صنعاء 19C امطار خفيفة

إلى الشهيد النعمان الابن في ذكرى رحيله

مازلت أحفظ عن ظهر قلب الخطاب المرتجل الذي ألقاه الصانع الأول لقضية الأحرار الأستاذ الكبير أحمد محمد نعمان، رحمه الله رحمة واسعة، أمام جثمان ابنه الأستاذ الشهيد محمد أحمد نعمان.. وأعتبر أن هذا الخطاب المرتجل لم يفقد أهميته وتأثيره عبر الأجيال اليمنية المتعاقبة، لأن فيه ما فيه من إشارات مباشرة وغير مباشرة قريبة وبعيدة عن عظمة الشعب اليمني الذي ظل واقفًا في شموخ يتحدى المحن والشدائد عبر كل العصور والأزمان.

 
هاكم جزءًا من الخطاب مما علق بذهني، أهديه إليه وإلى كل يمني، ولو استطعت أن أحوله بكل حرف وسطر فيه إلى حزمة ورد أضعها على قبره وقبر كل يمني غيور ومناضل من أجل اليمن ومستقبل أبنائه، لفعلت:
"أيها الأبناء الأحرار من قادة اليمن الأبرار ورجاله الاوفياء الأبطال..
 
لن أتحدث اليوم إليكم، ولكني سأتحدث عنكم، ولن أبادلكم ثناء بثناء، فليس ذلك من شأن الآباء مع الأبناء.
إنني سأروي اليوم لأبناء الشعوب الشقيقة والصديقة، خصائصكم ومزاياكم، وأرفع الغشاوة عن أبصارهم وبصائرهم، ليعرفوا من هي اليمن ومن هم أبناؤها.. اليمن التي تحارب جهارًا، وتسالم جهارًا، ولا تطعن أحدًا من الخلف في الظلام بأساليب الجبناء واللصوص.
 
لن أبكي فقيدًا ولا شهيدًا، ولن أعلن حزنًا ولا حدادًا، فاليمنيون المؤمنون الصادقون يرفضون ذلك، لأنهم عاشوا سراء الحياة وضراءها، وواجهوا مختلف نكباتها وأرزائها، دربتهم الحروب على الصبر والجلد، وروضتهم المصائب على الثبات والاستماتة والاحتمال، حبسوا دموعهم في محاجرهم، وطووا آلامهم في صدورهم، فأصبح حالهم كما قال القائل:
فإن تكن الأيام فينا تبدلت
ببؤسى ونعمى والحوادث تفعلُ
فما لينت منا قناة صليبة
ولا حملتنا للذي ليس يحملُ
ولكن رحلناها نفوسا كريمة
تحمل ما لا يستطاع فتحملُ
وقينا بحسن الصبر منا نفوسنا
فصحت لنا الأعراض والنَّاس هزلُ"
انتهى الاقتباس، ورحمه الله رحمة واسعة، وعصم قلوب اليمنيين فيه بالصبر والسلوان.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً