمة الحل الأمثل للقضية الفلسطينية.
د. عبدالسلام نور الدين
يواجه الفلسطينيون عدوًا يعرفون كل تفاصيل سماته وقسماته واستراتيجيته، أما السودانيون فإنهم يتصدون لغزوات وسرايا من الداخل والأطراف والمركز، ويبصرون أمامهم وخلفهم وطنًا يتهرأ ويتخثر، ولا يعرفون ماذا يفعلون بأنفسهم وبهذا الوطن الذي يخاطبهم بصوت لا حاجة له بمكبرات صوت: هل أنت مواطن؟ برهن على ذلك. هل أنت إنسان؟ برهن على ذلك.. هل أنتم بشر؟ برهنوا على ذلك. أما الذي تسنى لأولئك السودانيين الذين يرفضون الحرب أن يبرهنوا عليه، أن خيالهم أضيق من استيعاب واقعهم الذي يفاجئهم على مدار الساعة بوقائع ذات تجليات تترى لم تخطر لهذا الخيال يومًا ببال، وكأنهم لم يسمعوا بذلك اليوناني الذي عاش قبل 2500 عام، والذي صاغ: إذا لم تتوقع ما لا يمكن توقعه، فإنك لن تجد الحقيقة أبدًا.
هشام محمد
يبدو أن الحديث عن توقعات ما بعد الانتفاضة الفلسطينية، سيكون ضربًا من التكهن في الوقت الراهن؛ لعدة أسباب، منها: الانقسام الداخلي بين القوى الفلسطينية، تقلبات المواقف الدولية، تأثير الفاعلين الدوليين والإقليميين في القضية الفلسطينية... الخ، لكن من الممكن قراءة ملامح المستقبل بناء على المواقف الحالية ومعطيات ما سبق من تجارب.
ففي ظل وجود الدعم الأمريكي الكامل واللامحدود للكيان المحتل، وغياب أي تأثير دولي معارض عمليًا لذلك التحالف، فمن الواضح أنه تم العزم على إرهاق الشعب الفلسطيني ومعاقبته جماعيًا لإيجاد نوع من الاستسلام الاجتماعي للتخلي عن فكرة المقاومة المسلحة، وتهجير سكان غزة نحو جنوبها، في الحد الأدنى السعي إلى اقتطاع مساحات داخل القطاع وعلى حساب أراضيه لتعزيز الحدود بإيجاد مساحات آمنة، ومن خلال خطابات قيادة الكيان الصهيوني يتضح تخليهم عن فكرة حل الدولتين، بل اعتبار اتفاقية أوسلو وما تلاها عبارة عن خطايا يجب التخلص منها، وهو ما يقوده تيار اليمين المتطرف الذي وجد سندًا حقيقيًا من الإدارة الأمريكية. وهنا سيكون على الجانب الفلسطيني بمختلف اتجاهاته تبني موقف واحد رافض لتقليص أراضي القطاع أولًا، والسعي للحصول على دولة غير منتقصة، وهو حل ممكن، لكنه مرهون بعوامل عدة ومعقدة، منها وحدة الصوت الفلسطيني وآلياته في الحشد والتأييد على مستويات الدول شعبيًا وسياسيًا.
الأمر يختلف في ما يخص فلسطينيي الداخل، إذ يبدو النضال لهم نضال حقوق ومواطنة، وهو ما يعري دولة التمييز والفصل العنصري، قدرتهم على صنع حركة مدنية حقيقية عابرة للحدود وسياسية مؤثرة في ميزان الانتخابات، ربما تستطيع أن تجعلهم رقمًا في مفاوضات السلام.
ما بعد 7 أكتوبر:
مما هو واضح أن السابع من أكتوبر يعد نقطة تحول في آليات المقاومة وأدواتها، لكنه يعد محطة تفكير على المستوى السياسي، وكيف تدار الملفات والمصالح الدولية، ربما يكون التأثير سلبيًا في المرحلة الأولى، لكن تجاوز مرحلة ما بعد الحرب يتطلب نشاطًا دبلوماسيًا وإعلاميًا وحقوقيًا مكثفًا، ليضمن على الأقل تحييد بعض أصوات الدول أو كسب تضامنها ومساعدتها، وهو ما تحتاجه المناطق الفلسطينية لإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الصهيونية، لكني أيضًا لا أرى أنه سيحدث اختراق في العلاقات الدولية.