النفس البشرية تميل في الغالب نحو إرضاء رغباتها حتى وإن كانت على حساب الآخرين، أليست الحياة قائمة على القوة والغلبة، وأن هذه الغلبة منبعها النفس التي تشتهي أشياء وترغب بامتلاكها؟
المناضل أو من يدعي النضال هو في النهاية كائن بشري وكتلة من الأعصاب والرغبات، وقلة هم من ينتهجون نهجًا صادقًا، والكثير من يقع أمام أول فخ ينصب له، فيتحول إلى إنسان آخر نقيض لما كان يدعيه.
ذهب ذات يوم الوفد الفيتنامي إلى هيئة الأمم المتحدة ليلقي خطابه، وقد تم حجز الفنادق لهذا الوفد والسيارات والمواكب الأمنية، إنه بذخ غير ضروري في نظر ذلك الوفد الذي فضل أن يبات في سكن الطلبة مع أفراد شعبه.
وقف جيفارا ذات مرة في منبر الأمم المتحدة، وتحدث بكل القيم الإنسانية وبالعدالة والمساواة، وبعد أن وقف كل من في القاعة ليصفقوا له تصفيقًا حا،ًا، غادر المنصة واتجه إلى الغابات ليكمل نضاله من أجل الفلاح والعامل.
يقول ماو تسي تونغ: من يقوم بنصف ثورة كمن حفر قبره بيده.
والتاريخ يذكر لنا رجالًا صادقين مع أنفسهم أولًا، ثم مع شعوبهم، وأيضًا التاريخ سيذكر نقيض ذلك ممن توهم أنه ثوري، وحاول أن يسوق نفسه كمناضل، وأمام أول منصب خلع رداءه وألبس لسانه لغة مناطقية غير مقبولة، ومارس على أرض الميدان عنصرية انتقائية في التعيين وتوزيع المناصب، وحين حاول البعض الإشارة إلى أن هذه الأعمال غير صحيحة، ويجب تصحيحها، صرخ هذا الثوري المزيف بأن يافع هي الدولة، والدولة هي يافع، وأكمل قائلًا: أنتم من أنتم؟
من يستمع إلى مقطع فيديو انتشر مؤخرًا لعيدروس الزبيدي، في سياق رده على كلمة ألقاها رئيس الجالية الجنوبية في أمريكا، سيدرك جيدًا حجم الكارثة التي وقعنا بها بعد أن فوضناه لقيادة المرحلة، لأنه ومن المستحيل ومهما كانت عقلية الرجل ضعيفة ومتهالكة أن يتحدث مثلما فعل الزبيدي، كان رده يعبر فعلًا عن عقليته في إدارة الأمور.
الثوري لا يركب مواكب من السيارات التي لا تنتهي، وطبعًا لا يرتدي أفخم البدلات وأغلى الساعات، هذا ليس ثوريًا ولا حتى سياسيًا، هذا شخص غير مصنف إلا أنه فاسد وانتهازي استغل فرصة سنحت له لا أقل ولا أكثر.