قبل 3 أشهر تلقى علي حمود السنحاني خبراً سيئاً: عشرون كلباً قضت بعد قيام عاملين من بلدية أمانة العاصمة بتسميمها.
كان يطعمها لسنوات قبل اختفائها منتصف العام المنصرم.
لكن السنحاني يواضب حالياً على إطعام ما يربو على خمسين قطاً وقطة، إضافة إلى ثلاثة كلاب هي مجموع ما تبقى من الكلاب التي تحتفي به كلما جاءها حاملاً الطعام.
يعيش «صديق الحيوانات» في منزله المكون من ثلاثة طوابق, برفقة التوأم «سالي، وجاكي» منذ مولدهما قبل عامين، وهما قطتان تدركان جيداً آداب المنزل، كما وأن التبول في الحمام إحدى مميزاتهما. «ربيتهما على ما أحب، وعودتهما على النظافة»، قالها وهو يبتسم. وزاد: «أشعر بالسعادة كلما أرى سالي، وجاكي تلعبان أمامي وتتنططان وأنا مخزن».
سالي وجاكي هما ما تبقى للسنحاني من ذكرى والدتهما (القطة التي عاشت في منزله 13 عاماً).
منذ 50 عاماً وهو يطعم القطط. وهي عادة إكتسبها من شخص يدعى العزي الشوكاني كان يهتم بإطعام القطط والكلاب.
«أنا أطعم القطط بيدي ولا أعتمد على أي شخص، حتى وإن كنت مريضاً. وكلما أخلصت في إطعامها أشعر بالراحة النفسية».
تقاعد «صديق الحيوانات» عن العمل منذ 15 عاماً بعد أن أمضى ضعفها في أقسام الطوارئ للعديد من المستشفيات.
منذئذ يستقطع 9000 ريال من راتبه (البالغ12000 ريال) ينفقها في إطعام القطط والكلاب. طعامها عبارة عن بقايا الدجاج (رأس، أطراف، أمعاء...الخ)، يجمعها من مسلخين للدجاج مقابل 7500 ريال شهرياً، و50 ريالاً يومياً تكاليف نقلها إلى منزله في حي بير منصور -قبة المهدي، في الجهة الغربية لشارع الذهب الممتد من شارع القيادة مديرية التحرير، وهو حي أشبه بالمتاهة التي تخلفها الأزقة المتداخلة والمتشابكة. لكن الوصول إلى منزل صديق الحيوانات أسهل ما يمكن: فقط إقتف أثر القطط، التي ستلحظ أسراباً منها تعبر الأزقة في الساعة الحادية عشرة ظهراً -موعد إطعامها- والتي ستبدو في حجمها الكبير ملفتة، وستقودك عبر تلك المتاهات وصولاً إلى مائدة الطعام في باحة منزل السنحاني.
في شهر رمضان تدرك القطط جيداً أن موعد إطعامها يتأجل إلى ما بعد صلاة العصر.
السنحاني الحاصل على دورات في الصحة الوقائية في يوغسلافيا يرى أن إطعام القطط «واجب ديني وسلوك حضاري»، ويتحسر من الطريقة العدوانية التي يقابل بها من جيرانه.
وبصوته الستيني: «يتهموني بتوسيخ الممر ببقايا الدجاج برغم أني أقوم بتنظيفه بعد ذهاب القطط».
ويأمل لو أن الشعوب العربية والاسلامية تربي أطفالها على الرفق بالحيوان وحبها. هو يمضي قرابة أربع ساعات يومياً يوزع الطعام للقطط المحتشدة بجوار منزله. وحين يفرغ من واجبه يبدأ بتناول غذائه ويقضي قيلولة القات في الطابق الثاني من منزله بجوار نافذة تطل على الممر محاولاً بذلك صد أو منع الاطفال من إيذاء القطط التي ألفت البقاء بجوار باب منزله وعلى نوافذ وأبواب المنازل المجاورة. هو يعتبرها عائلته: «القطط هي أسرتي وأنا سعيد بذلك».
يعيش السنحاني (65 عاماً) برفقة التوأم (سالي، وجاكي) في منزله وكان انفصل عن زوجته قبل 10 سنوات؛ «خيرتني بين القطط وبينها، فاخترت القطط», قالها بنبرة لا توحي بالندم. قبل أن أغادره أبلغني أمنيته الأخيرة، مشدداً على نشرها: أن تنشئ الحكومة حديقة خاصة لتربية الحيوانات، ليقضي بقية عمره في خدمتها.
نشر بتاريخ 2007-01-3