الكارثة المرتقبة
* محمد الغباري
أعلنت الحكومة أمس عن تمديد الإجازة الصيفية أسبوعا خوفا من اتساع رقعة المصابين بمرض إنفلونزا الخنازير الذي انتشر مؤخرا بصورة جنونية، وبين أشخاص لم يخالطوا مسافرين كانوا خارج البلاد، ولكنها لم تقل لنا هل بإمكانها أن تواجه هذا المرض بمجرد إبقاء الطلاب في منازلهم 7 أيام!
عندما ظهر المرض طرح أن اليمن لن تتأثر به، كما قال مسؤولونا الأفاضل بأن البلاد لم تتأثر بالأزمة المالية التي عصفت بالعالم، ومع أن هذا الطرح غير صحيح، إلا أن تحرك منظمة الصحة العالمية لمواجهة "الفيروس" قد ساعد على إيجاد بعض اللقاحات كما سمعت، وأجهزة فحص متواضعة في المنافذ الجوية، أما البحرية والبرية فلا علم لي بذلك. أما ماذا فعلت وزارة الصحة بعد ذلك فالعلم عند الله لأننا لا نسمع إلا عن أخبار ارتفاع عدد المصابين بالمرض، وكأن ذلك أصبح منجزا بحد ذاته.
منذ أيام علمت أن نحو 9 أفراد من عائلة واحدة قد أصيبوا بالمرض الذي انتقل عبر رضيع لم يتجاوز الثانية من العمر. ومساء أمس وزعت مصادر الأخبار الحكومية نبأ ارتفاع عدد الحالات المصابة الى نحو 58 حالة، وحين وقفت أمام شاشات التلفزيون الحكومي واستمعت الى محطات الإذاعة لم أجد مقطعا إرشاديا واحدا ينبه المواطنين الى كيفية وقاية أنفسهم وأطفالهم من الفيروس.
نحن نكثر من القبل والأحضان عند أي لقاء حتى وإن كانت هذه اللقاءات شبه يومية، والمخزنون يتناوبون على "المدايع" بصورة يومية، ونعطس في وجوه بعضنا البعض بدون مناديل، والاهتمام بالنظافة الشخصية في أدنى اهتماماتنا، وفي حالة مزرية مثل حال مدارسنا العامة والخاصة فإن "الفيروس" سيجد أخصب بيئة للانتعاش والتكاثر، ولا أستبعد أن يصبح لدينا مليون مصاب وعلى قاعدة المليون شهيد في الثورة الجزائرية.
لا تنقصنا المصائب في هذه البلاد، ولا الأوبئة، فلدينا نصف السكان مصابون بالملاريا، ونحو 5 ملايين مصابون بفيروس الكبد البائي، ونحو 60 في المائة من الطلاب يتسربون من مراحل التعليم الأساسي، أما وضع الفتيات في الأرياف فأكثر مأسوية، فإذا لم تجبر صغار السن على الزواج فإنهن يمنعن او لا يتمكن من مواصلة تعليمهن في المراحل الثانوية والجامعية...
إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة لاحتواء هذا الخطر فلا معنى لتأجيل بداية العام الدراسي، بهذا القدر الذي أعلنت عنه الحكومة، لأن الحديث عن وجود لقاحات، او أدوية لمواجهة انفلونزا الخنازير يتصادم والإعلانات الدولية التي تؤكد ان الشركات العالمية لم تصل بعد الى مرحلة إنتاج عقار فاعل، وإن الاعتماد يقوم حاليا على اللقاحات، فما بالك والحالة مكانها اليمن وحكومته..
الحكومة في قراراتها أعلنت عن تحديد حد أدنى لأجور المعلمين في المدارس الأهلية بما لا يقل عن الحد الادنى للأجور في السلم الوظيفي للحكومة، فيما هي عاجزة عن فعل أي شيء تجاه التردي الواضح في مخرجات التعليم وجودته، لان الحد الأدنى للأجور الحكومية هو 20 ألف ريال في الشهر، فكيف لنا أن نراهن على معلم يتقاضى هذا المرتب بأن يقدم شيئاً للطلاب، وإذا كانت المدارس الحكومية تمنح المعلمين مرتبات لا تقل عن ال30 ألف ريال وحال مخرجاتها كما نعلم فكيف سيكون الحال في المدارس الأهلية..؟!
إلى ما قبل أيام ووزارة التعليم العالي تحذر الطلاب من الدراسة في الجامعات الأهلية غير المرخصة، لأن الوزارة لا تستطيع إغلاق هذه الشقق التي تسمى جامعات، ومن قبلها كانت وزارة التربية تحذر الآباء من إلحاق أبنائهم بمدارس أهلية غير قانونية، وتقول إنها لن تعترف بالشهادات الصادرة منها، لكنها عاجزة عن إغلاق مدرسة واحدة من جملة مدارس لا تتوفر فيها أدنى شروط المؤسسة التعليمية..
malgohariMail
الكارثة المرتقبة
2009-09-10