صنعاء 19C امطار خفيفة

بين بنكين!

2024-06-06
بين بنكين!

لا شك أني، وباختصار، أرى أن كل القرارات والإجراءات التي قام بها البنك المركزي للشرعية بعدن مؤخرًا، صحيحة وصائبة، موجهة أساسًا لمعالجة الاختلالات المصطنعة رغم بعض التباطؤ لمعالجة القصور للسياسات النقدية التي اعتورت عمل البنك لانتظاره طويلًا،

إلا أن صلف وطغيان الجبرية الثنائية للاقتصاد التي فرضها حوثة مركزي صنعاء غير الشرعي، ومنها التخلي عن السوق الحر والتسعيرة الجبرية أيضًا لسعر الصرف وتعطيل عمل الاقتصاد وإفقار المواطنين والتجار والاستيلاء على أموال المودعين والإجهاز على مدخراتهم والاستحواذ على العملة الصعبة التي يتم استخدامها بحرية مطلقة من قبل الحوثة ولسنين لاستيراد مواد ومعدات وأسلحة لاستمراية الحرب، بل فرض الضرائب الجائرة على السلع والخدمات التي لا يقدمونها وعلى كل شيء، وكذا مصادرة كافة إيرادات الدولة وتخزينها كملك خاص، والتصرف بها في الثراء ووفقًا لأهوائهم، وليس للمصلحة العامة، علاوة على التمادي بالسطو المجحف على معاشات الموظفين وإذلالهم عبر قطع لقمة عيشهم وأسرهم، والإيغال في حوثثة الوظيفة العامة والاستئثار بها دون مؤهلات أو مسؤولية، والانقضاض عنوة على المساعدات الدولية والمحلية لخدمة أفراد وأفكار سلالتهم الضيقة، والأدهى من ذلك شل أساس السياسة النقدية بتعطيل أهم أداة، وهي سعر الفائدة القادرة على التحكم بميكانيكية السوق المعروفة بالعرض والطلب، علمًا أن النقود تعامل في الاقتصاد الحر الحديث اليوم معاملة أية سلعة لها أسعارها التبادلية وأسواقها، والتي تعكس بمؤشرها قوة أو هشاشة الاقتصاد في البلد.

إن شطب سعر الفائدة أفرغ العملية المصرفية من محتواها، وأضعف قدرة البنوك على الإقراض والاستثمار وجذب المدخرات. أما الأداة الأخرى كعمليات السوق المفتوحة الممثلة في أذون الخزانة، فقد تم تجفيفها بقيصرية استغلالية منقطعة النظير أجهزت على ما تبقى من السياسة النقدية، بل حدت كثيرًا من مهام مركزية البنوك.

إن خطوات وسياسات البنك المركزي في عدن، على الرغم من أنها جاءت متأخرة، إلا أنها خير من ألا تأتي، فمن شأن هذه الإجراءات أن تعيد الحق إلى نصابه، ويأتي في مقدمتها توحيد العملة عبر إلغاء الازدواجية فيها، وهي مهمة مركزية لا رجعة عنها، ولهذا فإن سحب العملة القديمة من الأسواق بكل السبل الممكنة، وبخاصة القانونية، سوف يفضي بنظام الحوثة إلى التخبط المؤدي في الأخير إلى إلغاء العملة القديمة وفتح باب تغييرها مزمنًا، هي خطوة في مصلحة المواطنين لتدارك استبدالها وعدم ضياع حقوقهم وقيمتها، لأنها عندما تلغى كعملة غير قانونية، ستكون قيمتها أقل، وستؤول إلى الصفر عند انقضاء مدة صلاحيتها، وسيكون على بنوك صنعاء التجارية والصرافين أيضًا ممن لم ينصاعوا للأوامر، مواجهة الإفلاس، وبخاصة عندما تنضب مخازنهم من مخزونها النقدي من العملة الصعبة غير القادرين على تشغيلها للاستبراد أو التوسع بالاستثمار بها.

كما أن هذه البنوك لن تكون قادرة على قبول النقد القديم بعد أن يفقد قيمته، ولا مكان لتوظيفه، وسيزيد الوضع سوءًا بإفلاسها، ولن تستطيع أداء مهامها أو وظائفها المصرفية، بخاصة عندما تنتهي فترة الاستبدال، ولا بديل عن النقل لمقار عملياتهم، وعندما يحين موعد بدء تطبيق إيقاف ومنع الحوالات إلى مناطق الحوثة، مما سيحرم البنوك ويحرم الحوثة أيضًا من مصادر العملة الصعبة من تحويلات المغتربين، على الرغم من أنهم سعوا وبفجاجة إلى تخزين مختلف العملات الصعبة، ولكنها لن تفيدهم أبدًا إلا في تمويل أعمال التهريب وغسل الأموال، وإلى حين.

إن إغلاق صنابير التحويلات وحنفيات العملة الصعبة، وعدم قدرة الحوثة وبنكهم على الرد غير المليء بالتشنج، هي بمثابة عملية مدروسة لقطع أنبوب الحياة عليهم، وما عليهم اليوم عمله قبل الغد، وكذلك في نهاية المطاف، إلا أن يأتوا صاغرين راكعين، متخلين عن أضغاث أحلامهم وعنجهيتهم السلالية وأفكارهم المستوردة الدخيلة، وأن ينصاعوا للإدارة الاقتصادية وللإرادة السياسية للشعب ولإيقاف الحرب الظالمة على الشعب اليمني المستمرة باسم الولاية لإشباع رغبات أوليائهم، وأن تعود كافة مؤسسات الدولة وخدماتها للعمل، وعلى رأسها تسليم المرتبات، ويعاد بناء الاقتصاد ليدار بحنكة وببنك مركزي واحد، وليس متراوحًا أو متنازعًا على قيادة دفته بين بنكين.

أرى أن بنك اليمن المركزي بعدن بدأ الآن بقطف ثمار جهوده في تصحيح الأوضاع، فالانطلاق للتحكم بالأدوات والسياسات المدروسة سيكون أثرها عظيمًا على مختلف الأصعدة الاقتصادية والخدمية والسياسية.

وهنا لا يفوتني ولا بد من الإشارة إلى ضرورة توريد كل الإيرادات المتحصلة للدولة إلى البنك المركزي الشرعي اكان في الشمال أو الجنوب، وألا تكون هناك سلطات عابثة بموارد الشعب، فصدور قرارات ارتجالية أو مزاجية ضيقة المصالح من قبل المحافظات أو السلطات المحلية أو المجالس، على حجب المتحصلات عن بنك البنوك من قبل هيئات أو مجالس أو تنظيمات هي ضمن المخالفات الجسيمة، مسألة خطيرة ينبغي عليها أن تتوقف استشعارًا للمسؤولية، لأن هذه التنظيمات أو المجالس لا يمكن لها أن تحل محل الدولة بأية حال من الأحوال، ويجب أن تكون عونًا لها، ولا يمكن أن تستولي محتفظة ومتحفظة على السلطات الإيرادية للدولة، وتطالب في نفس الوقت بالخدمات.

إن تصحيح هذه الأوضاع والحرص على أموال الشعب هو الركن الأساسي لضمان تناغم السلطات، وعدم الانحراف عن الأهداف العامة وخدمة المواطنين يأتي اولًا، وهذا هو مربط الفرس للسير نحو حشد الموارد والطاقات والهمم اللازمة وتوجيهها لإعادة دوران عجلة الإنتاج في سبيل الدفع ببناء وتنمية البلد إنسانًا وأرضًا.. واليمن من وراء القصد.

فيرفاكس ولاية فرجينيا

6/6/2024

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً