صنعاء 19C امطار خفيفة

شوربة الفطر وغزة: حوار في قلب الشارع السويدي!

"من ليس لديه ما يخسره، ليس لديه ما يربحه في الحرب"
مَثَل سويدي

سيدة سويدية في السبعينيات من عمرها، تقف وحيدة في المحطة الطرقية في "بيكابلان" (Bäckaplan)، رافعةً قطعة كرتون مكتوبًا عليها "أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة"، و"Stop the genocide in Gaza". وحيدة بين مئات المسافرين، البعض يلقي نظرة على اللافتة ويبتسم، وآخرون يشيرون بأيديهم مؤيدين، بينما يظهر على وجوه البعض الآخر علامات الغضب والازدراء مما تقوم به السيدة العجوز.

فجأة، يأتي شخص سويدي في السبعينيات من عمره أيضًا، ويقف أمام السيدة، محتدًا وغاضبًا، قائلًا: "هذا كذب، أنت لا تعرفين شيئًا عما يحدث. عودي إلى منزلك وسخني شوربة الفطر (Svampsoppa)"، وهي من الشوربات المعروفة في السويد، وتُحضَّر من أنواع مختلفة من الفطر، وتعدّ الكريمة أو الحليب جزءًا أساسيًا منها، مما يجعلها غنية ومناسبة للأجواء الباردة.

تبتسم السيدة وترد عليه: "هل تشاهد التلفاز؟"، فيجيبها: "نعم، أشاهد التلفاز، وأرى صواريخ تسقط على تل أبيب"، فتقول له: "ألا ترى غير ذلك؟"، فيجيب: "أرى أن إسرائيل تدافع عن نفسها"، فترد السيدة: "إذن أنت لا ترى الحقيقة".

يغضب الرجل، ويرد عليها بإشارة بإصبعه السبابة، قائلًا: "Fuck you". تبتسم السيدة، وترد عليه: "اذهب، يبدو أنك نسيت أن تطفئ النار تحت شوربة الفطر الخاصة بك"، ثم تغادر المكان للحاق بوقفة احتجاجية ينظمها ناشطون ومتضامنون مسلمون، عرب وغير عرب، وبعض الناشطين الغربيين، في وسط مدينة غوتنبرغ.

في ساحة الملك في وسط مدينة غوتنبرغ، تُنظم كل يوم أحد وقفة تضامنية مع غزة، يحضرها ما بين خمسمائة إلى سبعمائة شخص، معظمهم من العرب والمسلمين من ذوي الخلفيات الثقافية الشرق أوسطية؛ سوريون، فلسطينيون، يمنيون، عراقيون... إلخ، بالإضافة إلى مسلمين من البلقان وتركيا، وعدد يتراوح بين العشرين والخمسين من الناشطين السويديين. يُرفع في هذه الوقفات علم فلسطين ولافتات مكتوب عليها عبارات تدعو لوقف الحرب على غزة وتقديم المساعدة لأهلها. تتخلل هذه الوقفات كلمات وبيانات تضامنية تُقرأ باللغة السويدية.

بدأت هذه الوقفات منذ الأسبوع الثاني من حرب غزة، وأصبح انعقادها منتظمًا كل يوم أحد من كل أسبوع.

إن المتتبع لرؤية الرأي العام في الغرب للأحداث في غزة، والرأي العام السويدي جزء من ذلك، يرى تباينًا ملحوظًا تجاه الأحداث في غزة. ففي حين تُظهر الحكومة السويدية ووسائل الإعلام التابعة لها انحيازًا واضحًا لإسرائيل، معتبرةً هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 "عملًا إرهابيًا"، وتبرر الردود العسكرية الإسرائيلية على غزة. هذا التوجه يندرج في سياق توجه رسمي سياسي غربي عام، ومبرراته معروفة. لكن على الرغم من المواقف الرسمية، تشير استطلاعات الرأي إلى تعاطف متزايد مع الفلسطينيين.

صحيفة "أفتونبلادت" (Aftonbladet) أجرت استطلاعًا للرأي حول موقف السويديين من النزاع بين إسرائيل وحماس، ووجدت أن العديد من السويديين كانوا يدعمون وقف إطلاق النار في غزة، ويفضلون أن تتبنى الحكومة السويدية سياسة داعمة لحفظ حقوق الفلسطينيين.

أما صحيفة "داغنز نيهيتر" (Dagens Nyheter)، فقد أجرت استطلاعًا للرأي نشرته في نوفمبر 2023، أظهر أن 70% من السويديين يرون أن الحكومة السويدية يجب أن تظل محايدة في موقفها تجاه النزاع، بينما عبر البعض عن استيائهم من التدخلات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

الخلاصة أن الموقف الرسمي السويدي لا يختلف عن أي موقف رسمي غربي، لكن الأمر المختلف هو أن الرأي العام السويدي منقسم بين دعم إسرائيل وحفظ أمنها وبين دعم حقوق الفلسطينيين في العيش على أرضهم. المختلف في موقف الشارع السويدي هو أن الأغلبية، ومنذ الأيام الأولى للحرب، تطالب بالوقف الفوري للحرب، وهذا أمر طبيعي جدًا، لأنه ينسجم مع المزاج العام للشارع السويدي الذي لا يميل إلى العنف، بخاصة وأن الذهنية السويدية قد قطعت صلتها بالحروب منذ مئات السنين.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً