عام «المريض اليماني»
* سامي غالب
يودع اليمنيون عام 2009 ويستقبلهم المجهول داخل بيت يكاد أن ينقض.
في عام 2009 تصدعت جدران وتهاوت سقوف ودُمرت مآذن. وبنار القصف احترقت وشائج وترمدت تواريخ وتبخرت حيوات ووعود ومواعيد!
وفيه نزف اليمنيون دماً كما لم ينزفوا من قبل، حتى يصدق وصفه بأنه العام اليمني الأكثر دموية منذ عقود.
عام الدم اليمني المسفوك، هو.
وعام الأشلاء المتطايرة في غير مكان، و«البراءة» التي تصيرت هدفاً للقاذفات من كل جنس وجنسية.
إنه عام «المريض اليماني»، المريض المستباح لصُنَّاع السلاح ومستخدميه، وفيه تصدرت أشلاء أطفال ونساء اليمن الأبرياء شاشات الفضائيات، مثلما تصدرت اليمن قائمة أولويات منظمات الإغاثة والعون الطبي في العالم.
هو عام النزوح. النزوح القسري جراء الحرب في صعدة ضد الحوثيين. والنزوح الرحيم في الجنوب والشرق بفعل الحرب المستجدة ضد «القاعدة»، حسب آخر «صرعات» القادة الأمنيين الذين وزعوا بيانات تنصح سكان القرى بالابتعاد عن أماكن تواجد عناصر القاعدة. (متى كانت «القاعدة» مرئية؟!). والنزوح الاضطراري بفعل حماقات بعض الطارئين على الحراك الجنوبي، الذين يريدون حرف وجهة الحراك باتجاه الأبرياء من أبناء المحافظات الشمالية.
عام الصحافة الحزينة. وفيه قرَّر حماة «الوحدة الوطنية» البدء بالصحفيين في مسلسل فظاعاتهم الوحدوية. وفي مواجهة الحراك وجهت الضربة الأولى للصحافة المستقلة، بدءاً بالصحيفة اليومية المستقلة الأولى في اليمن (الأيام)، قلعة الصحافة اليمنية المحاصرة منذ 8 أشهر بالمدرعات والملاحقات القضائية. وشملت الضربة المزدوجة، الأمنية -الإعلامية، صحفاً أسبوعية ومواقع إخبارية وصحفيين محليين ومدونين. وإزاء هذه الفظاعات غير المسبوقة، اضطرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى تحرير محور خاص بـ«الصحافة المقموعة باسم الوحدة»، في تقريرها عن أوضاع حقوق الإنسان في جنوب اليمن.
لا غرابة فباسم الوحدة أغلقت الصحف بالجملة، وسيق الصحفيون زرافات إلى المحاكم الجزائية والمتخصصة، وتحول الصحفي إلى هدفٍ متحرك عرضة للضرب في الطرقات، والخطف من الشوارع، والاعتقال من غرف النوم.
عام «المريض اليماني»
2009-12-28