100 توصية تشكك في سلامة إجراءات إعداد الموازنة العامة للعام 2009
ترفض الحكومة الالتزام بتوصيات مجلس النواب بشأن إعداد الموازنة سنوياً، مع ذلك فإن المجلس دوماً يرص العشرات منها ويلزم نفسه بواحدة فقط ينفذ على وجه السرعة
عليكم أن توافقوا فحسب!
النداء- صنعاء
رفعت اللجنة المالية بمجلس النواب تقريرها عن الموازنة العامة للدولة للعام 2009 مختوماً بأكثر من 100 توصية تشكك في سلامة إجراءات إعداد الموازنة، وحسمتها بتوصية واحدة كانت الأهم: حث المجلس على الموافقة عليها.
صباح الثلاثاء وزعت اللجنة التي يرأسها اكرم عطية، احد نواب رئاسة هيئة المجلس، التقرير على النواب. والمرجح أن يشهد البرلمان نقاشاً ساخناً سينتهي كالعادة: التصويت بإقرار الموازنة مع بعض تنقيحات غير مؤثرة في التوصيات.
من جملة مآخذ مهمة وحاسمة بالنسبة لإعداد أي موازنة مالية أورد التقرير -على شكل توصيات- عدم وضوح أهداف الحكومة ورؤيتها واجراءتها في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية والاستشارية. وهي التوصية التي طالب التقرير الحكومة بالتزامها في إعداد وتقديم مشاريع الموازنات القادمة.
فضلاً على ذلك فإن التقرير يشكك أيضاً في أن تكون الموازنة قد أعدت لبلوغ أهداف وخطط تنموية في مضمار النمو الاقتصادي، وهو ما يرممه بتوصية أخرى للحكومة بأن تعمل من خلال «إعداد الموازنات العامة ومنظومة السياسات والاجراءت والبرامج لبلوغ أهداف وخطط التنمية في النمو الاقتصادي المتسارع والمستدام والتوجه نحو الشرائح والفئات الفقيرة».
وضمن جملة من التوصيات ذات الطابع العمومي خاصة بالبيان المالي، طالبت اللجنة الحكومة بإزالة معوقات الاستثمار الخاص في كافة القطاعات، ومواصلة جهودها في الاصلاح الاداري وتحديث نظام الخدمة المدنية ومراجعة السياسات الائتمانية والاهتمام بالأمن الغذائي.
بحسب تقديرات الحكومة فإن إجمالي الموارد في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2009 أكثر من تريليون واحد و500 مليار ريال، بنسبة زيادة قدرها 7.35٪_ عن ربط العام 2008.
لاحظت اللجنة في تقريرها استمرار الاختلال في إعداد موازنات الوحدات الاقتصادية بين تقديرات الاستخدامات الجارية والاستخدامات الرأسمالية، حيث خصص للأول نسبة 86.7٪_ والثانية 13.3٪_ مع استمرار معاناة العديد من الوحدات الاقتصادية «من الاختلالات وتصاعدها من عام لآخر والقصور في أدائها نتيجة لسوء الإدارة». ورغم إشارة التقرير إلى المشكلة الرئيسية في هذه القطاعات الناجمة عن سوء الإدارة، فإنه يشير إلى تحول هذه القطاعات إلى «عبء على موارد الموازنة العامة للدولة».
أشار التقرير إلى عدم إدراج الحكومة شركة صافر ضمن موازنات الوحدات الاقتصادية «القطاع الإنتاجي» رغم مرور ثلاثة أعوام على تشغيلها وتحقيقها أرباحاً عالية.
بالاضافة إلى ذلك فإن مشروع الموازنة، الذي بني على تقديرات ربط وفقاً لتراجع أسعار النفط بدرجة رئيسية، زاد قيمة الواردات الخاصة بمستلزمات الانتاج الخاصة بالمؤسسة العامة اليمنية للنفط والغاز بنسبة 90٪_ عن العام الماضي 2008، برغم «الانخفاض العالمي المتسارع لقيمة تلك المستلزمات».
ومن أهم استخلاصات اللجنة على نشاط الوحدات الاقتصادية العامة «عدم الشفافية والوضوح في عرض مشاريع البرنامج الاستثماري في مشاريع الموازنات الخاصة بالقطاع الاقتصادي»، بالاضافة إلى «ضعف كفاءة إدارات المشاريع الاستراتيجية».
في جانب القروض فإن الحال يبدو أسوأ؛ إذ أن التعثر الحاصل في استخدامها من قبل الوحدات الاقتصادية يعكس عدم القدرة على استيعاب تلك القروض، وهو ما لاحظته اللجنة. والأسوأ ارتفاع حجم الفوائد المستحقة على أرصدة القروض بالاضافة إلى الفوائد المترتبة على تأخير سداد أقساطها.
يطرح التقرير في هذا الصدد توصيفاً ناعماً للمسألة: «عدم الوقوف بجدية من قبل الحكومة أمام أسباب تعثر كثير من المشاريع الممولة بقروض خارجية» برغم أنه يستنتج أنه تأخر تنفيذ تلك المشاريع هو «نتيجة للاجراءات الادارية والمالية الطويلة والمعقدة» كأحد الاسباب.
تقرير اللجنة في توصياته للسلطة المركزية طالب بمعالجة القصور في الاداء الضريبي و«اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة تجاه المكلفين» ومعالجة الاختلالات القائمة في الدوائر الجمركية، وبحث أسباب تدني حصة الحكومة من فائض أرباح قطاعات الزراعة والأسماك والنقل والمواصلات والقطاع التجاري، معتبراً أن ما يتم «توريده من فائض أرباح هذه القطاعات لا يتناسب مع حجم نشاطها».
في التوصيات الخاصة باستخدامات الموازنة شددت اللجنة على ضرورة «توخي الدقة والموضوعية عند وضع تقديرات الموازنات» والتقيد باحكام قانون المناقصات وتضمين البرامج الاستثمارية الكلفة الاجمالية لكل مشروع والمدة الزمينة للتنفيذ». وأوصت في جانب مشاريع البنى التحتية بالاسراع في تشغيل محطة مأرب الغازية بحلول 2009، ومعالجة مشكلات المياه في المحافظات، وتوفير التمويل اللازم لبناء محطة تحلية بمحافظة تعز.
ولم تنس الحكومة التذكير بتوصيات سابقة منذ عام قالت إن الحكومة تجنبت الرد على استفساراتها بشأنها إلا «بردود عمومية».
بعد مراجعة اللجنة لبيان الحكومة المالي ومشروع الموازنة ربما وجدت نفسها أمام مشكلة عميقة طالت كل أبواب الموازنة.
وخصصت لكل عنوان عشرات التوصيات للسلطة المركزية، والمحلية، والوحدات الاقتصادية والصناديق الخاصة، بالاضافة إلى توصيات الاعوام السابقة.
وفق المادة (93) من الدستور فإن على الحكومة الالتزام بتوصيات المجلس وملاحظاته «نصاً وروحاً». مع ذلك فإن اللجنة تورد توصيات سابقة تقول إن الحكومة لم تلتزم بها، ثم تختم: توصي اللجنة المجلس بالموافقة على مشاريع الموازنات العامة للسنة المالية 2009، ومشاريع قوانين الربط بعد التزام الحكومة بالملاحظات والتصويات الواردة». هكذا تمضي عملية إقرار الموازنات في مجلس النواب منذ سنوات.
100 توصية تشكك في سلامة إجراءات إعداد الموازنة العامة للعام 2009
2008-11-20