صنعاء 19C امطار خفيفة

أزمة القيم وأولوية التغيير الداخلي في اليمن

2024-12-22

الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، فإذا أجدنا إصلاحها والحفاظ عليها، أجدنا الإصلاح للمجتمع بأكمله. يقول المهاتما غاندي: "كن أنت التغيير الذي تريده في العالم"، بمعنى أن ما نعالجه في أنفسنا، فإننا نعالجه في العالم أولًا، وأن التغيير الفردي هو الطريق نحو التغيير الجماعي. فإذا فشلت الأسرة، فشل الفرد، وبذلك يفشل دوره كجزء من المجتمع، أو يمتد الفشل ليطال كل الأجزاء حتى يشمل المجتمع بأسره.

 
تعاني اليمن من تشوهات مختلفة في بنية العقل الأسري والمحيط الاجتماعي بشكل عام، مما أدى إلى حدوث جرائم كثيرة، مثل القتل والاستهتار بالمجتمع. ارتبط مفهوم الرجولة بحمل السلاح، فأصبحنا نرى أحدهم يوجه سلاحه في الشارع، أو يركض وراء الآخرين أثناء الغضب ليذبحهم كالنعاج، كما حدث في قصة الطفلة "جنات" في عدن. وارتبط مفهوم الشرف بالجسد، فأصبحت العائلة تخنق حرية بناتها بدواعي السمعة والعادات، أو تضع حدًا لحياتهن. كما ارتبط مفهوم الأسرة بالتناسل، فأصبحنا نرى جيلًا مليئًا بالاضطراب والتنشئة الخاطئة التي لم تسمح له بالنمو أو تمنحه حقه في التوعية أو حتى الحياة، كما حدث في قصة الفتاة التي تفحمت بالنار في منزل مهجور بعد انفصال أبيها عن أمها، الأسبوع الماضي.
 
نحن نقف أمام كوارثنا الوجودية، بالإضافة إلى دولة محطمة لا تمنحنا أبسط حقوقنا في الحياة. لقد بتنا بحاجة إلى تدخل خارجي يرممنا من الداخل أكثر مما يرممنا من الخارج. نحن بحاجة إلى أطباء في علم الاجتماع أو علم النفس لإصلاح شؤوننا الأسرية، أكثر من حاجتنا إلى الوفد الأممي لفك نزاعات الدولة. نحن بحاجة إلى تعلم طرق الأكل الصحية أكثر من حاجتنا إلى أطعمة المساعدات الإغاثية والإنسانية. نحن بحاجة إلى جيل صحي مزود بالوعي والمعرفة، قادر على صنع التغيير في ذاته الشخصية ليحدث التغيير من حوله، وقادر على البناء الفردي ليتمكن من البناء الجمعي أو بناء الوطن. نحن مجتمع مصاب في طريقة تفكيره، والمجتمعات المريضة في عقولها لا تُحسن شيئًا سوى الهدم.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً