ديوان الشاعر المهندس إبراهيم محمود الصغيري، هو أول ديوان له يضم إحدى وثلاثين قصيدة، بعضها عمود مقفى، وهي قليلة، وبعضها تفعيلية. والديوان مائة وصفحتان قطع صغير. ويبدو أن القصائد كتبت في أزمنة متفاوتة وحالات جد مختلفة.
القصائد تبشر بميلاد شاعر واعد. قدم الشاعر إبراهيم مقدمة رائعة تشهد على حب عميق لوطنيه اليمن ودمشق، فهو نبت دمشقي ترعرع بين مدينتيه: دمشق وصنعاء، ولليمن وسوريا.
حضور كثيف في قصائده الواعدة، العلاقة بين العقل والخيال، بين التخصص العلمي (علوم الأرض والبيئة) وبين عالم الخيال، عصية، وتذليلها ليس باليسير، ومع ذلك قصائد الشاب الواعد تنبئ وتعد بشاعر آتٍ وعاشق متمكن وواصل.
استوقفتني قصيدته:
أقول الشعر يا شعري
من الشكوى التي أشكو
أيا شعري ألا تمضي
وكل جراحنا تحبو
كطفل في رؤى الشمسِ
فما كان الغد الأحلى
سوى كبت على نفسي
سوى أوهام سكران
يقيم لعنة الكأسِ
أيا شعري لم تشكو
لم تبكي
على عمر الذي نهوى
وأنت في الهوى عرسي
النبع الدافق والصافي لقصيدة الخليل إبراهيم، هو الشكوى تتكرر تفعيلتا "فعولن فاعلن".
يدعو الشاعر منبهًا شعره للمضي، ويشير إلى المفارقة بين مضي الشعر وحبو جراحه، فالشعر النبع الجاري يمضي، بينما الجراح مصدر الشكوى تحبو، تفجر الشكوى نبع الشعر، وتبقى الجراح هي هي (تحبو)، والمفارقة رؤية الطفل للشمس.
وإذا كان الغد الأحلى لديه ليس سوى كبت على نفسه، فكيف الحال بالغد الأكثر مرارة وقسوة، فهو واقعنا اليوم.
علاقة الشاعر بشعره تحاور وشكى. الديوان بحاجة لقراءة، وما كتبته ليس إلا تحية صدور وفرح بميلاد شاعر، وتبقى القصيدة عرسه.