لا أحد ينكر ما تمر به الأوضاع الصحية في ساحل حضرموت من حال يرثى له، وما يحصل في هذا المرفق الحيوي المهم والمتصل بحياة الناس اتصالًا مباشرًا. فأوضاع الصحة المخيفة والكاريثية لم تكن وليدة اللحظة، بل إنها من فترات بعيدة. فمن سنوات ونحن نسمع نداءات الناس واستغاثاتهم وهي تتعالى مشكلة صوتًا موحدًا لإنقاذ هذا الصرح الذي ظهر تهالكه بسرعة عجيبة.
الناس عندما رفعوا أصواتهم بتلك النداءات الاستغاثية فهم محقون ولم يتجنوا على أحد في كل ما قالوه من كلام، بل إن كلامهم هذا أتى بعد صبر طويل وتجربة مريرة دون أن يروا أي تحسن، إلا الهرولة للهاوية وهم أول الخاسرين في كل هذا.
من سنوات ونحن نرى بأم أعيننا ما حل بهذا الصرح الخدماتي المهم للناس من تعاسة وقلة الخدمات، حتى سارت الناس في معضلة بين أمرين أحلاهما مر. إما أنهم يقاسون مرارة مستشفيات الحكومة على رداءة خدماتها وقلتها، أو مرارة المستشفيات الخاصة وكلفتها المادية الكبيرة التي لم تكن باستطاعة الناس تحملها.
ولنا في ذلك دليل لا يقبل الشك من أي اتجاه، إنه مستشفى ابن سيناء بالمكلا. هذا المستشفى كان وجهة القادمين من المرضى من عموم مناطق حضرموت ومن خارج حضرموت، واليوم كما هو مسموع لدينا جميعًا أن هذا المستشفى أصبح لا يقدم أي خدمة تذكر يستفاد منها المرضى القاصدون له، وزاد كلام الناس عن هذا المستشفى. فبين حين وآخر نرى عمال هذا المستشفى من أطباء وعاملين صحيين يخرجون في وقفات احتجاجية مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية. كل هذا في مستشفى هو واجهة لكل حضرموت.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف الحال مع بقية المستشفيات والوحدات الصحية المنتشرة في طول وعرض حضرموت؟ الجواب: إن ما بها من تعاسة وخدمات رديئة تفوق ما هو حاصل في مستشفى ابن سيناء.
وكما هو معروف حاليًا أن الخدمات الصحية تلاقي دعمًا ليس بالقليل من المنظمات الدولية الداعمة للقطاع الصحي. فأين يذهب هذا الدعم؟ وإن كان ذو فائدة، فما هي الفائدة الملموسة في تحسين الخدمات الصحية؟
مطلب الناس الحالي هو التدخل السريع من الجهات ذات العلاقة لإنقاذ هذه المرافق المتصلة بهم وبحياتهم، وأن لا يترك الحبل على الغارب حتى لا تدوم هذه الكارثة والمصيبة التي حلت بهم من أي ذنب اقترفوه.