صنعاء 19C امطار خفيفة

بامية

2025-01-26
ما أروع نسمات البحر الوافدة إلى كريتر عدن من فوق مرتفعات شمسان.. تصل وتملأ الصدر بالعافية وترد النسم، بالذات في طقس يناير العليل المعتدل البرودة.. مافيش أخس من الحمى وأهواله.. المزاج رايق وأنا متوافق ومتصالح مع نفسي تمامًا، ومافيش أغنى من القناعة التي لا تقدر بمال!
الحمد لله على ضمانتي للعشاء الذي أحبه كثيرًا.. طبق بامية بقليل من الخضار مع صلصة الطماطم كما يجب أن يكون الطبيخ على طريقة مطاعم ريم السياحية التي أحببتها كما كانت عليه أيام مجده، قبل أن تغلق أبوابه الحروب! مازلت حزينًا على إقفاله، فقد كان زينة مطاعم كريتر بطاقم شيفات الطباخين وجرسونات الخدمة المهذبين الذين دربهم مديره هايل ومالكه المنذري، وجلبهم للخدمة من خارج عدن، وجعل لهم سكنًا مناسبًا في بنجلة مستر حمود المقابلة التي استأجرها لهذا الغرض.
صحن بامية مطبوخة ( منصات التواصل)
تغيرت حتى طريقة تناول الطعام في مطعم ريم عند أهالي عدن التي كنا معتادين عليها في مطاعم القلابة والأكل باليدين المجردتين من الملاعق والسكاكين والشوك.. لا.. في ريم صارت طريقة تناول الطعام متطورة بعض الشيء، وبالملاعق والشوك المعدنية والسكاكين! بس كان في واحد حاجة مش تمام عند بعض الناس المش تمام.. اللي كان يحصل تدريجيًا أنه دونا الناس المش مليحين كانوا يحبوا بعد ما يبلعوا الأكل وقبل ما يغسلوا يداتهم في المغاسل التوماتيكية بالشامبو والمناشف الورقية، يحتفظوا بالشوك والسكاكين والملاعق المعدنية، ويخرجوا بها معاهم! ومش كدا وبس.. بعضهم كان يتسلل للخروج بدون ما يسدد فاتورة الحساب، ودا طبعًا عيب ونقص أخلاقي!
لهذا.. بعد تزايد نزيف سرقة أدوات الأكل المعدنية، قام الأخ هايل مدير المستخدمين، بحل المشكلة، باستبدال تلك الأدوات بغيرها بلاستيكية تستخدم مرة وترمى.. وتسكه الخدم من شغلة الغسيل!
أما من ناحية الحيص بيص، والهروب من دفع حساب الأكل، فقد غير هايل طريقة تحصيل ثمن الوجبات.. فبدل ما كان الواحد يدخل مؤدب باحترام، ويطلب طلباته، ويأكل بالهناء والشفاء، وبعدين يغسل يداته، ويروح للكاشير يدفع الحساب.. تسببت حالات الحيص بيص في تغيير طريقة الحساب.. تدخل بأدبك أول شيء.. وتروح للكاشير.. وتقدم له طلبك، وتدفع الحساب قبل ما تدخل أية لقمة في فمك! وذا شيء طبيعي اللي قام به هايل، لأنه ما للحب المسوس إلا الكيال الأعور طبقًا للمثل المعروف!
برغم كل شيء، لا يخفى على جنابكم أن مطعم ريم في كريتر شكل حالة خاصة وفارقة في عادات الطعام العدنية.. وأدى نجاحه الباهر إلى تشجيع غيره على انتهاج نهجه في الطبيخ وخدمة الزباين.. ففتح مطعم مشابه اسمه الريان تحت عمارة يوسف خان.. وسبقه مطعم أثير أكبر اسمه العامر لليافعي، ويقع تحت فندق العامر الكبير.. والاثنان يمتازان، مثل ريم، بالتكييف المركزي طوال العام، بدون الاعتماد على خدمات الكهرباء العامة بنت الكلب! يالله.. أرجع إلى عشائي المفضل من البامية.. مع شريحة سمك مشوي طيبة وقرص خبز طاوة أبو الأقراص.. وفنجان شاي ملبن على الكيف.. والصلاة على الحبيب.
أما الحوت الصيد الموفى في الصورة الأخيرة، فقد طلع عرز.. لأنه ما تقدرش تحكم على بعض الأسماك بأنها عرز أو برز إلا بعد خروجها من الموفى! هيا.. هذا رزق البسس!
طيب يا جماعة الخير.. بسم الله.. ريت وإحنا معاكم كل ساعة.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً