صنعاء 19C امطار خفيفة

بروباجندا الحوثي… واستراتيجية الهروب إلى الحرب

ليس من الصعوبة بمكان، لدولة -أية دولة- أن تعلن الحرب على دولة أخرى، لولا حسابات تتعلق بتبعات تلك الحرب التي ستكون نتائجها مدمرة وعواقبها وخيمة.

 
فدولة سوريا، تلك التي بينها وبين إسرائيل أميال معدودة، والتي تتعرض للقصف الإسرائيلي على مدى عقود، ولأنها دولة مسؤولة، احترامها لنفسها لم يعطها غير الاحتفاظ بحق الرد، فلا الظرف، ولا الإمكانيات تسمح لها بالمواجهة العسكرية مع إسرائيل.
 
أيضًا دولة إيران، التي اغتالت إسرائيل العشرات من قياداتها العسكرية، لم ترد بالمثل، إلا عندما وجدت نفسها محرجة، بعد قصف سفارتها في سوريا، وعاد الرد كان خاطفًا، ولدقائق معدودة، وبدون ضحايا.
 
ذلك لخشيتهم من تبعات تلك الخطوة غير المحمودة العواقب، التي سيقومون بها، وانعكاساتها على واقع بلدانهم من أمن غذائي، وتأمين صحي، وبنى تحتية، واستعدادهم العسكري، ومدى قدرتهم على الردع والتأثير في العدو.
 
لكن ما يحدث في اليمن، لم يحدث في أية دولة في العالم، في ظل دولة تحترم نفسها، ولم يعتدَ عليها، في وقت هي غير قادرة على تأمين لقمة العيش للمواطن، وتوفير الراتب للموظف، ناهيك عن قدرتها العسكرية، فلا تمتلك أدنى درجات القوة على الرد بالمثل، ناهيك عن اعتمادها بنسبة تصل إلى 100٪ من احتياجاتها، على الاستيراد من الخارج "حبوب ودواء"، وغيرها، أن تفعل ذلك، وهذا إن دل إنما يدل على أن الجماعة لا تتصرف كدولة، فسلوكها مليشياوي، وهذا واضح من افتقارها لروح المسؤولية، وإدارتها للبلاد بطيش، وصلف، وصفاقة غير معهودة، وغباء منقطع النظير.
 
لقد نجحت بحماقتها مؤخرًا، في جر ويلات الحرب، والدمار، من غزة، وجنوب لبنان، إلى الأراضي اليمنية.
فبعد إعلانها عن مسؤوليتها عن 220 عملية ضد إسرائيل، جميعها باءت بالفشل، ولم تحدث أي أضرار تذكر، فقط اختراق مسيرة للأراضي الإسرائيلية أدت إلى مقتل شخص واحد، تسببت بقصف إسرائيلي على ميناء الحديدة، وقصف خزانات الوقود، الأمر الذي أدى إلى أزمة خانقة في مادتي البنزين والديزل، ومادة الغاز المنزلي، وانعدمت الحبوب من الأسواق، ما أدى إلى انتعاش السوق السوداء.
 
وسعت أيضًا إلى عسكرة مياه البحر الأحمر، من خلال عملياتها غير المسؤولة، من اعتراض للسفن التجارية، المارة في عرض البحر الأحمر، وعملية قرصنة، كما حصل مع الناقلة الدولية "غالاكسي ليدر".
 
الأمر الذي أدى إلى تعزيز التواجد الأجنبي في مياه البحر الأحمر، وباب المندب، تحت ذريعة حماية المياه الدولية من قرصنة، واستهداف الحوثيين للسفن في المياه الدولية.
لقد أصبح واضحًا، وجليًا، لعموم الشعب في الداخل، والذين لا ينطلي عليهم هذا الادعاء والبروباجندا الحوثية، التي تقوم بالتسويق لنفسها من خلالها، إلى أي مدى هي جماعة انتهازية، واستغلالية، باحثة عن شهرة، واستعراض، غير معنية بتبعات تصرفاتها، ومدى تأثيرها على الشعب اليمني، الذي يرزح تحت حكمها.
 
وأخيرًا، ما قامت الجماعة بما تقوم به الآن، ليس إلا للاستهلاك الإعلامي خارجيًا، وتهرب من التزامات وجدت نفسها مطالبة بها داخليًا، فعجزت عن إدارة الملف الاقتصادي، ولم تستطع الوفاء، والقيام بواجبها تجاه شريحة عريضة من موظفي الدولة، ملزمة بتسديد رواتبهم، فاستخدمت استراتيجية الهروب إلى الحرب.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً