صنعاء 19C امطار خفيفة

لقد سقطوا حينما سقطت أخلاقهم!

ليس كل من كتب عن الأخلاق، شخصًا خلوقًا، ولا كل من كتب عن الدين، شخصًا مُتدينًا وملتزمًا يستحق الاحترام.. فكلاهما يتلاعبان بالوتر الحساس، من أجل التحريض وحصد اللايكات على منصات التواصل الاجتماعي التي بات الكثير مهووسًا بها.

 
وهنا تكمن المشكلة، فبدلًا من تحول تلك المنصات إلى أماكن للتعبير عن حرية الرأي، ومناصرة المظلومين، ومحاربة الفساد، ونقل كل ما هو جميل من صور مختلفة وفن وأدب، تحولت إلى ساحات معركة يخوض فيها الساقطون أخلاقيًا في أعراض الناس، ويحرضون ضد بعضهم البعض، ويثيرون مشاكل نحن في غنى عنها.
 
وتعمل تلك الأصوات النشاز، التي باتت مفضوحة عند الكثير، بكل جد ونشاط، من أجل إلهاء الناس عن قضاياهم المهمة، وحشرهم في زاوية واحدة يظلون فيها بعيدًا عن تلك القضايا. كما أن تلك الأصوات التي لا تمنح عقولها حتى فرصة التفكير والتميز بين ما هو صح وما هو غلط! قد أصبحت مهمتها الرئيسية التخطيط في كيفية الإساءة للآخرين ومحاولة شيطنتهم، وهذا ما حدث بالضبط ويحدث في مواضيع كثيرة تتعلق بالرجال على وجه العموم والنساء على وجه الخصوص.
 
قبل أيام انتشر فيديو لخريجة في مدينة تعز، وبينما هي على المنصة تفاجأت بظهور والدها المغترب، لم تتمالك نفسها فتوجهت إليه مسرعة لتحتضنه بكل حب وشوق (وكيف لها ألا تحتضنه وهو الذي تغيب عنها منذ عشر سنوات حيث كان يعمل في الغربة وتركها طفلة). ما رأيناه في الفيديو شيء طبيعي جدًا بين أب وابنته، وقد ألفنا مثل هذه المشاهد في كل مكان، في المطارات، المدارس، الجامعات، الأعراس، وغيرها، ولكن الجديد في الأمر هو ظهور قطيع من الساقطين أخلاقيًا، الذين خرجوا عن المألوف، وباتوا يتعاملون مع تلك المشاهد كأنها جريمة أخلاقية تعارض المجتمع ووجب محاربتها بكل ما أوتوا من قوة.
 
مثل هؤلاء الأشخاص (غير الطبيعيين) الذين يعتقدون أنهم حماة الأخلاق، هم أول من يسيء للأخلاق والدين والمجتمع بأفكارهم التي تحارب كل شيء جميل ومباح، وهم كما يبدو يعانون من أمراض نفسية مستعصية جعلتهم يصلون إلى مرحلة لم يعودوا يستطيعون التفريق بين الجيد والسيئ.. الممكن وغير الممكن.
 
وفي الحقيقة، يؤسفني جدًا ما وصل له البعض اليوم من سقوط أخلاقي، حيث أصبح عناق الأب جريمة، وصورة زوج مع زوجته جريمة أخرى! بينما القتل، والخطف، والاغتصاب، والاعتقال، ونوم المرأة في الشارع، وطرد أسرة بأكملها من المنزل، لا تهز شعرة واحدة في رؤوسهم.
فماذا يعني ذلك؟
ذلك لا يعني إلا شيئًا واحدًا، وهو أن هؤلاء المرضى يعانون من مرض نفسي، ويحتاجون إلى أطباء يعالجونهم من ماضٍ مروا به جعلهم ينسون أنفسهم، ويخرجون عن المألوف تحت اسم الدين والأخلاق، التي اتضح أنهم لا يعرفون عنها شيئًا، ولو كانوا كذلك لعرفوا أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وأن الرسول في خطبة الوداع قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
 
ومن وجهة نظري، أن ما يقوم به هؤلاء الذين ألفوا العيش في المستنقعات، ما هو إلا انعكاس للبيئة التي يعيشون فيها، لذلك تجد أحدهم يكتب عن لحظة عناق بنت لوالدها، ويسيء لهما، بينما هو يعيش في بلد كل شيء فيه متاح.. وآخر يمدح فنانًا التقط صورة مع زوجته، بينما في الجهة الأخرى يندد ويستنكر صورة امرأة مع زوجها لا تخرج عن أدب المجتمع ولا تسيء للأخلاق.
 
وفي الأخير، باعتقادي أن أفضل حل لمثل هؤلاء المرضى بمسمياتهم المختلفة، هو تجاهل كل ما يكتبونه، وعدم التفاعل معهم أو التبرير لهم، لأنه في الأول الأخير هم لا يريدون سوى حصد اللايكات ومشاركات بوستاتهم، والإساءة إلى المرأة اليمنية التي تعتبر الحلقة الأضعف في مجتمع يفتح أذنه وعينه على المرأة، بينما يغلقهما حينما تقتل امرأة أو تعتقل أو يقطع رزقها أو تؤكل ورثتها أو تصبح شحاتة في الشارع.
يا جماعة الخير، بالمختصر احظروهم وهجعونا سمومهم!
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً