عندما يقتل رجل مثل جار الله عمر أمام الجمهور، على خشبة المسرح، وأمام شاشات التلفزيون، ويتقاسم جثته الرئيس علي عبدالله صالح مع الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، فهذا ليس له غير معنى واحد وحيد، هو أن اليمن تدشن عصرًا جديدًا في تاريخها الدموي، عصرًا للقمع والإرهاب وغياب العقل، عصر سيادة الهمجية التي نجني ثمارها اليوم بامتياز عظيم.
سلام عليك يا رئيس الحرية ورسول السلام، سلام عليك يا شهيد التحرير والانعتاق، وشهيد كلمة الحق ونضالات السنين، سلام عليك يوم وُلِدت ويوم قتلت ويوم تبعث حيا في أبدية الخلود.
جار الله عمر الكهالي، من أبطال فك الحصار الرجعي على صنعاء الذي امتد 70 يومًا، ومن دعاة التحرر من رجعية قرون الظلام التي راهن أعداؤه على استدعائها من ظلمات الغياب، ونجحوا في الرهان.
جار الله عمر، جسم شديد النحافة والشفافية، لم يتسع لرحابة عقله الكبير، ونزل من عليائه فوق، هناك في صنعاء، متوسلًا لإنقاذ الوطن من قبضة قيود الرجعية والتخلف.
جاء إلى عدن ليلتقي برفاق التقدم فيها، كان يعلم أن الحاضر هو نتاج الماضي، وناضل لتغييره، وليجعل هذا الحاضر وسيلة أكثر رحمة وتقدمًا وتطورًا، وليكون ذخيرة أكثر صلاحية لصنع المستقبل القادم. وهنا التقى برفاق يفهمون مقاصده، وإن لم يحسنوا صياغتها وتوظيفها في الصورة مع سالم ربيع علي (سالمين) قبل توليه الرئاسة. "لا تربطوا أصائل الإبل خلف ذيول الحمير"، كان يقول، وكان يقول أشياء كثيرة لم يفهم منها رفاقه إلا أقلها.
كان يقرأ كثيرًا، كثيرًا جدًا، ورفاقه لا يقرأون، وإذا قرؤوا لا يفهمون. وكانت المواجهة حتمية هناك مع الرجعية، وهنا مع التطرف، والأقصى يلتقي مع الأقصى كما يقول كارل ماركس. والنتيجة أن غالبية الشعب كانت دائمًا هي التي تدفع الثمن... ولا تزال.