صنعاء 19C امطار خفيفة

خوفا على بلحاف، ومحاولة لنكء بؤر التوتر الذهني.. الجمل المفخخة حين تصنع الكوارث (زورا باسم الله)

2007-04-05
خوفا على بلحاف، ومحاولة لنكء بؤر التوتر الذهني.. الجمل المفخخة حين تصنع الكوارث (زورا باسم الله)
خوفا على بلحاف، ومحاولة لنكء بؤر التوتر الذهني.. الجمل المفخخة حين تصنع الكوارث (زورا باسم الله) - نبيل الصوفي
رسم قرابة (11) دنماركياً ما هو في ذهنيتهم عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وعلى كل إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وسلم. وبعد أشهر من التفاعل الصامت تفجرت الأحداث في العالم العربي، ولم تهدأ حتى أثارت معارك من كل نوع، حتى أنه في دولة كسوريا أحرقت سفارات، وداس المسلمون في غير مكان ما اعتبروه مقدسات وطنية للدول الغربية، دفاعاً عن مقدساتهم التي لم تحترم الحكومة الدنماركية مطالبهم بالاعتذار لها نيابة عن (11) إنساناً لا يؤمنون بأي مقدس.
ومع الجدل النظري الذي كان يغذي إشعال الحريق، أو لنقل يتأثر بأدخنته، فإنه وبمجرد أن خفت الصراع الميداني، عاد كل "فقيه ومفكر ومثقف" أدراجه منتظراً معركة ميدانية جديدة تعيده للواجهة، ليبدأ من جديد في التنظير كحاكم بأمره لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأتحدث هنا سواء عن الذين دافعوا عن حرية الدنماركيين وحكومتهم، أو الذين دافعوا عن حرية المسلمين في دفاعهم عن مقدساتهم.
وبهدوئهم ما بعد العاصفة، وانصراف كل منهم لحاله، يتبدى الشلل النظري الذي حين لا تحركه إلا المعارك السياسية، يفقد كونه فعلا معرفيا وفكريا.
لكن ليس هذا المراد الحديث عنه، بل في تناسي الخصوم من الكتاب والفقهاء والخطباء والمثقفين أنهم كالسيل الذي يحتاج لجهود كبيرة لتصفية مجراه من آثاره بعد انتهائه، إذ – أثناء جريانه- يجرف أحجاراً من أوزان مختلفة للطريق العام.
ومع أن معدات مختلفة تفعل ذلك مادياً خلف السيول العينية، فإن لا أحد يفعل ذلك في ميدان الفكر والثقافة، مما يشكل أحد أسوأ (منطلقات) التطرف ومن ثم الإرهاب.
عن البشر لا عن النصوص
وقبل أي حديث، أود أن يمنحني القارئ صك غفران مسبقاً، إذ إنني هنا لا أتحدث عن النصوص والأفكار وإنما عن الأشخاص والمجريات، فالفكرة –كفكرة- سلاح ذو حدين لا يمكن اعتبارها مصدراً مجرداً للعنف أو للسلام.
كما أنني أستسمحه في التأكيد أن حديثي عن المربع الإسلامي في هذا السياق، ينبع من أن العالم الآخر (الغرب) بالذات صارت تحكمه المصالح إلى حد كبير، ليس كنزعة وجودية وحسب، بل وكإحدى إفرازات التطور الاقتصادي الذي يعيشه، فيما لا يزال العالم الإسلامي مشدوداً نحو الأيديولوجيات.
مع التأكيد أن ليس في الحالتين شر ولا خير محض، فثمة حاجات وصواب في كلتا الحالتين حسب المجريات المختلفة، ثم ينطبق الأمر على هذه الحالات من حيث المبدأ والعموم، لا من حيث التفصيل والخصوص.
منطلقات مفخخة تحمى بالتواطؤ
تذكرت هذه القضية وأنا أتابع الحريق الذي سيظل علامة فارقة ومهمة في يوميات أهم مشروع مستقبلي لليمن وهو مشروع الغاز في الساحل الشرقي (بلحاف)، الأسبوع قبل الماضي.
لقد اختلف عاملان (يمني وفرنسي)، وبالتأكيد أن الخلاف كان خلافاً مادياً حاليا، لا علاقة له بالحروب الصليبية، وبفتح القسطنطينية، ولا بغزو بغداد!
غير أن المختلفين اثنان منا -بني البشر- يحملان التصورات الجمعية لمجتمعاتهما، تجاه الآخر، وكان يمكن للخلاف أن يمر مرور الكرام، لكن العامل اليمني كان يحمل (مصحفاً)، ولأسباب ليس أقلها المهانة التي تكاد تكون شعورا لازما وشخصيا وذاتيا لدى غالب المسلمين وبخاصة المتدينين منهم في ظل ما يتعرضون له من مهانات جمعية منذ مئات السنين، ولأخطاء كبرى أيضا، تحول (المصحف) إلى حجر الزاوية في الخلاف برمته حتى أنه قاد بعد ذلك شغبا لم يعلن حتى الآن عن حجم خسارته، ولم يتوقف حتى اليوم عن التفاعلات بشأنه، رغم الإعلان الحكومي عن أن الخلاف لم يكن حول القرآن، وتأكيد شركة الغاز أنها لن تقبل بأي عامل يمس مقدسات رفاقه في العمل، مع أن أيا من العاملين لا يعملان تحت إشرافها بل تحت إدارة شركة تنفذ جزءا من الإنشاءات، كما هو معروف في مثل هذه المشاريع العملاقة.
وعند هذه النقطة، وأنا أكتب مقالي هذا الأسبوع الماضي توقفت عند القول: "لن تتوقف تفاعلاته عن ما حدث. وليلطف الله من يوم قد نجد فيه بعضاً ممن يثأر للإسلام وشباب المسلمين بأعمال إرهابية في منشأة هي ملك في غالبها لدولة مسلمة وشعب مسلم، لكنه الصراع ذاته الذي يريق الدم في السعودية، ويقتل في العراق، وهو ذاته الذي يهلك الحرث والنسل في محافظة صعدة اليوم، وهي ممتلكات لمسلمين، لكنه العقل الغائب الذي يقتل القريب، متذرعاً بمواجهة البعيد".
ولأني لم أنشر المقال حينها، فسأضيف التالي:
لقد تتالت المواقف العامة، فأصدرت فروع أحزاب اللقاء المشترك في محافظة شبوة، بلاغا، وتابعته بشكل يومي بمواقف، ويكرر أعضاء في مجلس النواب، وبخاصة من حزب التجمع اليمني للإصلاح حديثهم، وعلى مسافة بعيدة من هؤلاء كان تصريح يحيى الخوباني (أبي الحمزة) أحد قادة جيش عدن أبين إنه "في حالة عدم قيام الدولة بما يجب عليها فإنه سيتم استهداف المنشآت"، محددا طريقا واحدا لتنفيذ هذا الواجب هو معاقبة الفرنسي. مزيدا أن من يتستر على الفرنسي بأنه "كافر خارج عن الملة".
لن يجوز الخلط في الموقف، ولا وضع الجميع في سلة واحدة، واعتبار طالما والإصلاح في صراع سياسي مع حزب ما فإنه يمكن الحديث عن علاقته والخوباني، لذا أبدأ بتأكيد حق الإصلاحيين وحلفائهم في المشترك في التعبير عن مواقفهم طالما وهم أصلا جماعات عمل سياسي لا يقرون بالعنف وسيلة لتحقيق التصورات والمطالب، ويمكن لولا أن الأمر يتعلق بمنشأة مهمة وتديرها الدولة لكان المؤتمر الشعبي خاض منافسة مع الإصلاح والمشترك.
غير أن الأمر يأتي قبل الحديث عن التطابق والفروق، إذ ردد الجميع الجملة العابرة والمفخخة: "الفرنسي الذي أهان المصحف" أو القريبات منها.
ولن يجرؤ الكاتب هنا على مناقشة ما يستحقه من يهين الرموز والمقدسات، ولا للأسف من النزوع الإنساني نحو استغلال المقدس لشراء "عرض من الدنيا قليلـ"، لكنه سيتوقف عند ما تصنعه هذه الجمل من متواليات تصبح في النهاية واحدة، على هشاشتها من أكثر مبررات الإرهاب انتشارا، وتمنع المجتمع من تحرير مجاميعه الشابة والمتحمسة والجادة.
ويمكن هنا تتبع مبررات ما نعتبرها تهمة الإرهاب، وبخاصة من المجاميع اليمنية التي تحاكم اليوم، سواء بتهمة القتل في العراق، أو محاولات تفجير الضبة وصافر، وسلسة طويلة من المصائب، منذ ما قبل كول.
إذ يتحدث الجميع بذات المنطق العام، الذي لولا أنه كما أشرنا آنفا، لا يصدر من ممارسين للعنف لما اختلف الحكم، ولصار من الظلم معاقبة الجادين فقط، والذين ينتقلون للفعل رفضا لأن يكون الحديث عن الجهاد، والاستعمار، والتنصير، والتبشير والاحتلال الصليبي، والسعي لإبادة الإسلام وأهله، مجرد جمل جوفاء يرددها الخطباء والساسة لغرض التمركز في مراكز الصدارة العاطفية.
حماية مصادر الشر
أتذكر أني خضت جدلا بشأن المعتقلين في جوانتنامو مع صحفي من نيويورك تايمز الأميركية، وجاءتني بعد أشهر صحفية من صحيفة أميركية أخرى تناقش معي ما لم تستوعبه من حديثي الذي نشره رفيقها.
كنت أعترض على المعتقل الذي سيظل وصمة عار في جبين الإنسانية، ومصدر اعتراضي هو أن استمرار اعتقال من فيه، حرم المجتمعات الإسلامية من مراجعات حقيقية تجاه الخطاب الذي أفضى بكثير من أولئك الشبان إلى ذلك المعتقل اللعين.
بل، وفيما يتقلب المعتقلين بين قضبان المعتقل، وينمو لديهم الشعور بسوء الأميركيين الذين يعتقلون شخصا، ويضعونه بعيدا عن أعين القانون لمجرد أنه اعتنق أفكارا يرونها خطرا عليه (أتحدث هنا عن الغالب من المعتقلين الذين لا هم أسرى حرب، ولا هم من صفوف القاعدة أصلا)، في ذلك الوقت يواصل الخطباء والساسة الذين صدروا هؤلاء الشباب إلى أفغانستان ما بعد انفراط عقد التعاون الدولي على مكافحة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، يواصلون ذات الخطاب التعبوي، تجاه العلاقات الدولية وقوى الكفر والصليب، وغيرها، بل ويمكنون من استغلال ذات الضحايا من السابقين إلى جوانتانامو، كأدلة على ما يقولونه.
وفيما يعود الشيخ مجللا إلى مخدعه، والسياسي متابعا أثر تصريحاته بابتسامة لا تخلو من فجاجة، يكون ثمة مجاميع جدد من الشباب يتحينون فرصا أخرى لجهاد لا يأبه لكل قواعد الشريعة والقوانين، بل ويعتبر المتحدث عنها أولى بالجهاد من غيره!!
ولقد أحسن القاضي البعداني حين حكم ببراءة مجموعة يمنية اتهمت بالقتال في العراق، ولكن ليس لصوابية مبرراته، بل باعتبار حكمه إدانة للسطحية التي نتعامل بها جميعا مع المفاهيم التي يمكن اعتبارها مفاهيم منتجة للإرهاب، كالدين باعتباره رافضا للحدود الوطنية، والفتوى بديلا للقرار، والجهاد كهوية لا تعترف بالمشروعيات الجغرافية، والوسع الفردي كمناص من الوسع الجمعي. إذ كل هذا حين يضاف لوعي مشحون بالعدائية العشوائية للآخرين دينا وأرضا وجغرافيا، لا يكون إلا عنواناً لكوارث مهما أثرت في هذا الآخر فهي في البداية عاصفة ضد مجتمعاتنا نحن.
أمريكا الصليبية وفرنسا المسيحية
إن مراجعة للخطاب الأكثر انتشاراً بأسس ومنطلقات دينية أو قومية أو وطنية تجاه هذه القضية (العلاقات الدولية) تكشف لنا حجم الألغام التي نوفرها جميعا للانحراف كي يخطف منا أكثرنا جدية وطموحا وحتى نقاءً، من الشباب الذين يزرعون في حياتنا الكوارث، ولكن دون أي نزعات إجرامية في حالات كثير منهم.
يمكن يمنياً أن نركز بشكل رئيس على ما تنشره مطبوعات الزميل سيف الحاضري عن هذه العلاقات، بل ويمكن تذكر ما حفلت به مطبوعات كـ"26سبتمبر" و"الثورة" و"الجمهورية"، وجميعهن من المصادر المحترمة.
ولا مناص من تذكر ما نشرته صحيفة "الناس" بقلم أحد كبار الكتاب الإصلاحيين ضد العبد لله، وما نشرته صحيفة "الميثاق" ضد معارضين آخرين.
بل وحتى ما نشره الأستاذ عبد الملك التاج في عدد الأسبوع قبل الماضي من صحيفة "الصحوة" عن المنظمات الدولية. وليعذرني صديقي وأخي عبد الإله حيد والذي أسميه بالاسم جراء مقال كتبه عن مؤتمر عام حزب الإصلاح بعد اختتامه، نقدا لجيل الإصلاحيين لأنه يتعامل بتقدير و"مواثيق وتقارير المنظمات الدولية". يضاف إلى ذلك الخطاب الذي اعتبر موافقة البرلمان اليمني على المحكمة الجنائية الدولية كفرا باعتباره "تولية لكافر على مسلم"، بل وأدخلت (تحت حكم الكفر) بعض الصحف، من قبل بعض الأجلاء من الخطباء وفي خطب للجمعة لم يحضر فيها أحد من المحرض ضدهم ليدافع عن نفسه. وكأن المحكمة ستنظر في العقائد، بل وكأن التفريق بين القاتل المسلم والقاتل المسيحي، أصل له ما يسنده قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وليس ذلك بصحيح مطلقا، ولا هو يحتمل حتى النقاش لو أنه أتيح لذلك، ولكن من يقولون به يقولونه بعيدا عن الرأي الآخر، مهما كان حجم العمامة التي يحملها، أو العصر الذي عاش فيه.
مرة أخرى، من الخطورة بمكان السعي لتكميم أفواه أناس لا يمارسون العنف فقط لقولهم رأيا مماثلا لأيديولوجية الإرهاب. ولكني أتحدث عن خطاب لا يناقش، ويقدمه أصحابه باعتباره يقينيات، وباسم الله، وفوق هذا كله لا يحملون أي مسؤولية تجاه من يجرونهم للفعل تحت ضغط هذه الخطاب، بل يزيد بعضهم حين ينفذ شخصا ما عملا سمع منه التنظير له أن يتهم أطرافاً أخرى كالسلطة والأجهزة الأمنية في أنها صنعت فلانا أو علاناً، كما حدث مع قاتل الشهيد جارالله عمر، علي جارالله رحمهما الله جميعا.
إننا نتحدث عن العلاقات الدولية بمنطق يزرع القناعة بأن الخارج، كل الخارج، مجرد وحدات تتآمر على الإسلام والمسلمين، وكل من يتعاطى مع هذا الخارج مجرد خائن وعميل، ليس في سياق الصراع على المصالح -مع خطورة الأخيرة- ولكن في سبيل تنفيذ خطة صليبية لتدمير الإسلام!
لذا حين يسمع يمني- حتى لا يؤدي الصلاة- في أطراف مناطق بلحاف أن عاملاً أجنبيا وضع قدمه على مصحف، يستعيد كل وعيه تجاه هذا الخارج ومشاريعه ومخططاته لتدمير الإسلام وإبادة أهله.
لسنا هنا في معرض الحديث عن الغرب ودوله باعتباره رسلاً للإسلام والمحبة، ولا ناشرة للهدى والرشاد لكننا فقط نعتبر أن الخطاب العمومي والعشوائي خطر في كل الأحوال والحالات، أكان لتأكيد الخيرية أم عكس ذلك.
إنني حين أسمع مثلاً، خطيباً ينتقد قيم الغرب التي يراد فرضها على المجتمعات الإسلامية، لا يتبادر لذهني أبداً القيم الخيرية كالجدية والصدق واحترام الخصوصيات، إذ في وعيي الباطن كفرد داخل هذه الثقافة الاجتماعية، فإن قيم الغرب هي كل شيئ سلبي، وكأن الكذب والخيانة واللصوصية وغيرها مجرد صنعة لمجتمع غربي!!
ومع أننا نتحدث عن الغرب كمدرسة دينية مسيحية أو يهودية، وهذه الديانات ومع ما يقال من تحريف تعرضت له في أصولها لا تزال في موقفها من هذه الأخلاق السيئة كما أمر الله بها أنبياءه عليهم السلام جميعاً.
محاولات غربية تنتظر جدية إسلامية
لقد بذل شاب ألماني جهده وهو يطوف بنا مجتمعات إسلامية في مدن ألمانية في سياق مشروع ألماني وطني لدمج المسلمين في الهوية الألمانية.. وأتذكر مشاهدات العبد لله في مدينة شيكاجو بعد أقل من عام من أحداث ال11 من سبتمبر، والتجمهر الذي كان فيه المسلمون والمسيحيون واليهود وهم يشرحون لنا جهودهم في متابعة مواطنين من المشرق تم اعتقالهم في سياق الاختلال الأمني الذي نتج عن زلزال مانهاتن حينها. وكثير من الجهود لا يتسع المقام هنا للحديث عنها. يمكننا هنا تذكر حملة كالتي نفذتها مؤسسات بلجيكية –الشهر الماضي- لتوزيع نسخ مترجمة للقرآن للراغبين والراغبات وإعلان ذلك عبر وسائل الإعلام.
بالتأكيد فإن هذه الجهود الهادفة استيعاب مشكلات المسلمين في أميركا وألمانيا –على سبيل المثال، ليسوا كل المجتمع هناك، إذ ولا شك ثمة تطرف سواء ديني، أم علماني – كما حدث تجاه الحجاب في فرنسا مثلاً.
غير أننا بحاجة إذا لنتذكر أن فرنسا التي حرمت الحجاب تعيش مشكلة داخلية جراء ذات المشكلة لأنها تجد من الصعوبة بمكان التوفيق بين قرارها المشار له ضد الحجاب وأسسها العلمانية التي تقف موقفاً واحداً من الديانات بل ومن المقدسات برمتها.
إننا بحاجة لتتبع مشاريع أوروبا المهمة تجاه دمج المسلمين في المجتمع الأوروبي، وتذكر أن ثمة وجها آخر لتلك المجتمعات يوجب علينا الكف عن الخطاب العقيم، مهما كنت مبرراته طالما صار هو أولا رأس الحربة لكل مشكلة. مع الفصل بين حالات الاتفاق والاختلاف، فالتعبئة ضد الآخر هكذا جملة، تعد ظالم وصدق الله القائل: "الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
صراع على المصالح..
إننا بحاجة لنقاش يحرر المعتقدات من الاستغلال في سياق الصراعات التي هي حق مشروع ولكن بدون تعييم ولا تعويم.
وقبل هذا وذاك فإن الإرهاب شر محض، أكان ضد آخر دينا ومصلحة، أم داخل المجتمعات المسلمة ذاتها، من الرياض وحتى بلحاف.
نعم، يتوجب علينا الغيرة على ديننا، ولكن من الغيرة على هذا الدين، رفض تحويل الفتوى الفردية إلى وسيلة تجعل من بعضنا أرباباً لبعض من دون الله، يقرر نفر منا باسم الجميع، لا بل وباسم الله سبحانه وتعالى وجل شأنه.
إن الفتوى الفردية هي مسألة تتعلق بالحاجة الفردية، فيما الحاجات العامة تحكمها قواعد عامة ومختلفة أيضاً. ومن لا يحسن ردع نفسه عن الإساءة للإسلام عليه أن يبدأ جهاده من تلك النفس التي بين جنبيه، فهي التي تزين له القول غرورا، والله متم نوره.
nbil

إقرأ أيضاً