صنعاء 19C امطار خفيفة

الطريق إلى غرب خان يونس يختصر معاناة كاملة!

الطريق إلى غرب خان يونس يختصر معاناة كاملة!
غزة

الطريق من الخيمة في شارع خمسة إلى مقر أطباء بلا حدود على البحر غرب خان يونس، كان صباح اليوم أقرب إلى معركة منه إلى رحلة. تلك المسافة التي تقدر بحوالي ثلاثة كيلومترات في كل اتجاه، لا تبدو طويلة على الخريطة، لكنها كانت تختصر في طياتها معاناة كاملة.

الطريق مكسر، مليء بالحفر والأطراف الحادة التي لا ترحم عجلات الكرسي المتحرك، حيث أجر أمي التي بالكاد تستطيع التحمل بسبب أوجاع بتر أصابع قدمها التي لا زال جرحها مفتوح. لا توجد مواصلات، الكارات اختفت وما تبقى من سيارات كذلك، وكأننا نعيش على هامش الزمن، كان الكرسي المتحرك يهتز مع كل خطوة، وأنا أدفعه بكل قوتي، بينما أمي تئن في صمت، تحمل وجعها دون شكوى، وكأنها تعودت على هذه القسوة.

وصلنا خلال ساعة إلى مقر أطباء بلا حدود بعد مشقة، الجرح في قدمها، الذي يفترض أنه يتعافى، كان يعكس واقعًا آخر؛ الخلايا الميتة تتسع، والجرح لا زال مفتوحًا كأنه يرفض الشفاء، وكأنما جسدها يعلن احتجاجه على الإهمال. أكثر من شهر مضى منذ عملية البتر، لكن العناية كانت تقتصر على الحد الأدنى، مجرد إجراء روتيني لا يحمل أي جدية. أشعر أن الأطباء يتجنبون العمل الحقيقي، وكأنهم يخشون من الجهد اللازم لمداواة الجرح كما ينبغي. الطبيب هناك بعد أن نظف الجرح قدر المستطاع، أخبرني أنني يجب أن أذهب لمستشفى ناصر، في المستشفى الكندي الميداني هناك، ليقوم بتنظيف الجرح جيدًا ويتابعوه، أخبرته أنها كانت هناك طوال الفترة الماضية، كتبوا لها مغادرة فقط قبل أربع أيام، قال لي إذا لم تتلقى الرعاية الكافية فإن البتر لأعلى قادم.

في العودة، كانت المسافة تبدو أطول. الشمس حارقة، والغبار يتطاير من كل جانب، يملأ الحلق ويعمي البصر. دفعت الكرسي بكل ما تبقى لدي من طاقة، وأنا أفكر في وجع أمي وفي ما قاله الطبيب، في هذه الأرض التي تبتلعنا دون أن تهتم، وفي الناس الذين يمشون دون أن يلتفتوا. كان هذا الطريق شهادة على القهر، على الإهمال الذي يمتد من الشوارع إلى الأجساد، لكنه أيضًا كان شاهدًا على الصبر، ذلك الصبر الذي تحملناه رغم كل شيء.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً