صنعاء 19C امطار خفيفة

وادي حضرموت.. ما عجبني وما لا يعجبني

آخر زيارة لي لوادي حضرموت كانت في أواخر شهر رمضان الماضي، تحديدًا في يوم التاسع عشر من رمضان، مع الرجل البشوش المنفتح على الجميع المنصب حسن عبدالصمد باوزير، وبرفقته مجموعة من آل باوزير من الساحل.
 
الأربعاء الماضي تتجدد الزيارة للوادي مرة أخرى، وهذه المرة مازلنا في رفقة أبناء الديس الشرقية وادي عمر، ومع الهيئة الإدارية لنادي اتحاد الشبيبة بالديس الشرقية الذي يرأسه حاليًا الأخ العزيز وليد علي باعشن، ومعه مجموعة من الشباب المخلص لهذا النادي.
 
أحتار كثيرًا بل أقف عاجزًا عن إعطاء أبناء وادي عمر ممن كان لي شرف التنقل معهم في هذه الزيارة، شيئًا من حقهم كأشخاص مثاليين مخلصين استثنائيين متعاونين ومتفاهمين، أقول لهم اعذروني فحقكم وما يجب قوله فيكم يبقى قاصرًا وغير مكتمل، لأنكم أرفع وأعز مما سأقوله فيكم من قول مرة أخرى اعذروني يا أعز من عرفت وعاشرت من ناس.
IMG-20240804-WA0012.jpg

 

ومع هذا لا بد لنا من قول شيء، وستكون البداية لبو علي أخينا وليد دينامو الرحلة وقائدها، فهو دون غيره من غمرنا بطيبته وسمو أخلاقه، حتى إنك تلحظ في معاملته مع الجميع، أن هذه المعاملة خالية تمامًا من التكلف، بل إنك تحس أنه شخص عادي جدًا، يضحك مع الجميع، ولا يميز بين أحد، فكلهم إخوانه وأبناؤه.
 
لم يظهر شيئًا مما يكون موجودًا لدى بعض رؤساء الأندية كممارستهم للصرامة واختلاق الموانع والتحذيرات.
من هنا يتضح أن وليد على ثقة كبيرة من كل أعضاء النادي لاعبين وإداريين مخلصين لناديهم.
 
ما رأيته وشاهدته بأم عيني في هذه المجموعة الرائعة أنهم بالقول والفعل أسرة واحدة، الكل يتعاون في كل الأعمال، ولا أحد يظهر التضجر أو الاتكالية، فمن حضر قام بواجب الغائب، الكل مكمل للآخر.
 كم تمنيت أن تطول هذه الزيارة أكثر مع هؤلاء الناس الطيبين، لكن يبقى الأمل موجودًا في تكرار الزيارات للوادي وأهله الطيبين.
 
ما يميز هذه الزيارة عن سابقتها أنها كانت مختلفة تمامًا، إذ إنها طويلة بعض الشيء، اقتربت من الثلاثة أيام، تجولنا في أماكن كثيرة حوالي حاضرة الوادي سيئون.
وبالعودة للعنوان أعلاه، فوادي حضرموت جميل ورائع كسكانه الرائعين في كل شيء.
من يدقق النظر لأعمالهم سيعرف أنهم ينقبون في الصخر، ويصنعون المستحيل في هذا الوقت الذي قيد الحركة عند الجميع.
أما هم فيعدون الاستثناء في أشياء ليس على مستوى حضرموت، بل إني أجزم القول على مستوى عموم البلاد.
الصناعات التقليدية تكتسح أسواقهم، وهي المهيمنة، وهي من صناعات أيديهم.
تصاب بحالة من الحنق والقهر عندما ترى عدم الاهتمام من الدولة بهؤلاء الناس الفاعلين والمنتجين في كل المجالات، مع خصوصيتهم آنفة الذكر، اهتمامهم بالصناعية التقليدية.
كذلك لا ننسى أن أهل الوادي يمتلكون تراثًا غزيرًا ومتجددًا، ومن هذا الوادي أتى مبدعون في الفنون والشعر والتلحين، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة: أبو بكر سالم، بدوي زبير، حسن باحشوان، حداد بن حسن الكاف، بن شهاب، ومن مبدعي الوادي الحاليين محمد القحوم ومحمود الهندي، وقائمة طويلة من مبدعي الوادي في مجالات عديدة، وهذا ما أعجبني وسيعجب الكثيرين مثلي.
 
الهمة والنشاط، وهذه ميزة خاصة امتاز بها أهل الوادي عن سواهم من سكان المحافظة، فالكل يعملون ولا يملون العمل حتى لو كان دخله قليلًا، فالبركة في الله، وهم محقون في ذلك، اعمل وربك يبارك في عملك ويزيد في رزقك، أما أنك قاعد وتريد كل شيء يأتي إليك، هذا قمة السخافة وعنوان الاتكالية آلتي صارت لدى الكثير منا، ومثل هذه الأشياء التي نفتقر لها هي سر إعجابي بأولئك الناس المخلصين لعملهم.
وما لا يعجبني أشياء كثيرة، وسأطرق إلى القليل منها:
إنها ظاهرة حمل السلاح، وهذا المنظر المقزز لاحظته في أكثر من مكان في شوارع الوادي وفي عاصمته سيئون، ومع الداخلين للفنادق والخارجين منها.
 
ومثل هذه الأشياء الدخيلة تتعارض مع عادات وتقاليد سكان الوادي المسالمين والغارقين في أعمالهم، إن كنت أنا في رحلة سريعة تعد أيامًا قلائل انصدمت وانزعجت انزعاجًا شديدًا من هذه الأشياء الدخيلة كحمل السلاح، فكيف الحال مع السكان الأصليين، حتمًا معاناتهم معاناة مع هؤلاء الوافدين.
وادي حضرموت جميل، وسكانه أجمل، لا ينقصهم شيء إلا الاهتمام من الدولة ودعم المنتجين كل في عمله، وخلق التنافس الشريف، ومتى ما حصل هذا سترون أن وادي حضرموت سيغطي عموم الوطن بإنتاجاته المتنوعة.
 
كل هذا يحصل في ظل غياب الدعم، إلا الاعتماد الذاتي، فنتخيل أن حصل الدعم، وهذا ما نتمناه، وفي القريب العاجل.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً