أقرأ هذه الأيام كتابًا جميلًا للكاتب المصري إبراهيم العشماوي، بعنوان: "صيد الترحال وحكاياتي مع العواصم والبلدان"، وفي كلامه عن أعلام المنصورة في جمهورية مصر العربية، تحدث عن المرحوم الشيخ جاد الحق عليّ جاد الحق، شيخ الأزهر الشريف، ومفتي الديار المصرية، وما حققه من منجزات لقريته (قرية بذرة) التابعة لمركز طلخا التي تبعد عن المنصورة 17 كيلومترًا، فذكر أنه أنشأ على نفقته الخاصة: "الطرق المعبدة والمعهد الديني الكبير لكل المراحل التعليمية والمستشفى ومشروع المياه والصرف الصحي والكهرباء والمجمع الشامل الذي يحتوي على مسجد وحضانة ودار مناسبات ومستوصف طبي خيري ودار لتحفيظ القرآن الكريم ومكتبة…".
وقفز إلى ذهني تساؤل عما أنشأه المرحوم الشيخ عبدالمجيد الزنداني للبلاد أو حتى لقريته!
ووجدت نفسي لا أعلم إن كان أنشأ مشروعًا ما أو أكثر، أم أنه لم ينشئ مشاريع إطلاقًا!
وتساءلت في الوقت نفسه عن مفتي ديارنا العلامة شمس الدين، وما سينشئه للبلاد من مشاريع بعد مشروعه الشهير، وأعني به القانون الربوي الذي كان صاحب اليد الطولى والقول الفصل في إصدار ذلك القانون الكارثة على الوضع الاقتصادي للبلاد، وعلى أنشطة البنوك التجارية والإسلامية، وعلى الحياة المعيشية لأكثر من مليون مودع!
فما سينشئه مفتي ديارنا من مشاريع خيرية لقريته أو لمنطقة إقامته أسوة بمفتي ديار مصر، لا سيما وله بحكم منصبه ومركزه ورصيده مع الأنصار، نصيب وافر وحظ طيب من خيرات البلاد العائدة حكرًا على أنصار الله وأوليائه!
لست مناطقيًا حين أقول ينشئ لقريته أو منطقته، ولكني أثق أن أي مشروع ينجزه أي شيخ أو مفتٍ أو رجل أعمال في أية منطقة من مناطق اليمن، فهو يصب بشكل أو بآخر في مصلحة اليمن كلها.
رحم الله الحاج هائل وعددًا من رجال الأعمال الذين أنشأوا بعض المدارس والمشاريع الخيرية -وإن قلوا وقلت مشاريعهم- ورحم الله الشيخ سنان أبو لحوم، يذكر له أنه أنشأ مبنى سكنيًا الطلاب في جامعة صنعاء، وجامعًا في المدينة السكنية بحدة، وآخر في شمال العاصمة.
وبالمناسبة، لعله من المفيد أن أُذكِّر أصحاب الفضيلة المشايخ ورجال الأعمال الخيرين بأن لدينا ما فيه الكفاية من المساجد، والحاجة داعية للمدارس والمستشفيات والسدود والصرف الصحي. كانت المسافة قريبة جدًا بين جامع النهرين وبين قبة المهدي، فلو خصصت نفقة إعادة بناء جامع باب النهرين لمشاريع أخرى من التي يفتقر إليها المجتمع، لكان أفضل!
ومع ذلك، فالشكر الجزيل حق علينا لأولاد المرحوم محمد حسن الكبوس، لما قاموا به، وهم أهل لأن ينشئوا مشاريع مماثلة لمشاريع الشيخ جاد الحق عليّ جاد الحق، في قريتهم بهمدان، وفي أكثر من منطقة من المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء، بخاصة التي لهم فيها عقارات (أراضٍ ومبانٍ وعمارات)، ومثلهم غيرهم من كبار رجال الأعمال. هذا إذا لم يهب أولياء الله وأنصاره، ويقولوا له ما هو سابر ولا هو عليك يا الكبوس ذا الخبر! هات الدراهم إلى عندنا وإحنا با نصلح ذي المشاريع!
وقد يقول قائل إن إنشاء المرافق والخدمات هو في الأساس مسؤولية الدولة، وحري بك أن تطالب الدولة بإنشائها في عموم المحافظات، ومن يقول هذا الكلام عنده حق، ولكن أين الدولة التي تحس بهموم المواطن وتطلعاته حتى نخاطبها بالمشاريع؟!
وليت سلطة صنعاء تقوم بواجبها في إنجاز المشاريع التنموية المختلفة، وتطلق عليها الأسماء التي تريد، بدلًا من اهتمامها وسعيها الحثيث لاستفزاز المواطنين بتغيير أسماء المنشآت التعليمية والأمنية وسائر المنشآت والمرافق الخدمية التي أنشأتها الدولة منذ عقود، وترسخت أسماؤها في أذهان كل مواطن يمني!
أعرف أن سلطة صنعاء لا تعبأ بهموم المواطنين المعيشية والحياتية، ولا تعبأ بغضب الناس جراء تغييرها لأسماء تلك المنشآت، وليتهم يسمعون لعقلائهم ويصغون لصوت العقل بدلًا من ركونهم على استعمال القوة والعنف في التعامل مع من ينتقد نهجهم المعوج هذا!
ورحم الله الشيخ المفتي جاد الحق ومن على شاكلته من المشايخ وأصحاب الفتاوى في أرض الله كلها، ولله في خلقه شؤون.