نقابة الصحفيين: أزمة قبل كل مؤتمر - محمد الغباري
باستثناء المؤتمر العام الاستثنائي لنقابة الصحفيين الذي عقد قبل عامين لانتخاب النقيب الحالي نصر طه لابد وأن تختلق أزمة قبل كل مؤتمر والسبب في المجمل هو التحشيد الحكومي للعضوية بغرض ضمان الفوز بأغلب مقاعد المجلس والظفر بموقع النقيب.
اليوم تواجه نقابة الصحافيين نفس المحنة، اذ ما أن أُعلن عن فتح باب الترشيح لمنصب، النقيب وعضوية المجلس حتى انتفضت أطراف السلطة غضباً من تعمد المجلس اسقاط حق عدد كبير من الصحفيين من العضوية، وتم تأليب بعض قيادات الفروع على تبني نفس الموقف وما يزال الضغط حتى الآن يسير باتجاه تأجيل المؤتمر إلى حين ضم نحو مائتي عضو جديد إلى قوام الجمعية العمومية.
الحرص على النقابة والمهنية لم يظهر عند الاعتقالات والمحاكمات التي طالت العشرات من الصحف والصحفيين، ولم تظهر النزعة المهنية الصرفة من هؤلاء حين تم اقتحام مكتب صحيفة «الأيام»، ولا عند اغلاق صحيفة «الوسط» وسحب ترخيص صحيفة «الديار» ولا عند اعتقال الزميل عبدالكريم الخيواني ومحاكمته ومن ثم حبسه حالياً بحكم غير بات. ولا هي كذلك حين أصبحت ضحكة الزميل محمد المقالح سبباً في بقائه في السجن ستين يوماً ومازال ينتظر ما سيصدر بحقه من محكمة أمن الدولة.
قبل يومين كان هناك نحو عشرين شخصاً داخل نقابة الصحافيين يطالبون بالعضوية ويتهمون المجلس الحالي بالمحاباة.
جل هؤلاء كانوا من دائرة التوجيه المعنوي وقد استغربت هذا الاستبسال في الحرص على عضوية النقابة مع أن لا مصلحة لهم في ذلك، لأن أي دفاع عنهم من قبل النقابة يواجه برفض مسؤوليهم على اعتبار أن هؤلاء يخضعون لقانون الخدمة العسكرية وهو القانون الذي يمنع أفراد الجيش من الانتماء الحزبي وممارسة النشاط السياسي أو الانتماء إلى جمعيات ونقابات.
قبل أن يبدي نقيب الصحافيين -على استحياء- استحسانه فكرة تأجيل موعد انعقاد المؤتمر العام، كانت مواقع اخبارية حكومية تؤكد أن هناك توجهاً لتأجيل المؤتمر عشرين يوماً للبت في العضوية المعلقة ودراسة مشروع التعديلات على النظام الأساسي وميثاق الشرف الصحفي.. وقد عززت هذه الرغبة بقرار وقف صرف تكاليف انعقاد المؤتمر وبقية موازنة العام الحالي.
منذ العام 1996م وعدد كبير من الصحافيين يطالبون بالعمل من أجل إيجاد نقابة للصحفيين لا تخضع للسيطرة الحكومية من جهة الموازنة أو من حيث النص على عدم جواز وصول رؤساء المؤسسات الاعلامية والناشرين ورؤساء تحرير الصحف إلى موقع نقيب الصحافيين وحتى مجلس النقابة، لأن هؤلاء هم مصدر الممارسات الخاطئة المفترضة على العاملين معهم، وإذا كان القاضي هو الغريم فلمن الشكوى.
اليوم ووجهة مجلس النقابة لم تتضح بعد، هل سيكون مع تأجيل المؤتمر واعادة فتح باب العضوية من جديد أم سيكون مع المضي في عقد المؤتمر في موعده مع الاعتراف بأخطاء ارتكبوها عند اقرار قوام العضوية الجديدة والتقصير في تنفيذ ما وعدوا به. أظن أننا أمام مفترق طرق، فإما إعادة المبايعة كما حصل مع إتحاد نساء اليمن وغيره من النقابات أو أن تقسم النقابة كما حدث عند انعقاد المؤتمر العام الثاني، حيث استفرد الحكم بالعضوية وبالقيادة وبالتالي فإن الخيارات أمام الصحفيين ستكون مفتوحة لتحديد ماذا يريدون.
شخصياً أؤيد فكرة التعدد النقابي باعتبار أن ذلك سمة من سمات المجتمعات الديمقراطية، كما أن غياب المصلحة المشتركة بين الصحافيين المتنفذين في المؤسسات الحكومية وزملائهم في الصحف المستقلة والمراسلين وحتى في الصحف الحزبية يعزز من هذه الرؤية حتى لا نظل اسيري الأزمات التي تزحف علينا عند كل مؤتمر.
malghobariMail
نقابة الصحفيين: أزمة قبل كل مؤتمر
2008-06-19