يا جماعة، هل يوجد في اليمن متخصص في الدراسات الدينية، بخاصة في التفسير اللغوي واللساني، يمكنه تفكيك الأطروحات المتكررة، مثل قضية "الابتلاء"، التي يرددها اليمنيون رغم علمهم في قرارة أنفسهم بعدم صحتها؟ إذا سألت يمنيًا اليوم، وغدًا، وبعد عشرين سنة، لماذا نعاني الحروب والفقر والجوع والخوف، ستسمع الإجابة نفسها: "ابتلاء من الله".
ولكن ابتلاء على ماذا؟ ولأية غاية؟ ما الذي فعله اليمنيون ليبتليهم الله بالحروب والفقر جيلًا بعد جيل؟
اليمني بطبيعته محافظ دينيًا، ومن أكثر الشعوب العربية والإسلامية تمسكًا بالمظاهر الدينية إلى حد التطرف. فهو ملتزم بالصلاة والصيام وبجميع العبادات المتعلقة بالدين. مساجد اليمنيين من أكثر المساجد اكتظاظًا بالمصلين، والمرأة اليمنية تعيش تحت مظلة صارمة من المفاهيم الدينية التي تؤثر على كل جوانب حياتها.
فلماذا إذن يُفسَّر هذا الواقع المأساوي على أنه ابتلاء؟ أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى دحض هذه الأفكار الخاطئة وتفكيكها.
ما يحدث ليس ابتلاءً، ولا علاقة لله به. إنها نتائج أفعالنا وتفكيرنا. نحن من نتقاتل لأسباب لا علاقة لها بالله. نحن من نتمسك بتشدد ديني يبعدنا عن روح الدين وحقيقته. نحن من نُصاب بالجوع والفقر لأننا نزرع القات بدلًا من الطعام. نحن من نحمل السلاح ونتمنطق به، ثم نثأر من بعضنا البعض، لأننا لانزال أسرى للقبيلة والأعراف الاجتماعية.
لا يوجد ابتلاء من الله أو من أية قوة أخرى على الأرض. نحن من نبتلي أنفسنا بأفعالنا، وتفكيرنا، وقناعاتنا الخاطئة.