صنعاء 19C امطار خفيفة

قصتي مع رجل من تعز!

2024-10-03
قصتي مع رجل من تعز!
زكي يافعي مع رفيقه في قصة المقال

كان مكان تلك القصة الرائعة في فندق أرجان الرائع، الذي شعرت فيه وكأنني في داري ووسط الأهل من خلال مستوى الخدمة والتعامل والأشياء الرائعة فيه.

كنت عائدًا في الساعة 12 ليلاً إلى الفندق، ومررت على البوفيه التي في ركن الفندق، وطلبت من الكاشير أن يرسل معي شخصًا أعطيه ثلاجة الشاي التي في الغرفة. أرسل معي شابًا يافعًا من أبناء تعز يعمل لديهم في البوفيه. مشينا إلى المكان المخصص للمصعد، وكان المصعد في الدور السادس. ونحن ننتظر المصعد...

نظرت إلى وجه بشير محمد سعيد الذي بصحبتي، وجدته أسمر من الحرارة المرتفعة ويظهر عليه الجهد والشقاء والكفاح في عمله. سألته سؤالًا عفويًا كان هو سبب كتابتي لهذا المنشور...

سألته: "من أين أنت يا بني؟"

ساعتها رأيت نظرات خوف وتلعثم بالكلام، ثم تجرأ مكرهًا وتمتم بصوت خافت: "أنا من تعز..."

شعرت ساعتها بذلك الخوف الذي بدا واضحًا على وجهه.

فرددت بحماس عليه: "الله، ما أروعكم يا أبناء تعز، أنتم نموذج للكفاح والعمل والعلم والمعرفة."

وفي ثوانٍ، تغيرت نظراته إلي من مكان يخاف منه إلى ملاذ آمن يحكي لي قصته ويفتخر بما ينجزه ويشق به طريقه.

قال: "يا عم، أنا أعمل وأدرس وأصرف على أمي وإخواني في تعز."

في خلال أقل من دقيقة، كبر هذا اليافع إلى حد أني أراه رجلًا أعتز أن أمد يدي في يده وأسلم عليه.

فهممت أن أعطيه كل ما في جيبي من باب التكريم وليس من باب الشفقة.

وإذ به يرفض رفضًا قاطعًا.

وقال: "لا يا عم، أنا لا أريد شيئًا، الحمد لله، أنا أكسب من عملي وأرسل لأهلي ما أستطيع."

قلت له: "يا بني، أنا لم أعطك من باب الشفقة أو لا سمح الله أنظر إليك وكأنك متسول. يا بني، من يكافح ويتعب، أكيد يملك عزة النفس ما يكفيه، ولكن أنا أكرمك بما أقدر عليه. هو تكريم من رجل لرجل."

وانتهى الحوار بيننا.

وفي اليوم الثاني، عندما لمحني وكأنه رأى أحدًا من أهله وأقربائه، بل ويريد أن يعزمني على الفطور، ويمكن ثمن فطوري هو بقيمة أجر يومين له من عمله.

عرفت ساعتها أن كلمة "رجل" التي قلتها له سوف تجعله فخورًا بنفسه، بل وسوف تعزز فيه قصة كفاحه وعصاميته.

انتهى.

هنا سوف أقول شهادة أتمنى أن تصل للجميع...

لم أجد أحدًا مناطقيًا أو عنصريًا أو جهويًا في كل من عرفت في عدن. بالعكس، وجدت أن أغلب المصالح والمحلات التجارية في عدن لأبناء الشمال نصيب الأسد فيها بالنسبة للأيدي العاملة، وجلست إلى العديد من رجال أعمال يافع. وجدت محلاتهم وشركاتهم مليئة بالأيدي العاملة من أبناء المحافظات الشمالية، إلى درجة أنهم أصحاب قرار في تلك الشركات. لأنهم مكافحون وعمليون ويحفرون في الصخر لكي يكسبوا لقمة العيش بكرامة.

الرسالة الأخرى إلى الحسابات المستعارة والقلة القليلة من مختلف مناطق اليمن، الذين يثيرون الفكر المناطقي المقيت ويمزقون ما تبقى من نسيج اجتماعي، كفوا أيديكم عن الناس ولا تدمروا الشيء الجميل المتبقي في العلاقات الاجتماعية.

فالسياسة تتغير بتغير المصالح، ولكن القيم والمشاعر الأصيلة والنبيلة إن ذهبت لن تعود. أتمنى ممن يعلق أن يستوعب نبل رسالتي التي أقولها صادقًا وغير متزلف، ونسهم جميعًا في إرساء قواعد المحبة وقيم التسامح والترفع والسمو فيما نكتب.

والله من وراء القصد.

محبتي للجميع،

زكي يافعي

  • المقال نقلا عن صفحة الفنان في فيسبوك

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً