صنعاء 19C امطار خفيفة

المهاجر إلى الشمال لا يتحمس إلى العودة!

جاري الصومالي اليمني ابن مهاجرين صوماليين، وُلد في عدن قبل ستة وأربعين عامًا، ثم هاجر إلى السويد، حيث يعمل منذ خمسة عشر عامًا في قطاع صناعة السيارات براتب مجزٍ.

 
ورغم نجاحه المهني، يجد نفسه محاصرًا بإحساس الضجر وقسوة الطبيعة هنا، كما هو حال كثير من المهاجرين الذين لم تألف أرواحهم برد الشمال القارس.
في كل مرة نلتقي، يسألني: هل تفكر في مغادرة هذا البلد؟ فأجيبه: نعم، عندما يحين الوقت. وعندما أطرح عليه السؤال نفسه، يرد قائلًا: نعم، أفكر في المغادرة، ولكنني لا أستطيع. لم أسأله يومًا لماذا لا تستطيع؟ لكن مع مرور الوقت وتكرار الحديث حول الموضوع ذاته، كنتُ ألحظ في نبرته غصّة تخنقه، وكأن شيئًا أعمق من مجرد الطقس القاسي ورتابة الحياة في هذه البلاد، يثقل كاهله. حتى جاء اليوم الذي احتدّ فيه النقاش، فقال بمرارة: "هربتُ بسبب العنصرية، ومستعد للحياة والموت هنا على أن أعود ليقول لي أحدهم: يا صومالي أو يا خادم باحتقار وعنصرية..".
كانت كلماته صادمة لي، وعندها فهمت لماذا كان يتحدث عن الرحيل دون أن يسعى إليه. كما أدركت لماذا كان السؤال الذي نردده دائمًا يحمل إجابتين متناقضتين في ظاهرهما، لكنهما في الحقيقة يعبّران عن الشيء نفسه: البقاء في المهجر مع قسوة الحياة فيه أفضل من العودة إلى الوطن حيث تُختزل هويته في لون بشرته أو أصله.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً