صنعاء 19C امطار خفيفة

نداء الحكمة قبل الانزلاق إلى الفتنة

سوف تشهد حضرموت في يوم السبت حدثًا سياسيًا أقل ما يمكن وصفه بأنه بداية لفتنة دموية تهدد استقرار المحافظة، وتعيد إلى الأذهان مشاهد مؤلمة من الصراعات الداخلية التي دفع ثمنها المواطن الحضرمي البسيط. الاجتماع الذي دعا إليه وكيل أول محافظة حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، فتح أبوابًا من التساؤلات والشكوك، لا سيما في توقيته وطبيعته وما تبعه من ردود أفعال على مختلف المستويات.

 
في المقابل، يقف محافظ حضرموت الأستاذ مبخوت بن ماضي، في موقع بالغ الحساسية، إذ يواجه ضغوطًا متصاعدة على المستويين المحلي والإقليمي. وها نحن نرى أن هذا الاجتماع قد يؤدي إلى شرخ خطير في الصف الحضرمي، وتحديدًا بين شخصيتين تعتبران من أبرز القيادات في المحافظة، ما يعني أن آثار هذا التصادم قد تتعدى النطاق السياسي لتنعكس سلبًا على أمن وسلامة المجتمع الحضرمي.
 
لاتزال نوايا الشيخ عمرو بن حبريش من هذا التحرك غامضة، إذ لا يُعرف على وجه الدقة إن كان المقصود من الاجتماع هو الرد على سياسات المجلس الانتقالي الجنوبي، أم أنه يحمل رسالة اعتراض على أداء المحافظ بن ماضي، أم أنه مجرد خطوة لتأكيد الحضور السياسي في ظل المتغيرات المتسارعة. إلا أن المؤكد أن مثل هذه التحركات، في حال لم تُضبط بحكمة، قد تفتح أبواب الصراع بين أبناء البيت الحضرمي الواحد.
 
ونحن، كمراقبين ومواطنين، نوجه نداءً صادقًا إلى المحافظ مبخوت بن ماضي، الرجل الذي عرفناه دومًا حليمًا، واسع الصدر، أن يواصل نهجه الهادئ، وأن يتعامل مع هذه الفتنة بالحكمة التي عُرف بها. فحضرموت تحتاج اليوم إلى قادة يتصفون بالحلم لا بالانفعال، وبالاحتواء لا بالإقصاء.
 
كما نوجه نداءً مماثلًا إلى الشيخ عمرو بن حبريش، أن يضع مصلحة حضرموت فوق أي اعتبارات سياسية أو شخصية، وأن يُجنب المحافظة الدخول في دوامة التصادم والفرقة. لقد أثبتت التجارب أن التصعيد لا يخدم أحدًا، وأن المستفيد الوحيد من هذه الفوضى هم المتربصون بحضرموت وأمنها واستقرارها.
 
وهنا نُعيد التذكير بالدور الحيوي الذي يجب أن يلعبه وجهاء حضرموت، من مشايخ وعلماء ووجهاء قبائل ومثقفين. أين أصوات العقل التي تعودنا أن نسمعها في المواقف العصيبة؟ أين المبادرات التي تدعو إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف؟ إن السكوت في مثل هذه اللحظات لا يُغتفر، ويعد خذلانًا لتاريخ حضرموت الذي لطالما كان رمزًا للحكمة والاعتدال.
 
في الختام، نؤكد أن حضرموت لا تحتمل مزيدًا من الصراعات الداخلية، ولا ينبغي أن تُحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية. إن مصلحة المواطن الحضرمي البسيط، ومستقبل أبنائنا وأمن أرضنا، يجب أن تكون البوصلة التي توجه الجميع.
فلنرتقِ جميعًا فوق الخلاف، ولنعمل يدًا واحدة لأجل حضرموت التي تستحق أن تكون منارة للأمن والسلام، لا ساحة للفتنة والصراع.
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً