فيما لجنة الدفاع والأمن تعجز أن تأتي بتقرير حالة عن الوضع الراهن.. جيلان يناشد البرلمان التدخل لانقاذ صعدة وعلي عبدربه يجدد دعوته لموتمر وطني
علي الضبيبي
وقف أعضاء مجلس النواب في جلسة يوم السبت يقرأون الفاتحة على روح زميلهم صالح بن صالح هندي دغسان، وعندما جلسوا كان ينبغي عليهم أن ينتبهوا لصوت مجهول طلع من وسط القاعة: «اقرأوا الفاتحة على أنفسكم أولاً!»
قبل شهر تقريباً نهض عبدالرزاق الهجري من مقعده معترضاً على حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذتها الحكومة بحق ناشطين سياسيين ومدنيين في المحافظات الجنوبية وخاطب زملاءه النواب: «إنها الكارثة.. وإذا لم تقفوا إزاء هذه التطورات وقفة جادة ومسؤولة فإن على هذا المجلس أن يصلي على نفسه صلاة الغائب»، فابتدره رئيس البرلمان برد جاهز: «اطمئن سوف يصلىَ عليك بعد سنة من الآن»، يقصد في الانتخابات النيابية القادمة.
اعتاد مجلس النواب أن ينأى بنفسه جانباً عند حدوث أي مستجد على الصعيد الأمني وبالذات في المواضيع ذات الحساسية الشديدة. يوم السبت تجهز أعضاء البرلمان بما فيه الكفاية وعادوا من أسبوع إجازتهم يشتاطون غضباً. كانوا متألمين لما حدث للمصلين في جامع سلمان بعد صلاة الجمعة. وزاد غضبهم بعد أن أكملوا قراءة الفاتحة على صالح دغسان الذي قتل في وسط النهار على أيدي مجهولين في صعدة الأسبوع الفائت.
وقد أسف النائب علي حسن جيلان لمقتل صالح بن صالح هندي وقال للقاعة: «هذا زميلكم قتل في وهج النهار وبجوار نقطة عسكرية»، وأكد للجميع أن هذه القضية تخص المجلس أولاً «وأن الاغتيالات الآن لم تعد محصورة على الريف. لقد وصلت إلى داخل المدينة». ونبه أعضاء البرلمان إذا ما سكتوا على هذه القضية «أن الدور سيأتي على كل واحد إلى منزله».
وبدا جزيلان شديد الإستياء لما حدث في صعدة من خراب وتدمير وإزهاق للأرواح منذ أربع سنوات، وقال للنواب بلكنةٍ حزينة ومترددة: «نحن أبناء صعدة نناشد هذا المجلس أن يتخذ موقف. أبناء صعدة من حقهم أن يعيشوا بأمان مثل بقية أبناء اليمن».
جزيلان وقف ثانية في جلسة يوم الأحد وأعاد ما قاله بالأمس. وإذ تمنى على مجلس النواب أن يضع حداً للحرب الدائرة في صعدة وأن يكون له موقف، أكد بأن أبناء صعدة يكتبون وصاياهم، وقالوا إنهم سئموا الحلول «وأن الأجهزة الأمنية لم تأت بأي جواب شافي». ولفت إلى ماصرح به عبدالملك الحوثي مساء أمس (السبت) لقناة أبو ظبي «أنهم لن يسلموا أسلحتهم أبداً». وقال للذين يطالبون الحكومة أو اللجان بإعداد تقارير: «يكفينا قد احنا عليها. لم يهتموا على الأرض كيف على الورق». وتساءل جزيلان: «هل شي إجراءات جديدة. هل ستتخذ رئاسة المجلس هنا شيء جديد وإلا فقد شبعنا».
من ناحية ثانية وفي جلسة السبت، طلب الشيخ علي عبدربه القاضي الحديث وكرر دعوته إلى عقد مؤتمر إنقاذ وطني عام للخروج بالبلاد من حالتها الراهنة. وعتب القاضي، الذي قدم هذا المقترح قبل شهر، على هيئة الرئاسة وبالذات على «حمير» و«الشدادي» من أنهما لم يهتما بمقترحه هذا ولم تضمنه محاضر الجلسات. وقال علي عبدربه إن هذا المؤتمر ضرورة لأن الأوضاع تزداد سوءً «وكلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها».
وكان الشيخ علي عبدربه القاضي، وهو من مراد ورئيس كتلة المستقلين في مجلس النواب، قد دعا إلى مؤتمر وطني عام وواسع يتبناه مجلس النواب وتحضره كل القوى السياسية والشرائح والمنظمات المدنية وحتى المعارضة في الخارج من أجل الخروج بالبلاد من هذه الأزمة الخطيرة.
وبما أن الأوضاع الداخلية ملتهبة والأمن ينفلت من يوم لآخر وقد طرأت على البلاد مستجدات خطيرة للغاية، فقد حاول مجلس النواب أن يتحمل مسؤوليته الدستورية هذه المرة وأن يتجاسر. لقد أرخى يحيى الراعي الحبل قليلاً بعد حادثة الجمعة وسمح للنواب أن يقولوا رأيهم في قضية السيارة المفخخة.
طلب الراعي من حمود الهتار ومحافظ البنك المركزي «أن يتوكلوا على الله» لأن جلسة اليوم والغد ستخصص لمناقشة ما حدث في صعدة طالما والقاعة متحمسة للحديث عن القضايا الأمنية. وفعلاً خصصت جلست السبت والأحد لهذا الغرض، وقد كان الحضور خفيفاً والإدانة شديدة للدراجة المفخخة.
وكانت هيئة الرئاسة، في اليوم الأول، بدلاً من أن تطلب من الحكومة الحضور أو من يمثلها، أسندت إلى لجنة الدفاع والأمن مهمة تجهيز تقرير حصري لكل القضايا الأمنية التي حدثت منذ مطلع العام لتقدمه غداً (الأحد الفائت).
عبَّر النواب عن رأيهم بشجاعة إزاء مقتل زميلهم وما حدث للمصلين يوم الجمعة. فقال سلطان البركاني إن مقتل دغسان يجب أن لا يمر بشكل عابر، ورأى أن تشكل لجنة لمتابعة التحقيقات. وفي موضوع السيارة المفخخة قال رئيس كتلة الحزب الحاكم أنها خطيرة «وعلينا أن لا نسكت عنها كهيئة تشريعية وأن نتعرف على مصدر هذه الجريمة وكيف وصلت إلى البلاد لأول مرة». وتساءل بغرابة: «ما حكاية السيارات المفخخة. هل يوجد في اليمن مصانع لهذه السيارات؟ علينا أن نتأكد ونناقش بشجاعة». وحمل نبيل صادق باشا على النواب بشدة إثر اكتفائهم بقراءة الفاتحة على دغسان، وقال: «أنا أطلب من المصدر الأمني الذي قال إنه ألقى القبض على الفاعلين أن يعرضهم على شاشة التلفاز إذا كان صادقاً».
وإذ طالب عيدروس النقيب رئيس كتلة الاشتراكي، من مجلس النواب أن يقوم بدوره إزاء ما يتطور في صعدة من حوادث، قال: «ولكن وفي المقابل يجب أن نقف أمام حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطة في المحافظات الجنوبية بحق ناشطين سياسيين وإلى الآن لم يعرفوا التهم ضدهم».
رفعت جلسة السبت وجاء النواب يوم الأحد وقد انجزت لجنة الدفاع والأمن تقريرها المكون من صفحة ونصف.
لا يصح أن يطلق على ذلك تقريراً بإجماع كل من في القاعة. ورغم الحملة الشرسة والعنيفة التي تلقتها لجنة الدفاع والأمن من كل الأعضاء، إلا أن أمراً مهماً لم يتأمله أحد منهم في هذا التقرير. لقد تعذر على اللجنة الإتيان بتقرير حصري وشامل كما طلب منها لسببين: أحدهما أن القضايا التي أحيلت إليها من هيئة رئاسة المجلس «شخصية وعادية ولا تتعلق بالأمن». والثاني: «القضايا الأمنية المتعلقة بأحداث التفجيرات ولإعتداءات والتقطع والاختطاف خلال الفترة السابقة لم تحل إليها وبالتالي ليس للجنة أي إطلاع عليها» لهذه الأسباب عجزت اللجنة الهامة جداً والقوية أن تأتي بتقرير شامل لمجمل التطورات والمستجدات الأمنية في البلاد- كما ذكرت. وقد اكتفت اللجنة بإخطار المجلس عن 7 حوادت أمنية حدثت طوال الخمسة الأشهر الماضية.
(حادثة مقتل السائحتين البلجيكيتين ومواطن يمني في حضرموت في شهر 1. وحادث مقتل الجندي عبدالله راجح بمحافظة ذمار في شهر 3. أما شهر 2 فقد ظهر للجنة أنه خال من كل الحوادث الأمنية. الحادث الثالث هو تفجير مدرسة 7 يوليو بأمانة العاصمة في شهر 3 وكذا حادثة تفجير في فيلا يسكنها خبراء أمريكيين بمنطقة حدة من نفس الشهر. وطوال شهر 4 لم تحدث في اليمن سوى حادثتين: مقتل عضو مجلس النواب صالح بن صالح هندي دغسان وتفجير طقم ودورية عسكرية في مأرب. وفي هذا الشهر حادثة تفجير أمام مسجد بن سلمان في محافظة صعدة).
هذا هو كل ما تضمنه تقرير لجنة الدفاع والأمن بمجلس النواب. وبإمكان المواطنين الذين هم قلقون جداً ومرتعبون من الحالة الراهنة التي تعيشها البلاد، أن يدركوا إلى أي مدى مجلس النواب يقوم بواجبه على أكمل وجه من خلال هذا التقرير ولجنته هذه المعطوبة.
لقد أجج هذا التقرير من غضب مجلس النواب على لجنة الدفاع والأمن التي لم يكن حاضراً من أعضائها يوم الأحد سوى مذحج الأحمر. وقد طالب نواب مؤتمريون بمن فيهم رئيس الكتلة الحاكمة بإعادة النظر في تشكيل لجنة الدفاع والأمن. وحاولوا وبكل ما أوتوا من قوة أن ينهالوا عليها بالنقد الشنيع، وأن يحملوها المسؤولية بدلاً من تحميل الحكومة وزر ما يجري. ورغم أن اللجنة أوضحت لهم ما نوع القضايا التي أحيلت إليها، وما لم يتاح لها أن تطلع عليه إلا أن أحد في القاعة لم يتأمل هذا التبرير. لم يتذكروا أنهم وقبل شهر من الآن غادروا القاعة وتركوا اللجنة لوحدها وهي تقرأ تقريرها المقدم بخصوص المتقاعدين. لقد أعدت تقريرها ذاك وقرأته قبل أزيد من شهر لكن أحد منهم لم يطالب هيئة الرئاسة بمناقشته والإطلاع على ما ضمن.
فيما لجنة الدفاع والأمن تعجز أن تأتي بتقرير حالة عن الوضع الراهن.. جيلان يناشد البرلمان التدخل لانقاذ صعدة وعلي عبدربه يجدد دعوته لموتمر وطني
2008-05-08