القيامة تحبو.. والبَدْءُ خيولٌ من غيمٍ تُعانقُ سماءَ اللهِ في غزَّةَ. تتنزَّلُ على شواطئ الخَلْقِ القُدامى فيما امرأةٌ من براكينَ تتفجَّرُ غناءً على حوافِ الزرقةِ الكسولةْ. طواحينُ هواءٍ من فراشاتٍ ترقِّصُ العالمَ الحلمَ الضياعَ خلفَ جُدرانٍ عازلةٍ. وعاصفةُ العِناقِ في الشفقِ بحرٌ فيهِ اشتعالٌ. على كأسِ وردةٍ تُشكِّلُ هيولى من دماءٍ وبشرٍ ممسوخين. وحدها تُمسِكُ كتابَ العشقِ وتُسرِّحُ للشجرِ شَعرَهُ. قلقٌ يبحرُ على هامشِ دوّامةٍ تُفضي إلى نافذةٍ في الكتابْ. والمتنُ حربٌ.
القيامة تقومِ على قدميها تخطو.. والخيولُ من نارٍ وفولاذ تعجنُ لحمَ صغيرٍ هاربٍ في غــزّةْ. سرقَ أخوهُ المفزوعَ ذراعَهُ المقطوعةُ وزرعها تحتَ شجرةٍ دموعُها تبكي الخرابْ. الشجرةُ في فهمِ الصغيرِ حارسةٌ أمينةٌ. أما المقبرةُ بعيدةٌ ولا تُأتمنُ حيثُ الجحيمُ لا يستثني الأضرحة.
القيامة تركبُ سلالمَ النشازِ. تدخلُ غرفةَ صبيِّةٍ وتحرقُ ألبوماً خبّأت الصبيةُ فيهِ ابتساماتٍ لأطفالها القادمينَ من الأملِ وقصّةِ حبٍّ لنْ تكتملْ. إذ أنَّ ذاتَ النارِ اشتعلتْ في قلبِ عاشقِها تماماً ولم يستطع مقاومة نارينِ فاستسلمَ للغيابِ؛ غيرَ أنَّه رُوي أنّ ناراً من نافذةِ غرفتها اشتبكتْ مع نارهِ التي شوهدت تنبعثُ من بلكونةٍ كانَ ينتظرها فيها.
غزة 2009
* شاعر فلسطيني من غزة