يمن الى الجحيم إرضاءً .. لغرور الجارة!! - حسين اللسواس
لا تنفك الجارة الكبرى "السعودية" تؤكد أنها تظل الحلقة الأقوى والطرف الأكثر حضوراً وتأثيراً في صنع القرار السياسي اليمني وتوجيه مسار التفاعلات السلطوية اليمنية تجاة القضايا المحلية وبالأخص تلك التي تحيط بها أسلاك التأزم الشائكة.
أزمة صعدة، التي تأتي ثانياً في تراتبية الأزمات اليمنية بعد معضلة الجنوب، باتت تعتلي قائمة المراتع الخصيبة التي يطيب للجارة، التواجد فيها، بتأثيرها وأذرعها، سواءٌ في تقاسيم المشهد الميداني، أو في تفاصيل بناء المواقف السلطوية.
القرار الرئاسي الشهير بإيقاف الحرب، رغم انه بدا مناوئاً لهيمنة الجارة، وحملت تفاصيله مؤشراً على انسلاخ القرار اليمني من الوصاية، إلا أنه لم يكن يرقى لمنزلة الدليل والبرهان على بلوغ الدور السعودي مرحلة الإحتضار، فالجارة مازالت، رغم إيقاف الحرب حاضرة في كل الزوايا، في حين مازال شيطان تأثيرها كامناً في التفاصيل..
تعيين حسين الأحمر، على رأس لجنة الوساطة بين السلطة والحوثيين، رغم انه بدا للبعض مفاجئاً، إلا أنه لم يكن كذلك لدى المتفحصين في "ظاهر"الأحداث وذوي الإطلاع على "باطنها"..
النتيجة لدى اصحاب "الظاهر والباطن" واحدة، بلاشك، مؤداها عودة الدور السعودي لسابق عهد التأثير في المطبخ السلطوي اليمني وتوجيه مجرى القرار بإتجاه المصب المتوافق مع المشيئة السعودية.
لنعد بالذاكرة قليلاً، وتحديداً لماقبل قرار إيقاف الحرب بأسابيع ومابعده بأسابيع أيضاً، ماذا نجد؟!قبل القرار كان حسين الأحمر، قائداً ميدانياً لمليشيا الجيش الشعبي الحاشدي المساند للقوات النظامية في المعارك ضد أنصار عبدالملك الحوثي، وبعد القرار انبرى الأحمر ليندد بالإيقاف واصفاً إياه بالخيانة الوطنية.
يومها كان حسين الاحمر متزعماً لجبهة المعارضين للسلام، الرافضين لحقن دماء أبناء الوطن المتدفقة، وقتذاك، لم تكن مصلحة الوطن مدرجة ضمن أجندة مناهضي الإيقاف، فإرضاء الجارة هو الغاية حتى لو كان ذلك الإرضاء سيأتي على حساب سفك الدماء البريئة.
للوهلة الأولى، تبدو عبارة: ياللهول! هي الأكثر قرباً لوصف تفاصيل المشهد؛ إذ كيف لزعيم معارضي السلام وقائد مليشيا الحرب، أن يكون رئيساً للجنة الوساطة بين السلطة والحوثي!!
بعبارة أخرى، يمكن القول إن حدوث أمر كهذا ظل لدى الجميع ضرباً من ضروب المستحيل. حدوثه، وتحوله الى أمر واقع، لايحتمل أكثر من تفسير واحد مفاده أن القرار لم يكن ناتجاً عن نزعة وطنية خالصة. بصمات الجارة الكبرى في إتخاذه واضحة، وليست بحاجة للإستعانه بضاربي الودع أو قارئي الفناجين، بل إن السعي لحشد الأدلة واللهث خلف البراهين وتقديم المعطيات وبناء الإفتراضات، كل ذاك يعد عبثاً ومضيعة للوقت.
الأكيد، وفق ظني، أن التقارب اليمني السعودي الأخير الذي أدى لعودة أصابع جارتنا لممارسة هواية العبث التأريخي، سيأتي على حساب أبناء صعدة الذين غدا حالهم شبيهاً بكرة تنس يتقاذفها الطرفان، بمضرب الحسابات، في ملعب حافل بالجماجم وجداول الدماء.
نذر الحرب، إذن، عادت مجدداً، وصدى ظهور المأساة بات لائح في أفق الترقب بالتوازي مع القرع المفاجئ لطبول الحرب، ليبرز المشهد في نهاية المطاف موافقاً لعبارة: يمن الى الجحيم إرضاءً لغرور الجارة الكبرى.
يمن الى الجحيم إرضاءً.. لغرور الجارة!!
2008-11-27