اعتدنا في الجمهورية اليمنية، بل اعتادت أنظمة الحكم التي نعرفها في المنطقة، وفي أنحاء العالم، أن إدارة علاقات التعاون بين الدولة -وفي حالتنا الجمهورية اليمنية- ودول أخرى شقيقة أو صديقة، وما يرتبط بهذه العلاقات من اتفاقيات أو مؤتمرات أو نشاط ثنائي، عادة ما تتم عبر وزارة الخارجية، بمشاركة الوزارة المعنية بالتعاون الدولي، وتحت إشراف مكتب رئاسة مجلس الوزراء ومكتب رئاسة الجمهورية.
هذا ما اعتدنا على متابعته، ويعرفه من يهتم بإدارة علاقات الجمهورية اليمنية الخارجية، لكن أن يتم تداول أخبار ترتيب مكتب رئيس مجلس وزراء الحكومة المعترف بها دوليًا، لعقد مؤتمر دولي خارج اليمن، بالتنسيق مباشرة مع سفارة دولة صديقة، بدون علم وزارة الخارجية، أو حتى إحاطة الوزارة أو إشراكها بتفاصيل ما يدور، والتحضير للمؤتمر الدولي، وسفر وفد يرأسه بن مبارك، فهذه سابقة غير مألوفة، لم نسمع عنها من قبل، ولا شك أنها ستثير دهشة من يتابعون طريقة عمل مكتب رئيس مجلس الوزراء، الذي يبدو أنه مايزال يعيش في مرحلة توليه وزارة الخارجية قبل ترقيته إلى منصب رئيس الوزراء، ويشعر أنه ليس في حاجة لإحاطة وزارة الخارجية بما يشغل باله أو ببرنامج عمله المتعلق بشؤون يفترض أنها من اختصاص وزارة الخارجية!
حتى سفارة الدولة الصديقة (وهي هنا المملكة المتحدة) التي يبدو أنها هي الأخرى لم تعد تشعر بحاجتها إلى ترتيب وتنظيم علاقتها مع الحكومة اليمنية عبر وزارة الخارجية، بما في ذلك طلب مواعيد لمقابلات مع رئيس الوزراء أو أعضاء مجلس الوزراء، أو الترتيب لأي تعاون مشترك، فقررت التعامل مباشرة مع مكتب رئيس الوزراء، والترتيب للمؤتمر الدولي خارج اليمن، بدون إشراك وزارة الخارجية، فهذه هي الأخرى مسألة محيرة وغير معهودة أيضًا، وتشير إلى جرأة غير مألوفة من السفارة التي يبدو أنها أنتهكت أصول التعامل مع سلطات الدولة المضيفة، مع ملاحظة أن ترتيب أمر المؤتمر الدولي المتعلق بالجمهورية اليمنية، تم خارج اليمن!
فهل أنجز رئيس الوزراء مهامه المتعلقة بإدارة الشؤون الداخلية، وتمكن من حل مشاكل انهيار قيمة العملة المحلية والخدمات الأساسية التي يعاني منها الشعب اليمني والبنى التحتية، ناهيك عن وضع حد لأزمة الصراع على حكم اليمن والمستمرة منذ 2014، ليتفرغ لعلاقات اليمن الخارجية، ولتنظيم مؤتمر دولي خارج اليمن بدون مشاركة وزارة الخارجية؟