صنعاء 19C امطار خفيفة

نظام الكفالة السعودي شكل من العبودية

حياة الماعز-منصات التواصل

 

عندما رأيت فيلم حياة الماعز، لم أشعر للحظة أن فيه شيئًا من المبالغة، بل على العكس شعرت أن المواطنين الهنديين القادمين للعمل في السعودية، هما أيضًا من اليمن. ربما لأن فكرة الاغتراب إلى السعودية هي فكرة شائعة لدينا نحن اليمنيين. يشرح الفيلم تبني ودعم المملكة العربية السعودية للسلوكيات غير السوية عن طريق سن نظام "الكفالة"، أو أي أنظمة مشابهة. وهي أنظمة تتناقض تمامًا مع حق الإنسان في العيش بكرامة وحرية. وأعتقد أن نظام الكفالة الذي تنتهجه المملكة لا يختلف عن العبودية، بل هو مجرد شكل آخر لها بتعبير أقل حدة وأخف تعاسة.

 

نظام الكفالة

 
أن يصبح لك ولي أمر -بغض النظر عن عمره وخبرته في الحياة- مسؤول عنك وفي يده قرار بقائك في السعودية من عدمه، وأن تشعر بأن حياتك المهنية وحياة أسرتك ليست مرتبطة بخبرتك أو بوثائق وتعاقدات رسمية وقانونية، بل مرتبطة بمدى رضا كفيلك عنك، هذه الحالة من التملك والهيمنة التي يشعر بها الكفيل تجاه المغترب، هي شكل من أشكال العبودية والانصياع التي تقننها وتشجع عليها المملكة.
 
إن الاغتراب بحد ذاته يعد تحديًا كبيرًا وتجربة قاسية، والكثير من الناس يجدون صعوبة في الاستمرار بها، فكيف سيكون حالهم وهم يمضون في تجارب يضاف لها عامل بشري مثل الكفيل؟!
 

وجد القانون لئلا تُترك الحقوق للأمزجة

 
هناك الكثير من المغتربين سواءً كانوا يمنيين أو من جنسيات أخرى، يحبون السعودية، ويشعرون براحة كبيرة بالعيش فيها، وتربط بينهم وبين كفلائهم علاقة وفاقٍ تام، وقد يكونون بمثابة أسرة واحدة، وهذا إن دل على شيء فعلى وجود عدد كبير من الكفلاء المتمسكين بإنسانيتهم، التي تحاول دولتهم إلغاءها. إلا أن وجود الطيب لا ينفي وجود السيئ، ولهذا وُجد القانون، كي يحمي كرامة الإنسان وحقوقه من أن تخضع للأمزجة أو السلطات الفردية.
 
قبل شهر تابعت الفيلم مع بنات خالتي -مواليد الألفين- كن متفاجئات ومصدومات، وطوال مدة مشاهدتنا للفيلم كن يرددن كلمة واحدة "معقووول!". حاولت أن أشرح لهن أن الشعب السعودي شعب طيب، وأن نظامه فقط سيئ. وتذكرت حينها عندما كنت في المدرسة، وكان يتردد في البيت خبر عن حرق يمنيين في السعودية، حيث أفادت الأخبار بأن السعودية تورطت في هذه الجريمة، ومن ثم رفضت التحقيق في الحادثة، فعجزت عن الكلام.
 
ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنه في 9 مارس/ آذار 2008، وبينما كان رجال شرطة سعوديون يسعون للقبض على مجموعة مكونة من 25 يمنيًا لا يحملون وثائق، بينهم عدة أطفال، فإن رجال الشرطة، وحسب المزاعم، قاموا بإشعال النار في حفرة داخل مكب النفايات كان يختبئ فيها اليمنيون، وذلك في محاولة -على ما يبدو- من الشرطة لدفعهم إلى الخروج، وتعرض 18 يمنيًا منهم على الأقل لحروق شديدة. ويبدو أن المسؤولين السعوديين مهتمون بحماية ضباط الشرطة أكثر من اهتمامهم باكتشاف حقيقة ما جرى، والذي لن يتم إلا من خلال البدء بتحقيق يحظى بمصداقية.
 

إصلاحات شكلية

 
تحاول السعودية، منذ سنوات، الإعلان عن إصلاحات تخص قانون العمل، ولكنها في الغالب محدودة وغير واعدة، كما حاولت القيام بخطوات تنفيذية للاستغناء عن نظام الكفيل، إلا أن محاولاتها أيضًا لم تتكلل بالنجاح، وإن حدثت بعض الإصلاحات، فهي غير جديرة بالذكر، ولا تتناسب مع أبسط الحقوق الإنسانية المعترف بها عالميًا، ولا حتى مع رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030، بخاصة لبلد يعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية في بناء دولته قديمًا وحديثًا. يجب على المملكة ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في السعودية أن تقر بحقوق الوافدين، وتسن قوانين تحمي كرامتهم وأموالهم، بل أن تعيد النظر في كيفية التعامل معهم كونهم جزءًا لا يتجزأ ومساهمًا فاعلًا في تحقيق النهضة السعودية.
 
 
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً