صنعاء 19C امطار خفيفة

هيئة تحرير الشام والحوثي: هل يمكن لسوريا أن تجد طريقًا ثالثًا؟

متلازمة الشام واليمن:
يمنها وشامها: في الدين ونصرته.
قيسية ويمنية: في الصراع والمنافسة.
يمن وشام: في تحديد الاتجاهات: "يمن" تعني جنوبًا، و"شام" تعني شمالًا.
عنب اليمن وبلح الشام: في المنتجات الزراعية.
يمنية وشامية: في كتابة تاريخ الهجرة العربية.
سمراء وشهباء: في وصف المرأة، اليمنية هي السمراء، والشهباء هي الشامية.
صعدة وإدلب: في سيطرة جماعة خارج نفوذ السلطة المركزية.
حوثي وهيئة: مع اختلاف المذهب والمعتقد، إلا أن المسار إلى العاصمتين صنعاء ودمشق، هو نفسه.
مع كل تطور جديد في المشهد السوري، يزداد غموض المستقبل، وكأن البلاد تقف عند مفترق طرق لا يحمل إلّا خيارين، كلاهما مر: العيش تحت نظام مستبد جثم على صدور السوريين لعقود، أو الوقوع تحت سيطرة جماعات دينية متشددة تحكم باسم السماء وتقطع صلتها بضرورات العصر. وكأن الأفق السوري بات مغلقًا أمام أي خيار ثالث يمكن أن يحمل معه بصيص أمل.
التجربة اليمنية تُعد نموذجًا حيًا لما قد يصبح عليه الحال إذا استمرت سوريا في هذا المسار المأساوي. في اليمن، استغلت جماعة دينية الفراغ السياسي والعسكري للاستيلاء على السلطة، وفرض رؤيتها الضيقة على مجتمع متنوع ثقافيًا واجتماعيًا ودينيًا، مستغلةً غياب القوى الاجتماعية والسياسية المعبرة عن هموم الشعب اليمني في التخلص من الفساد والفوضى والتوريث. وعلى الرغم من وضوح نواياها منذ البداية، فإن الفراغ السياسي سمح لها بالتمدد والسيطرة، وهو السيناريو نفسه الذي يمكن أن يتكرر في سوريا إذا بقيت القوى الاجتماعية والسياسية المدنية غائبة عن المشهد كما حدث في اليمن، حيث وقف معظم ما يُعرف (باليسار) في الصف المؤيد لجماعة الحوثي، بالنظر إليها كأنها ذراعها المسلحة للانتقام من حزب الإصلاح وأذرعه المسلحة.
نفس المشهد يتكرر في سوريا، حيث كانت جماعة دينية منذ سنوات تسيطر وتفرض حكمها على عدد من المحافظات السورية، وتذهب في طريق ممهد ودون أية مقاومة تذكر إلى العاصمة دمشق، مع تأييد نفس القوى، مع اختلاف الأسماء والمسميات.
المعضلة الأساسية التي تواجه سوريا اليوم، ليست فقط في طبيعة الخيارات المطروحة، بل في غياب البدائل الحقيقية التي يمكن أن تحقق التغيير المنشود. أين القوى المدنية؟ أين الأحزاب السياسية القادرة على طرح مشروع وطني جامع؟ لماذا يبدو المشهد السوري اليوم خاليًا من أية قوى تطرح بدائل حقيقية تجمع بين قيم الحرية والعدالة، وتحترم حقوق الجميع دون استثناء؟
الإجابة ربما تكمن في غياب القوى المدنية المنظمة ذات الرؤية الواضحة. سوريا، مثل غيرها من الدول العربية، عانت لعقود من قمع ممنهج لأي تيار مدني حقيقي، مما جعل الفضاء السياسي خاليًا من القوى القادرة على مواجهة الاستبداد أو تقديم مشروع بديل. وفي الوقت نفسه، أظهرت التجربة أن الجماعات الأيديولوجية، سواء كانت دينية أم غير ذلك، لا تملك رؤية مستقبلية شاملة، بل غالبًا ما تلجأ إلى الإقصاء والتسلط على شركائها وخصومها في آن واحد.
لكي تخرج سوريا من مأزقها التاريخي، لا بد من أن تجد خيارًا ثالثًا يعبر عن تطلعات الناس، ويضع مصلحة الوطن المتنوع فوق المصالح الفئوية الضيقة والأجندات الإقليمية والدولية.
ليس المطلوب اليوم إنشاء "يسار جديد" أو تيار أيديولوجي بحد ذاته، بل بناء قوى وطنية شاملة تتجاوز الأيديولوجيات المعروفة، وتعمل على تحقيق التعددية السياسية، وترسيخ مبادئ المواطنة. على هذه القوى أن تفهم أن نجاحها يعتمد على قدرتها في الجمع بين الواقعية السياسية والقيم الإنسانية الأساسية، وأن مشروعها يجب أن يكون قائمًا على الحرية، المواطنة، والعدالة الاجتماعية.
على السوريين أن يتجاوزوا الخيارات المرهقة بين الاستبداد السياسي والاستبداد الديني، ويبدأوا في بناء نظام مدني ديمقراطي يضمن حقوق الجميع. لتحقيق ذلك، لا بد من وجود قوى منظمة قادرة على قيادة المرحلة المقبلة، وتعزيز الثقة بين مكونات الشعب، والعمل على مشروع وطني جامع. حينها فقط، قد يصبح الأفق السوري مفتوحًا أمام خيارات تحمل أملًا حقيقيًا، بعيدًا عن تجارب الماضي ومآسيه.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً