التصنيف الاعلامي.. خيبة أمل واحتفاء بائس - محمد شبيطة
خيبة الأمل والشعور بالإهانة خيَّما على الصحفيين في المؤسسات الإعلامية الرسمية بعد اتضاح حقيقة القرار الصادر عن مجلس الوزراء بشأن ما سمي بـ«التصنيف الإعلامي»، فقد جاء هذا القرار في مضمونه خالياً من أي امتيازات مالية أو وظيفية، وجاء مناقضاً للتوصيف الإعلامي الذي قدمته نقابة الصحفيين اليمنيين لوزارة الخدمة المدنية، وكذلك الكادر الإعلامي حبيس الأدراج منذ أكثر من عقد ونصف. وهذان المشروعان ظلا حلماً يراود الصحفيين في هذه المؤسسات منذ بداية التسعينيات مع إشراقة شمس الوحدة اليمنية المباركة. ومع مرور هذه السنوات التي حملت معها توجيهات رئاسية ووعود رؤساء حكومات متتالية بضرورة إقرار توصيف وظيفي للاعلاميين في المؤسسات الرسمية، إلا أن الوضع ليس فيه جديد، فالمعاناة مستمرة وهي جامع مشترك يوحد الصحفيين، وفي ظلها يصارعون ضنك العيش وايجارات المساكن، والحكومة مازالت تعامل الصحفي كموظف وليس صاحب مهنة تحتاج إلى جهد وإبداع. ومع ذلك فالصحفيون يعملون بعطاء لا حدود له، متجاوزين الهمّ المعيشي على الرغم من انعكاس هذه الهموم على العمل الإبداعي.
والعقول التي تتربع على بطون خاوية من الصعوبة أن تنتج بتميز.
قرار مجلس الوزراء الاخير في هذا الشأن أجهض آمال وأحلام الصحفيين بتحسين أوضاعهم المعيشية، وأشعرهم بالإهانة، لأنه لم يحمل سوى ما يسمى «بدل طبيعة العمل» والتي حصل عليها من قبل كثير من الجهات والمهن. وجاء هذا القرار خالي الوفاض من توصيف للوظائف الصحفية، ما يمثل انتكاسة لكل الآمال التي بنيت على الوعود المتكررة من الحكومة، لتخيم من جديد أجواء الضيم والجحود التي يشعر بها الصحفيون تجاه ما يقدمونه من عطاء يعتصرون من أجله سنوات العمر ليحصدوا التشرد والمعاناة، متعرضين في عملهم لأمراض مختلفة وعديدة أثبتت الدراسات العلمية أنهم معرضون لها، ومنها قصر العمر، لأن العمل الصحفي يحتاج إلى ذهن وتفكير ومتابعة صباح مساء يعيشون في قلق دائم يشغل الوقت حتى على فراش النوم.
وكان الصحفيون استبشروا خيراً بعد تحركاتهم الأخيرة والتي استطاعوا خلالها تحريك المياه الراكدة في نقابة الصحفيين والجهات الحكومية صاحبتها تصريحات صحفية للاخ رئيس الوزراء الذي أكد توجه الحكومة نحو إقرار القوة...... إلا أن ما خرج من جعبة حكومته مثل صدمة وإهانة للصحفيين وجعلهم على يقين بأن هذا القرار هو مجرد مغالطة واضحة تبعدهم عن العيش في حياة كريمة ومستقرة. وأسوأ ما حمله نبأ قرار التصنيف الاعلامي هذه هو ذلك الاحتفاء والتهليل من قبل الاخ وزير الاعلام لهذا القرار، والذي ربما لم يطلع عليه، ولأن مخاض الحكومات المتعاقبة لم يخرج من رحمها غير مولود مشوه غير قابل للحياة، بل إنه اضاف لمعاناة الصحفيين أعباء إضافية، خاصة بعد احتفاء الفضائية اليمنية وضيوفها، لأن ذلك ارتد سلباً على الصحفيين، لأنه وبمجرد تداول هذا الخبر ظهر فجأة المؤجرون يطالبون بزيادة ايجارات المساكن بعد سماعهم ذلك الاحتفاء البائس من وزير الاعلام ونائب وزير الخدمة المدنية صاحب الماركة الاصلية لهذا القرار البائس.
ومع تحركاتهم الاحتجاجية ورفضهم للقرار أظهر الصحفيون مدى تفاعلهم وتماسكهم من خلال اجتماعاتهم المتواصلة وجهود اللجنة التنسيقية العليا للمطالبة بتوصيف اعلامي حقيقي يضمن لهم حياة مستقرة.
وهؤلاء الصحفيون يؤكدون اليوم، بعد انتقالهم من رفع الشارات الحمراء إلى بدء الاضراب الجزئي، أن مطالبهم مستمرة تواكبها احتجاجات تصاعدية قد تصل إلى الاضراب الكلي إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم وبعزيمة لا تلين ووحدة في الموقف والمطلب، فإن الوعود والمماطلة من الجهات المعنية لم يعد لهما مكان في باحات العطاء الصحفي والاعلامي.
التصنيف الاعلامي.. خيبة أمل واحتفاء بائس - محمد شبيطة
2009-02-26