مع نهاية فصل الخريف واقتراب الشتاء، تزداد حالات الإصابة بنزلات البرد، ويلجأ الكثيرون إلى العلاجات. وهنا تكمن المشكلة: البعض لا يكتفي بجرعة واحدة! "أخلطها مع شوية بنادول، ليش لا؟"، أو "أضيف مضادًا حيويًا عشان مناعتي"، ثم أخيرًا: "حقنة فولتارين عشان أرتاح تمامًا".
لكن الإنفلونزا ونزلات البرد أمراض فيروسية، وليست بكتيرية، ولذلك لا تتأثر بالمضادات الحيوية. علاجها يحتاج إلى رفع المناعة بالتغذية السليمة والراحة فقط. أما مزج الأدوية والمضادات بعشوائية، فقد يقود إلى منعطف خطر يتجاوز الزكام بمراحل. ولعل أشهر تلك المخاطر هو ما يُعرف بـ"حقنة الموت" أو "حقنة هتلر"، وهي مزيج من المضاد الحيوي مع الكورتيزون والمسكن، شاع استخدامها مؤخرًا بين اليمنيين، وتؤدي إلى موت الخلايا وتلف الأنسجة!
لماذا يعد مزج الأدوية خطرًا؟
تتعارض الأدوية مع بعضها البعض. قد تبطل بعض الأدوية تأثير الأخرى، ولكن الأخطر هو مزج أدوية لها نفس التأثير والآلية، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. على سبيل المثال، بدلًا من تمييع الدم، قد ينتهي الأمر بنزيف!
العديد من الأدوية تحمل أسماء مختلفة، لكنها تحتوي على نفس المادة الفعالة، ومزجها معًا قد يؤدي إلى تجاوز الجرعة القصوى، فمثلًا الباراسيتامول قد يسبب تلفًا في الكبد.
آثار جانبية مضاعفة. الاستخدام العشوائي للأدوية قد يؤدي إلى أعراض جانبية خطيرة، مثل ارتفاع ضغط الدم،ضعف عضلة القلب أو الصمامات، أو فشل الكبد أو الكلى، التهابات الأوعية الدموية أو حتى جلطات تؤدي إلى بتر الأطراف.
كيف تبدأ المشكلة؟
الرغبة في تسريع الشفاء. بسبب تعطل الحياة اليومية نتيجة المرض، قد يبدو خلط الأدوية حلًا سحريًا. يعتقد البعض أن مضاعفة الجرعة ستزيد من فاعلية الدواء، وهذا خطأ شائع.
الاستجابة للأعراض المتعددة. كنت مصابًا بالصداع والحمى ثم السعال والاحتقان، يشعر المريض بأن الزكام ماراثوني ويقرر: "الدواء مش كفاية، أزيد جرعة من دواء آخر".
الاعتماد على نصائح غير المختصين. الجار أو الصديق ينصح: "خذ هذا الدواء، جربته ونفع معي"، أو "كنت أسوأ منك ما نفعني غير هذي الخلطة".
ثم إنه من المدهش ما قد تفعله حبة دواء بجسمك! ما يبدأ بحقنة صغيرة، قد ينتهي بسيارة إسعاف وسرير في الطوارئ.
لذا، استشر الطبيب دائمًا قبل تناول أي دواء، اقرأ التعليمات المرفقة، والتزم بالجرعة المحددة. أما الزكام، فهو أمر شائع، ويتطلب الراحة والتغذية السليمة فقط.
لا داعي لتحويل جسمك إلى مختبر تجارب. وتذكر دائمًا أن الوقاية خير من قنطار علاج، أو علاجين، أو ثلاثة!