أمضيت اليوم 6 ساعات رفقة صديقي وزميلي هلال الجمرة الذي يزور القاهرة منذ حوالي الشهر. جاء في تمام الثانية بحسب موعد مضروب من مساء الخميس.
شربنا القهوة قبل ان نخرج للمشي مدة ساعة. قلت لهلال: هنا مشينا مرارا قبل سنوات وهدفنا مطعم جميل يقدم وجبات مصرية شعبية!
اضفت بأن المطعم أغلق قبل سنوات؛ ربما بسبب وباء كورونا الذي ضرب مشاريع وليدة أو مشاريع واعدة بينها "عالماشي" المطعم الصغير الذي يتذكره هلال وأصدقاء ذوو ذائقة مشهود لها بالدقة والرفعة!
ضحكنا ونحن نتذكر صديقة عزيزة لكلينا استشعرت خطرا محدقا على مطعمنا المفضل في باب اللوق- بل داخل سوق باب اللوق- جراء مبادرة شبابية فتحت مطعم بالكاد يتسع لطاولتين ولكن في واحد من أرقى أحياء القاهرة واسمه "عالماشي" يقدم لضيوف وجبات تؤكل عالماشي. يمكن أن تمتلئ الطاولة بأطباق عدة من أشهى الأكلات المصرية، وما هي إلا دقائق حتى تكون الأطباق نظيفة.
وأصلنا المشي فما عاد هنا "عالماشي". مشينا بإيقاعي لا إيقاع هلال. وفيما يشبه الاعتذار قلت له انك مضطر لتحمل إيقاعي البطيء. وصلنا بعد حوالي الساعة وجهتنا؛ المطعم الذي تأجل غداؤنا فيه عدة سنوات. كانت الذكريات منثورة كالورد طيلة مشوارنا. لحظة وقفنا أمام بوابة المطعم قال هلال: تذكرت هذا المكان فقد زرناه؛ انت وحافظ وأنا. لكننا لم نتناول الغداء فيه لأنه كان مغلقا!
جلسنا في طاولة وتابعنا حديث الذكريات، لديه قصص وقفشات تتعلق ب"النداء" الورقية ومخرجها الزميل والصديق طارق السامعي. قهقهنا إذ يستدعي هلال طارق وقد تعكر مزاجه بسبب عدم تجهيز أحد المحررين مواد صفحته كاملا، أو جراء طلبات رئيس التحرير الغريبة في ساعات التوتر قبل دفع العدد إلى المطبعة. زعم هلال ان رئيس التحرير الذي كنته، تضايق من تنفس زميل في حجرة مجاورة لأنه يصدر صوتا مزعجا يشوش عليه!
رئيس التحرير مغاضبا طلب من حمدي أحد أنبل الصحفيين وأكثرهم مسؤولية ان يعمل حلا لوقف هذا الإزعاج. سأل رئيس التحرير: كيف؟ باقتضاب سمعه يقول: تصرف.
غادر حمدي مكتبي متعجبا من طلب الرئيس!
وهو سار، واجما، إلى مكتب بشير السيد الذي كان يجلس قبالة مكتب هلال، وقال له: ماذا يريدني ان افعل؟ لست طبيب أنف وأذن حنجرة!
الواقعة حصلت في 2010 لكني لم اعرف بموقف حمدي إلا اليوم. رحم الله بشير، وأعان حمدي على تحمل اعباء "الهجرة إلى النفط" التي تستمر في بلدنا للعقد السادس!
اللقاء بهلال هو لقاء بمشروع مشترك كان ومايزال. ومن خلاله يصير لقاء دافئا بأحبة هم أجمل من عرفت بعضهم غادرنا إلى دار البقاء تاركا ندوب في القلب.
غير بعيد من المطعم يقع مقهى. سحبنا كرسيين وجلسنا. واستأنفنا حديث "النداء" والزملاء والزميلات. وجهتنا المستقبل. بحثنا مسائل تتعلق بموقعنا الذي تأخر إطلاقه سنوات عديدة جراء رهانات قامت على سوء تقدير.
كانت الثامنة مساء؛ 6 ساعات "كانها ساعة ياسعد لم تزد" كما يقول البردوني في قصيدته الشهيرة "غريبان وكانا هما البلد".
مشينا باتجاه مسكني قبل ان أودعه مؤكدا أن لقاءنا القادم بعد شهور … سنمشي سويا، واعدك أن يكون إيقاعي اسرع …
استبعد هلال ان يعود إلى زيارة مصر خلال الشهور القادمة. أوضحت بأن مشوارنا القادم سيكون في صنعاء!