فكري قاسم يكتب عن عُلماء الزَرَّه! .. ونبيل سبيع يقول: الذارحي ليس «سورة البقرة» ولا الزنداني «جزءْ عمَّ»!
غارقون في كل ما هو شخصي، مترفعون عن كل
ما هو عام ويتسبب مباشرة في إيذاء الناس
عُلماء الزَرَّه!
فكري قاسم
fekry
- على اعتبار أننا مجتمع مراهق وطائش وقليل أدب، وتعوزنا الفضيلة لنعيش كما بقية الخلق، نط لنا مشائخ دين أجلاء بوصفة علاج سحرية وقدموها للرئيس، وهطلت الأمطار استبشاراً بموافقة الفندم! الحمد لله، حتى المطر صَيروه بقرار جمهوري.
< قديماً، بعد الثورة بسنوات قليلة، أحرق رجال دين دار سينما في الحديدة أو المخاء، لا أتذكر المعلومة بالضبط، لأنها (السينما) في نظرهم كانت سبب امتناع السماء عن هطول المطر!!
سنعتبر أن «القطرنة» حق الإمام أحمد ظلت سارية المفعول لسنوات قليلة، قليلة جداً، بعد الثورة. لكن محاولة «قطرنة» الرئيس الآن بمشروع هيئة «الدفاع عن الفضيلة» واعتبارها، منذ الوهلة الأولى لوضعها على الطاولة، أنزلت المطر (!)، فإن إنشائها، لتصبح عصا الله في الأرض، لا شك سيتسخرج ما تكتنزه الأرض من نفط وذهب وغاز وماس وحديد ونحاس وفالصو كمان!!
إذا كانت هيئة الشيخين الجليلين، عبدالمجيد الزنداني وحمود الذارحي، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد طوَّعت السماء منذ الوهلة الأولى، فإن إنشائها وتسمية أعضائها وتوزيع مهامها على جميع محافظات البلد، سيطوع الأرض بالتالي، ويروض الناس، ويحل مشاكل الماء والكهرباء والإسكان والحرب الدائرة في صعدة، وسيحل أزمة الجنوب، ونهب الأراضي والبطالة وارتفاع الأسعار... و... و...و... الخ.
< عموماً يلجأ الناس -عادة- إلى الطب الشعبي وإلى الشعوذة عندما لا يقيمون للعلم وزناً!
< طبقاً للمفكر السعودي القصيمي أدمن رجال الدين «السياسي» إغلاق الأعين عن كل ما يقابلها حتى لا تعاني من رؤية الباطل «الحقيقي» الذي لا تجرؤ على معالجته.
< علماؤنا الأفاضل (وهل تصح تسمية علماء؟) تغضبهم حفلة موسيقية، ولا يتحرك لهم ساكن أو ذرة من ضمير حينما يتعرض 20 آدمي يمني للحريق في خميس مشيط.
- يحرقوا أو حتى ينزلوا ملح! عاااااادي! المهم الدندنة حرام!
< علماؤنا الأفاضل (طيب أيش قد اخترعوا للبشرية!؟) يغضبهم أن يذهب طلاب وطالبات ومدرسو الجامعة في رحلة، وكل واحد يجيء مؤدب من بيتهم. ولا يعنيهم أن المنح الدراسية تتوزع هبات لأولاد الذوات، فيما كثير من المستحقين لها أصلاً يتم ضرب رؤوسهم عرض الحيط!
- من يقولوا لأبتهم؟ هم الاَّ شوية فقراء!!
< شعب في الجنوب صرخوا مراراً: نهبو أراضينا ووظائفنا، وعلماؤنا "ساكت ولا كلمة"!
- يستاهلوا..
كان في معهم مصنع بيرة في عدن، وهذا جزاؤهم؟!
< تهريب الأطفال إلى الجارة الشقيقة أمر لا يعنيهم. الذي يعنيهم: هل كانت أمّ الطفل المهرب محجبة أو ماشي؟!
مرضى الكلى والكبد يصرخون منذ أكثر من عام: ارحمونا وقولوا لـ«راصع» ينفذ توجيهات الرئيس بخصوص صرف حاجتنا من الأدوية الأصلي مش الهندي الرخيص.
جفت حلوقهم وعلماؤنا ولا لهم دخل، يترقبون متى سينط من بين تلك الأصوات صوت امرأة، عندها سيصرخون كمن اكتشف سبقاً لخدمة البشرية: صوت المرأة عورة، اتقوا الله!
ويا ويلها لو أن خصلتيْ شعر -مع كثرة الصياح- تدلتا فوق الجبهة، يا سااااتر! سيقفدون «أقصد علماءنا الأفاضل» بخيبة أمل المرضى وعدم استجابة وزير الصحة لمعاناتهم إلى فوق تلك المرأة المتبرجة، اللي شعرها باين وسط الرجال!
< أن يكون الموت والفقر والقهر والغُلب باين في عيون الناس، عاااادي! إلاَّ أن يبان شعرها، قُم يا عبدالله وطهر الإسلام من هؤلاء الفسقة!!
أن تتكرر وقائع قتل السيَّاح في هذا البلد المسلم والمسالم، اليمن، الأمر عند علمائنا الكرام عاااادي! تشويه سمعة بلد بأكمله لا يحرك لهم ساكناً، المهم ألا تسمع الدولة بإقامة حفلات موسيقية!!
< أن يرتفع سعر الديزل، وتتوقف نصف قوارب الصيادين وهم يعولون، ويعود ثلثا صيادي البحر الأحمر من دون قوارب، حين تأخذها اريتريا عليهم، الأمر بالنسبة إلى مشائخنا اليمنيين عادي جداً، المهم ألا توجد إلى جوار مدارس البنات مكتبة تبيع الورود أو كروت كتب بداخلها "الحب عذابـ"! تلك قمة الرذيلة، ومنكر ينبغي محاربته.
< ستغضبهم راقصة -ربما قادها الفقر- لهز خصرها، ويدعمموا حيال لصوص هزوا -تماماً- ميزانية البلد، وهزَّوا تماماً شخصية الإنسان اليمني من الداخل!!
< قضايا مثل قتل اليمني لأخيه اليمني لا تعنيهم إطلاقاً، علماؤنا بسلامة أرواحهم معتكفون لإيجاد أصل جذري لمسألة عيد الحب!
< يوم 7/7 بالنسبة إليهم ذكرى عظيمة، مع أنها احتفالية تذكر بأن اليمني لطش وحارب أخاه اليمني؛ ومع هذا الأمر عاااادي بالنسبة لعلمائنا الأجلاء، المهم عيد الأم أو الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ذلك تقليد للغرب.
< على فكرة، واحد أعرفه زمان، في يوم عيد الأم «زبط» أمه بالجشائب لمَّا خلاَّها تفهق من صحيح! والسبب أنها كانت في المطبخ تعد لهم الأكل وتسمع أغنية "ست الحبايبـ"! على قليلة أدب!
< الصراحة الصراحة، الابن مش غلطان؛ لقد حذر أمه مراراً ألا تسمع أغاني، لكن الأم زيدت بها وما رضيتش تسمع الكلام! تستاهل الزبط. ويستاهل صاحبنا (عبده) أن يكون عضواً فاعلاً في هيئة الدفاع عن الفضيلة ومحاربة المنكر!!
< مدينة مثل تعز، 10 سنوات وأكثر يعاني سكانها من العطش، وعلماؤنا -بالصلاة على النبي- مشغولون يحفرون آبار اكتشاف الرذيلة!!
< منطقة «هجري» بيت الأعروق/ حيفان منذ سنة 1986، وأهاليها يشارعون وراء الحصول على مكرمة رئاسية لشق وسفلتة طريق بطول 8كم فقط ليربط الناس بقريتهم؛ قريتهم اللي إذا في مع أحدهم مريض أو كرتون فول أو جونية قمح يضطر المرء أن يحملها فوق ظهره ويمشي مسافة طويلة وهو معلق عرض حيد صخري لا يتسع لمرور أكثر من شخص واحد!!
بالنسبة لمشائخنا الكرام الأمر عادي، المهم هل تظهر النساء في تلك القرية مبرقعات أم سافرات من دون براقع؟!
< وأسأل بالمناسبة: هل سيكون شق وسفلتة 8كم بالنسبة للمحافظ الجديد حمود خالد الصوفي أمراً مهماً ويستحق الانتباه؟ أو قد هي من جيز العادي؟!
< على أية حال، يصير الأمر محزناً جداً عندما تكون لدينا كتيبة نطلق عليها اسم «علماء»، فيما هم -كعادتهم- غارقون فيما هو شخصي، مترفعين -كما لو أنهم يعيشون في كوكب زحل- عن كل ما هو عام ويتسبب مباشرة في إيذاء الناس وهتك كرامتهم.
< المنكر من وجهة نظر الشيخين العالمين (!) عبدالمجيد الزنداني وحمود الذارحي، أشياء لا تعدو كونها أمورا شخصية وليست عقيدة مجتمع.
والفضيلة، قمة الفضيلة، بالنسبة إليهما حراسة النواب والتشكيك بأخلاقيات المجتمع! رغم أن اليمني أسلم برسالة ولم يكن يوماً بحاجة إلى صميل (هيئة) يذكره -عبر مكبرات صوت وهابية- بالأذان!!
< يبدو أن المجتمع اليمني صار يعاني وفرة باذخة من الحريات الشخصية، وحياته اليومية محوطة بكل ما يجلب الرذيلة؛ وعليه فإننا لسنا بحاجة إلى علماء «ذرة» يقدمون للبشرية خدماتهم، بل نحتاج إلى علماء «زَرَّة» يزرزروا أبو هذا المجتمع الراخي! المجتمع الذي زيَّد بالرفاهية وبالغُنج ويسمع نانسي وأصالة! على قليلين أدب!!
< مرحباً بهيئة الدفاع عن الفضيلة ومحاربة المنكر! إن هؤلاء العلماء (!) فوق العلم نفسه. ويحاولون -من خلال خوضهم معارك لا علاقة لها برغيف الإنسان، بآدمية الإنسان، بحرية الإنسان وعقله- أن يعطوا لهذا الشُح في الضمير ملامح ربانية!
كما وأنهم يتسامحون دائماً مع الفاسدين والعابثين بحياة الناس ولقمة عيشهم، ولا يتسامحون أبداً مع المفكرين والأدباء والفنانين والكتاب و... سأنتظر -وانتظروا معي- فتوى تكفير مستعجلة، لأنني فقط قلت رأيي!
< أهلاً بالهيئة! وارحبي يا جنازة لا فوق الأموات!
***
الذارحي ليس «سورة البقرة» ولا الزنداني «جزءْ عمَّ»!
نبيل سبيع
nabilsobeaMail
تصدر إسم الشيخ حمود هاشم الذارحي العديد من التناولات الصحفية المنشورة خلال الأسبوعين الماضيين وصولاً إلى الجاري. ويقضي الرجل موسم رواج واضح منذ لقائه بالرئيس صالح، أول أيام الشهر، ضمن فريق «هيئة الأمر بالمعروف» الذي يتزعمه الزنداني.
موسم رواج الذارحي بدأ بالتصريحات الصحفية «الفخورة جداً» بمشروع الهيئة المقترح من «جامعة الإيمان». وقد استمر الرجل في توزيع تصريحاته هنا وهناك قبل وبعد دخوله، الأسبوع قبل الماضي، معركة ضد الصحفيين الذين وجهوا انتقادات لمشروع الهيئة.
وجه الرجل معركته ضد الزملاء محمد الغباري، عبدو قاسم ومحمد الغابري. وقد أرسل -كما يبدو- رداً على انتقاداتهم إلى الصحف الثلاث التي نشرت تناولاتهم، وهي على التوالي: «الشارع»، «الأسبوع» و«الآهالي».
نص الرد أطلعت عليه في صحيفة «الأسبوع» التي نشرته الخميس قبل الماضي تحت إسم مستعار هو «أبو محمد اليماني». وداخل مستطيل صغير، أسفل الموضوع، صورة ضوئية لرسالة مكتوبة بخط اليد تطالب رئيس تحرير الصحيفة بنشر الموضوع «عملاً بحق الرد». والتوقيع: «أخوكم حمود هاشم الذارحي».
لا يتمتع الذارحي، فقط، بـ«مهارة» الاختباء خلف اسم مستعار بل يتمتع أيضاً بموهبة خارقة في التعبير عن رأيه عبر استخدام ألفاظ «مهذبة» جداً تنم عن شخصية ومنظومة صاحبها الأخلاقية.
نشر الرد تحت عنوان «لايكره حماية الفضيلة إلا هواة الرذيلة!». وحمل لغة ومنظومة قيم يصعب وصفهما بأقل من أنهما كانتا منحطتين تماماً.
لقد استخدم داعية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» البذاءة والقذف والتكفير وطعن الأعراض ضد الزملاء الثلاثة. فهو وصفهم، من بين جملة أوصاف، بـ«السفهاء»، «هواة الرذيلة» و«شواذ الأمة» وصولاً إلى اتهامهم بـ«الدياثة».
الحديث هنا عن رجل دين بارز يشغل مقعداً متقدماً في قيادة ثاني أكبر حزب في البلد وأكبر أحزاب المعارضة. رجل يقدم نفسه كـ«معلم فاضل» في تربية الأجيال، وحارس يقظ لأخلاق المجتمع والأمة.
لمن لا يعرف الذارحي، فان النبذة التعريفية المختصرة عنه يمكن أن تكون هكذا: رجل دين بارز في اليمن. عضو الهيئة العليا للإصلاح. عضو مجلس «شورى» الحزب أيضاً. ولن تكون النبذة دقيقة دون إضافة: ويقذف المختلفين معه في الرأي بـ«الدياثة».
من المخجل أن يمر قذف الذارحي للزملاء الصحفيين دون اتخاذ الموقف المناسب. ما من شخص «سويّ» يحترم نفسه وتربطه علاقة ما بالأخلاق وآداب الحديث والاختلاف مع الآخرين قد يتسامح مع لغة القذف والطعن في الأعراض التي تضمنها الرد إياه.
لا يبذل الذارحي أي جهد قبل إطلاق الأحكام. لا يلتفت يميناً أو شمالاً قبل أن يعلن إحدى «حقائقه» المطلقة: مثلاً، يقول إن الشعب اليمني «يعتبر في مثل هذا العمل الذي يسعى إليه (يقصد مشروع الهيئة) نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وسنته».
كيف توصل إلى هذه النتيجة القاطعة حول موقف الشعب اليمني من المشروع المذكور.
في الفقرة اللاحقة، يقول إن الهيئة أتت نتيجة لشعور وتمسك «علماء اليمن.. بمسؤولياتهم الشرعية والاجتماعية فهم (يقصد هو وجماعته) أطباء في مجالهم يحرصون على فحص مرضاهم وتحديد مواطن المرض وبذل كل الجهود لعلاج مريضهم بنجاح». يضيف: «ولا يقتصر دورهم على علاج أمراض الأمة في المجال الأخلاقي بل وتشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية وغيرها». لا حظوا كيف يتجلى الجهل والتنطع في إدعاء القدرة على معالجة جميع المشاكل! لا حظوا كيف لم يخجل الرجل، الذي يقذف الآخرين بهتاناً بـ«الدياثة» وغيرها، وهو يتحدث عن «علاج أمراض الأمة في المجال الأخلاقي» و«التربوي»!
أستخدم الذارحي «الله» و«القرآن» و«الرسول» كهراوات ضد الزملاء الذين بدأ بتكفيرهم لمجرد أنهم وجهوا بعض الانتقادات لمشروع الهيئة ومن خلفه هو ورفاقه. وقد وصفهم بـ«الأقلام المأجورة» التي تقوم «بالتطاول على علماء الأمة والسخرية بالدين والقرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بأسلوب تهكمي، شيطاني، سفيه، وصل إلى حد وصف علماء اليمن بـ«الأوغاد» والاستهزاء بلحاهم» وفقاً لمفتتح رده المنشور.
طبعاً، لا أحد من الصحفيين الثلاثة سخر من الدين أو القرآن أو الرسول، وإلا لكان أورد سخريتهم المزعومة. لكن انتفاخ الذات لدى الرجل جعله -كما يبدو- ينطلق من نقطة افتراض وجود تماهي شخصي بينه وبين «الله» و«القرآن» و«الرسول» و«الفضيلة» و«العفة»، الخ.
الذارحي ليس سورة «البقرة» ولا لحية الزنداني «جزء عمّ». وعليه، فإن وصفهم بـ«الأوغاد» أو الاستهزاء بلحاهم ليس كفراً. قد يكون هذا عمل غير لائق لكنه ليس كفراً بالتأكيد.
يضع رد الذارحي «التطاول على علماء الأمة» في المرتبة الأولى. بعده، تأتي «السخرية بالدين والقرآن الكريم وحديث الرسول»، حسب الفقرة المقتطفة من الرد. وهذا مالا يورده الرجل بالمصادفة.
يفتتح الذارحي رده هكذا: «يقول ربنا تبارك وتعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً» (الأحزاب: 58). ويضيف: «ويقول تبارك وتعالى: «إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق» (البروج: 10). استخدم الرجل هاتين الآيتين كمفتتح لرده وكأنهما نزلت خصيصاً في الغباري والغابري وعبدو قاسم بعد انتقادهم مشروع ميليشيا «جامعة الإيمان» وأصحابه.
لا يحتاج الذارحي إلى يوم الحساب وقرار «الله» لتحديد المؤمنين من سواهم. هو من يقرر ذلك. ولذا فهو يتحدث بيقين مطلق بأنه ورفاقه هم «المؤمنين» وأن الغباري والغابري وعبدو قاسم هم الذين وصفتهم الآية بقولها «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا...».
هذا اليقين يفرض نفسه بفجاجة على امتداد الرد المنشور. مثلاً، يتساءل الشيخ «الفاضل»: «ماذا يريد هواة الرذيلة(يقصد الزملاء الثلاثة)؟! وأي قطار أخذوا تذاكرهم عليه؟!».
الجواب جاهز لديه بلا تأخير. يجيب على نفسه: «هناك قطاران لا ثالث لهما». ويذكر «قطار المؤمنين والمؤمنات» وقطار المنافقين والمنافقات. وطبعاً، الأول قطار الذارحي والزنداني فيما يجلس «هواة الرذيلة» الثلاثة على مقاعد القطار الأخير!
ثقافة «وأد البنات» لم يعرفها اليمن القديم
في سياق تدعيم حديثه حول تكامل جهود «العلماء والدولة والشعب اليمني» بانشاء هيئة «لحماية الفضيلة ومحاربة المنكرات»، يتساءل الذارحي: «ألسنا خير أمة أخرجت للناس؟! خير أمة لماذا؟! لسواد العيون؟! أم لأننا أبناء سبأ وحمير وعرب أقحاح؟! أم لأننا حملنا عقيدة وشريعة غيرت سلوكياتنا من «وأد البنات إلى جعل الجنة تحت أقدام الأمهات».
صحيح أن الإسلام غير سلوكيات وثقافة اليمنيين. لكن أبناء سبأ وحمير لم يكونوا «عرب أقحاح» ولم تعرف حضارات اليمن القديم حكاية «وأد البنات» التي كانت سائدة في شمال الجزيرة (مناطق نجد والحجاز). لماذا؟
ببساطة، لأن المرأة في حضارات اليمن القديم كانت تمثل أثناء السلم حوالي 70٪_ من قوة العمل في الزراعة، وتقترب من النسبة المئوية الكاملة من قوة العمل نفسها أثناء الحرب. وهذا بخلاف وضع المرأة في حياة البداوة على صحراء الجزيرة، حيث كانت ثقافة السبي في الحروب المتبادلة بين القبائل تدفع الرجال إلى «وأد» بناتهم أو أخواتهم خوفاً من مصيرهن في غارات الأعداء. وقد كان غياب الدور الانتاجي في حياة نساء شمال الجزيرة أحد الأسباب الرئيسية في انتشار ثقافة الوأد.
والحال أن «هيئة الأمر بالمعروف..» التي يدعو إليها الذارحي والزنداني لاتهدف سوى إلى فرض ثقافة وأد النساء عبر دفن حركتهن خارج الحياة اليومية إنطلاقاً من ذهنية موازية لتلك التي عرفتها قبائل شمال الجزيرة: رهاب الحرب والعار.
عن عُلماء الزَرَّه!.. ونبيل سبيع يقول: الذارحي ليس «سورة البقرة» ولا الزنداني «جزءْ عمَّ»!
2008-05-29