الثأر في ندوة بشبوة، وأكاديميون يتمنون تطوير حملة "إلاّ التعليم" لتصل إلى "إلاّ النفس التي حرم الله"، وأحزاب الجوف.. إجماع على المخاطر، وغياب الدولة ترك الساحة للثأر
في إطار حملة "إلا التعليم"
ندوة شبوة تدعو لتهجير مناطق التعليم وعقد مؤتمر طلابي وترشيد خطاب المساجد
شبوة - شفيع العبد
عقدت صباح الأربعاء الماضي بقاعة المركز الثقافي بمدينة (عتق) عاصمة محافظة شبوة ندوة (الحوار الطلابي المجتمعي) وذلك في إطار حملة التوعية الأولى(إلا التعليم) (مايو -أغسطس 2008)التي تهدف إلى التخفيف من مخاطر وآثار النزاعات والثأر على التعليم والتي تنفذ بدعم وتسهيل من قبل المعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية بصنعاء (برنامج إدارة النزاعات)، وشارك في الندوة نخبة من طلاب وطالبات المدارس الثانوية والكليات في محافظات شبوة، والجوف، ومأرب وممثلون عن السلطة المحلية والقضائية والأمنية ومكتب التربية والتعليم بالمحافظة وكلية النفط والمعادن والفعاليات الاجتماعية (مشايخ وشخصيات اجتماعية و مثقفين وسياسيين).
وقد تم في الندوة عرض لمبادرة جمعية الإخاء للتنمية والسلم الأهلي بمحافظة شبوة وكذا التعريف بفكرة المبادرة وهدفها مع الإشارة إلى واقع العملية التعليمية، كما تم اثناء الندوة عرض لقصص واقعية للطالبات والطلاب ومعاناتهم جراء النزاعات والثأرات وأثرها على مستقبلهم التعليمي. وفي الجلسة الافتتاحية للندوة ألقيت عدد من الكلمات من قبل الوكيل المساعد لمحافظة شبوة علي بن راشد الحارثي ومديرة برنامج إدارة النزاعات بالمعهد الديمقراطي الوطني ندوى الدوسري ورئيس جمعية الإخاء للتنمية والسلم الأهلي في شبوة احمد حسين طلان وكلمة الطالبات والطلاب ألقتها الطالبة كوثر،أشارت جميعها إلى أهمية حملة التوعية الهادفة للحد من آثار وأضرار الثأر والنزاعات على التعليم وضرورة توحيد الجهود الرسمية والمجتمعية بهدف جعل مناطق التعليم مساحات بيضاء خالية من الثأر والنزاع. و أكدت على أن الهدف من هذه الندوة إيضاح الصورة في استقراء الواقع المرير الذي تعاني منه بعض المناطق جراء النزاعات والثارات والتي تتضرر منها كافة أوجه الحياة.
إلى ذلك أوصى المشاركون في ندوة الحوار الطلابي المجتمعي بمدينة عتق محافظة شبوة بإقرار صلح قبلي عام بين القبائل المتنازعة في محافظات شبوة ومأرب والجوف، وتوقيع ميثاق شرف بين القبائل في المحافظات الثلاث يحرم الاعتداء على الطلاب والمعلمين والمدارس والمعاهد والكليات التعليمية العاملة فيها.
كما أوصى المشاركون في الندوة بضرورة تعزيز دور الأمن وأجهزة الضبط القضائي و سرعة الفصل في القضايا المنظورة أمام المحاكم. وأكدوا على أهمية تهجير دور العلم، واعتبارها مساحات بيضاء خالية من النزاعات. وأوصوا بتكثيف الندوات والفعاليات التوعوية لكافة شرائح المجتمع والتنسيق مع مختلف الفعاليات المجتمعية للتوعية من مخاطر النزاعات والثارات وآثارها السلبية على التعليم.
كما ودعا المشاركون في الندوة إلى عقد مؤتمر طلابي، وترشيد خطاب المساجد بما يحد من قضايا الثأر.
وناشدوا الفعاليات السياسية والمدنية والمشائخ والأعيان الإسهام في حملة التوعية الحالية التي تنفذ تحت شعار " إلاّ التعليم".
تجدر الإشارة إلى أن حملة التوعية خططت ونفذت من خلال تحالف يضم ثلاث منظمات غير حكومية في محافظات شبوة، الجوف، مأرب هي جمعيات" الإخاء والسلام والمستقبلـ" وثلاث مؤسسات إعلامية وطنية (صحيفة النداء، موقع مأرب برس الإخباري، صحيفة يمن تايمز)..
إلى ذلك سيتم خلال الأيام القليلة القادمة إقامة ندوة مماثلة في إطار حملة (إلا التعليم) في محافظة مأرب.
****
أكاديميون يتحدثون عن الثأر:
نتمنى تطوير حملة "إلاّ التعليم" لتصل إلى "إلاّ النفس التي حرم الله"
* الدمبي: القبائل التي تعاني من الثأرات ليس لابنائها أي تواجد في الكلية
* خميس: جاءت المبادرة الجماهيرية نتيجة غياب الجهود الرسمية
في سياق حملة "إلا التعليم" الهادفة إلى التوعية بمخاطر وأضرار الثأر والنزاعات على التعليم كان لنا هذه اللقاءات مع أكاديميين بكلية النفط والمعادن التابعة لجامعة عدن..لاستطلاع آرائهم عن الثأر كظاهرة في المجتمع, أسبابها, تداعياتها, ورأيهم حول حملة "إلا التعليم".. وخرجنا بالحصيلة التالية:
في البداية تحدث إلينا الدكتور/ عبد الله علي الدمبي نائب عميد كلية النفط والمعادن للشئون الأكاديمية عن أسباب الثأر كظاهرة متفشية في المجتمع قائلاً: "الثأر ظاهرة ملازمة للمجتمع اليمني وفي رأيي إن من أهم أسبابها تدني المستوى التعليمي والوازع الديني من جهة، وغياب تطبيق القوانين الرادعة في بعض الأحيان وتدني الوعي الثقافي القانوني من جهة أخرى، على أن الأسباب والعوامل المساعدة لانتشار الثأر في المجتمع اليمني كثيرة ومتعددة وتحتاج إلى دراسة حقيقية وتحليل عميق. وهي في مجملها مرتبطة اساساً بالمجتمع المدني".
وتطرق الدمبي وفي سياق حديثة إلى المشاكل والصعوبات الناتجة عن ظاهرة الثأر وهي - بحسب رأيه- كثيرة ومتعددة وتشمل كل نواحي الحياة العامة بما فيها الفكرية والثقافية والتعليمية.
وفي ما يتعلق بالآثار الناجمة عن الثار وأضراره على التعليم ومن خلال تواجده في كلية النفط والمعادن قال: " نستطيع أن نؤكد أن التأثير كان مباشراً بنسبة 100 % فبعد أن كانت النسبة مرتفعة لعدد الدارسين في الكلية من أبناء محافظة شبوة في سنوات سابقة تدنت هذه النسبة في الأعوام الأخيرة ولا تتجاوز في هذا العام نسبة ال25 % من إجمالي المقيدين في العام الحالي.
وقد لاحظنا بان القبائل التي تعاني من الثارات الساخنة(وهي كثيرة) ليس لابنائها أي تواجد في الكلية. وخلال السنوات السابقة انقطع العديد من الطلاب عن الدراسة نتيجة تعرضهم لمخاطر ناجمة عن ثأرات قبلية تمس قبائلهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة وفي هذا العام توقف عن الدراسة أربعة طلاب بسبب ثأر جديد".
كما تحدث الدكتور / الدمبي عن واقع الحال الذي يعيشه أبناء القبائل التي لديها ثأر: "في اعتقادي إن العديد من أبناء القبائل يبتعدون عن التعليم(الأساسي أو الجامعي) خوفاً من حدوث ثارات قبلية تمسهم قبل الانتهاء من الدراسة وبالتالي يفضلون اللجوء إلى ما هو أسهل كالبحث عن فرص عمل في الخارج رغم قسوة الغربة وصعوبتها" ولم ينس الدمبي أن يشير إلى نتائج ذلك: " وهذا أدى إلى ظهور جيل غير مهيأ لمتطلبات الحياة المعاصرة ويفتقر للسلاح اللازم والمتمثل بالعلم والمعرفة والشهادة الجامعية وهذا الشيء يقف عائقاً أمام عجلة التطور والتنمية".
إلى ذلك وضع الدكتور الدمبي جملة من الحلول والمعالجات التي يجب توجيهها للحد أو القضاء على هذه الظاهرة السلبية أو تخفيف أعبائها على المجتمع بشكل عام والتعليم بشكل خاص – حد قوله - فهي كثيرة ومتعددة لعل أهمها من وجهة نظره الوقوف بحسم وتطبيق النظام والقانون وتكثيف حلقات وندوات التوعية بالآثار السلبية للثأر والنزاعات القبلية.
وقد وضع الخيرية في منظمات المجتمع المدني وأشاد بالندوة التي أقامها تحالف المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام شاكراً جهودهم متمنياً لهم النجاح، قائلاً:"هي خير من سيقوم بتأدية هذا الدور المتمثل بالتوعية من خلال عقد الندوات للمختصين والعامة وهذا بالفعل ما بدأته منظمات المجتمع المدني في محافظات شبوة و مأرب والجوف من خلال عقد ندوة توعية في مدينة عتق يوم الأربعاء الموافق 11 يونيو 2008م، تطرقت لأثار الثأر والنزاعات وأضراره على التعليم وهذه البداية وان كانت متأخرة بعض الشيء إلا إنها طيبة وجيدة تستحق الثناء والشكر والتقدير للقائمين عليها ونتمنى إن تكون بداية حقيقية لمسيرة طويلة من النقاش والتوعية". وطالب بعدم اقتصار مثل هذه التوعية على الجانب التعليمي لان أي حلول مقترحة – حسب رأيه- لن تكون ذات فائدة وجدوى" ما لم تتطرق للظاهرة ككل كما وان تكثيف اللقاءات ونشاطات التوعية يجب إن تستمر مهما كانت الصعاب وان تعقد ندوات مشابهة تتطرق للآثار الناجمة عن ذلك في مجالات أخرى مختلفة ومن ثم العمل على إيجاد الحلول، وهذا هو بالفعل ما لمسناه من الإخوة المنظمين للندوة ".
وفي ذات السياق التقينا الدكتور / فهد سالم خميس نائب عميد كلية النفط والمعادن لشئون الطلاب, والذي أدلى بدلوه في الموضوع وتحدث عن الثأر قائلاً: "من العادات السيئة بل والمتخلفة في مجتمعنا اليمني والشبواني على وجه الخصوص هي مسألة الثار التي تؤرق منام أناس كثر".وتطرق إلى أسباب الثأر:"مشاكل الثار أسبابها عدة منها التخلف والجهل وأساسها الابتعاد عن تعاليم ديننا الحنيف الذي حرم قتل النفس إلا بالحق".
و أشاد بدور المنظمات غير الحكومية في مجال التوعية بمخاطر وأضرار الثأر على التعليم معتبراً إياها خطوة صحيحة، أسفا لضعف دور السلطة في معالجة مثل هذه المشكلة الخطيرة وتخليها عن القيام بدورها: "لقد رأينا في الفترة الأخيرة تحركاً هادفاً في هذا الاتجاه تتبناه عدة منظمات غير حكومية وهي بداية على الطريق الصحيح فتوعية الناس بخصوص هذه المشاكل ممكن أن تأتي من عدة جهات وطرق مختلفة، إحدى هذه الطرق هي الطريقة الرسمية ولكن للأسف نلاحظ تغيب دور الجهات الرسمية في هذا الموضوع ولهذا فقد جاءت المبادرة الجماهيرية في وقتها لتملأ الفجوة التي تركتها السلطات التنفيذية ك(حبل) على الغارب، ونسال الله أن تكون هذه الخطوة مثمرة وامتداد لندوات ولقاءات جماهيرية متكررة في مجال التوعية بمخاطر وآثار الثأر ليس على التعليم فحسب بل في كافة مجال الحياة كون الثأر يقتل الحياة بكل مقوماتها.".
وتحدث عن نتائج مثل هذه الندوات التي تعقد والهادفة إلى التوعية ورفع مستوى الوعي لدى المواطنين: "مثل هذه الندوات تجمع الناس سواء من الذين عانوا أو يعانون من نيران هذه الثأرات أو ناس سمعوا بها وبلهيبها، فتطرح المشكلة من قبل من عانى منها ويطلب الرأي والاستشارة من الذي ليس له صلة بها، حيث يكون تفكيره أكثر صفوه من تفكير الذي يعاني منها فيقترح بعض الحلول التي يكون منها الرأي الصائب السديد بإذن الله.وهكذا تعالج مثل هذه القضايا المعقدة بالشورى والتشاور في الأمر"..
ولم يخف خميس سعادته بتلك الخطوة وبحملة "إلا التعليم" قائلاً: "انا سعيد بأن الخطوة الاولى قد بدأت في هذا الاتجاه بحملة "إلا التعليم" وأتمنى إن تتطور وتطال "إلا النفس التي حرم الله قتلها".
****
أحزاب الجوف.. إجماع على المخاطر، وغياب الدولة ترك الساحة للثأر
الجوف - مبخوت محمد
أعربت قيادات الأحزاب السياسية في محافظة الجوف عن تفاؤلها بنجاح حملة التوعية للتخفيف من أثار النزاعات والثأرات على المؤسسات التعليمية من خلال النزول الميداني لجمعية السلام والتنمية بالمحافظة.
ودعوا إلى تظافر جهود الجميع لإنجاح الحملة ومن حجم المعاناة التي تخلفها الثارات على مختلف نواحي الحياة.
مشاكل الثأر والاضرار التي تسببها على أبناء المحافظة في عدم مواصلة تعليمهم تحدث عنها عدد من قيادات الأحزاب بالجوف لـ«النداء».
محمد عبدالله كعوان رئيس فرع التجمع اليمني للإصلاح بالجوف قال: برغم ما تسببه النزاعات والثارات في عدم مواصلة أبناء المحافظة تعليمهم في المراحل الدراسية الأولى تكون درجة استهدافهم أقل من الذين يجتازون المرحلة الثانوية ويدخلون الجامعة.
اذ برأي بعض أطراف النزاعات أنها تقوم باستهداف الجامعيين بشكل واضح.
وأضاف أن استهداف الطلاب وخصوصاً الجامعيين حمل أسرهم إلى جانب نفقات التعليم نفقات أخرى للحماية من مشاكل الثارات.
وأبدى كعوان أمله بنجاح المبادرة بتظافر كل الجهود الا أن هذه القضية ليست بالأمر السهل فهي تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود ومن جهات متعددة تبدأ بقيام الدولة بواجبها في حماية المؤسسات التعليمية, وهذا للأسف مفقود في الجوف فالدولة عندما تحدث النزاعات لا يكون لها دور يذكر. كما وأشاد بجمعية السلام والتنمية على جهود مباركة في حملة التوعية.
المهندس محمد علي سيلان عضو اللجنة الدائمة بالمؤتمر الشعبي العام ومسؤول البحوث بجمعية الأجيال للتنمية والسلم والتسامح قال أن معالجة آثار النزاعات على التعليم يتم من خلال وثيقة تهجير تصاغ بشكل جيد, تحرم المساس بالطلاب عند خروجهم من منازلهم حتى العودة وتكون بضمانات أشخاص مشهود بهم بالأمانة والقوة،ويتزامن ذلك مع تفعيل أجهزة الدولة،إلى جانب دور المثقفيين في توعية الناس من خلال زيادة الوعي الديني الوسطي حتى يتم الانتقال إلى مجتمع حضري واعي.
وأضاف "بسبب الثارات لم يصل التعليم النظامي إلى الجوف إلا أواخر السبعينات بعد تولي علي عبدالله صالح مقاليد الحكم, فالثارات ساهمت بتدهور التعليم،لكن رغم ذلك هناك رغبة جامحة لدى الطلاب في الجوف بالتعليم وحتى مع انعدام منشأت تعليمية من جامعات ومعاهد في المحافظة، مما يضطرهم الذهاب إلى الدراسة خارج المحافظة".
الشيخ محمد صالح حزام رئيس فرع إتحاد القوى الشعبية بالجوف من جهته قال أن الخطر الحاصل اليوم تجاوز المؤسسات التعليمية فكل مجالات الحياة تعاني من هذه الآفة فبسببها اغلقت عشرات المدارس, ويعيش الطلاب حالة من الهل والجو النفسي المضطرب عند نشوب نزاع أو تجدد المشاكل,لان بعض أطراف النزاع وخاصة من ضعيفي النفوس لا يتورعون عن استهداف المدارس وطلابها،مما يجعل بعض الأسر في وقت النزاعات تمنع أبناءها من الذهاب إلى المدرسة. وحول جهود جمعية السلام قال المبادرة جيدة ولو إنها جاءت متأخرة،والمهم الوقفة الجادة والمسؤولة من قبل الجهات الرسمية والوجهاء والمشائخ حتى تتمكن من تعليم أبناءنا بطريقة أفضل والشروع في بناء كليات ومعاهد سوى بقية المحافظات حتى لا يضطر العشرات من الطلاب المخاطرة بأنفسهم للذهاب إلى صنعاء وغيرها.
محمد عبدالله راكان -سكرتير الحزب الاشتراكي- بدوره رحب بالمبادرة وأبدى استعداده للعمل في إنجاحها ولكن ظروف قال أنها خارج أرادته لم يتمكن من اللقاء معه على أمل أن نطرح وجه نظره في الأيام القادمة.
الثأر في ندوة بشبوة، وأكاديميون يتمنون تطوير حملة "إلاّ التعليم" لتصل إلى "إلاّ النفس التي حرم الله"، وأحزاب الجوف.. إجماع على المخاطر، وغياب الدولة ترك الساحة للثأر
2008-06-19