أصبح اليوم أكثر من ألف موظف في عدد من محافظات الجمهورية، على قارعة البطالة والفقر، بعد أن وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بلا وظائف ولا مرتبات كانوا يعتمدون عليها في مواجهة قسوة الحياة التي بدأت فصولها عقب الحرب على اليمن 2015م، والتي كان من تأثيراتها انقطاع المرتبات، وانعدام فرص العمل جراء تدهور القطاع الاقتصادي، وإغلاق بعض الشركات، وهجرة رؤوس الأموال.
ويواجه موظفو شركة "برودجي سيستمز" التي تأسست في 2006م، وتتخذ من صنعاء مقرًا رئيسًا لها، معاناة جديدة بعد اقتحام مقر الشركة من قبل جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء، وإغلاقها، واعتقال مديرها وعدد من موظفيها. وتعد هذه المأساة الأشد إيلامًا بالنسبة لهم، لأنها كانت نتيجة لإجراء تعسفي يستهدفهم من الداخل من قبل نافذين.
أربعة أشهر من المعاناة
وفي يوم الأربعاء الموافق 11-1-2023م تفاجأ موظفو الشركة بمدرعات، وأطقم عسكرية، وباصات، وتاكسيات، ودرجات نارية، وعشرات الجنود المدججين بالسلاح، يحاصرون الشركة، ويقتحمون مقرها، ويعتقلون مديرها ومالكها الوحيد المهندس عدنان علي حسين الحرازي، وعددًا من موظفيها، كما صادروا الأجهزة المحمولة والسيرفرات التي تضم معلومات عن النازحين والمتضررين من الحرب في عدد من محافظات الجمهورية.
عدنان الحرازي رئيس شركة برودجي سيستمز (فيسبوك)
وذكر بيان توضيحي صادر عن أسرة المهندس عدنان الحرازي، وموظفي الشركة، الثلاثاء، أن جهاز الأمن والمخابرات بصنعاء اعتقل المهندس عدنان الحرازي و11 من موظفيه، بدون وجود أي مسوغ أو مبرر قانوني.
وقال البيان: "وفي نفس اليوم تعرض مقر شركة "ميديكس كونكت" للخدمات الطبية، للاقتحام والمداهمة، وتم أخذ أجهزتها وأدواتها، وهو الحال لشركة برودجي، حيث تم أخذ أجهزتها وأدواتها والسيرفرات الخاصة بها، ولكن دون اعتقال مديرها أو موظفيها، وذلك بحجة أن مدير شركة "برودجي سيستمز" مساهم فيها، وتم إغلاق مقري الشركتين".
وأكد البيان أن الشركة تعمل بتصريح رسمي من الجهات الحكومية، وتعمل وفقًا لأحكام القانون وقواعد العمل اليمني، وبموجب تصاريح صادرة من المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكمشا).
وأضاف: "كما تقدم الشركة خدمات هامة في متابعة وتقييم المشاريع المتعلقة ببرنامج الغذاء العالمي واليونيسف، والتي تتضمن التحقق من وصول المساعدات للمحتاجين والمعوزين المستفيدين من المشاريع الإنسانية".
وأشار إلى أنه رغم المطالبات المستمرة بالإفراج عن الموظفين ومدير الشركة، تم إطلاق سراح الموظفين المحتجزين خلال فترة زمنية بلغت ثلاثة أشهر، وبضمانات تجارية، دون علم النيابة العامة، واستثنوا من الإفراج المهندس الحرازي الذي لايزال محتجزًا حتى يومنا هذا، ولاتزال شركته مغلقة.
وقال البيان: "من بين المفرج عنهم مدراء أقسام وإدارات مهمة في الشركة، وهو ما يدل على أن الشركة تعمل بطريقة قانونية، وإلا لما تم الإفراج عنهم".
مذكرات رسمية بلا جدوى
وعلى الرغم من توجيه عدد من المذكرات الرسمية من الجهات القضائية والتشريعية، منها مذكرة مجلس النواب، والنائب العام، ورئيس النيابة، إلى وكيل النيابة الجزائية المتخصصة الذي أصدر قرارًا قضائيًا بفتح الشركة وحساباتها لدى البنوك لتتمكن من ممارسة نشاطها، لكن كل ذلك لم يغير من الواقع شيئًا، حيث وقفت السلطات المختصة حجر عثرة، ورفضت التنفيذ رغم أن أحكام الدستور وقانون الإجراءات الجزائية النافذة واضحة وصريحة.
وهذا ما أكده أيضًا المحامي محمد لقمان الذي قال في بوست له على "الفيسبوك": "حينما يقوم جهاز المخابرات بإغلاق إحدى الشركات العاملة طبقًا للقانون، ويعتقل رئيسها ومساعديه، ويلقي بالمئات من الموظفين في هاوية البطالة والفقر، ولا يستطيع وكيل النيابة ولا رئيسها ولا النائب العام أن يوقفوا هذه التجاوزات التي تتم بتوجيهات النافذين في مكتب الرئاسة وعيني عينك، فما قيمة القضاء؟ وما قيمة الشعارات التي نرددها عن العدل والمساوة والثورة والتغيير؟ ما قيمة ذلك كله إن لم يضع حدًا لمظلمة واحدة".
مطالب الإفراج
وانطلقت منذ أيام حملة على منصات التواصل الاجتماعي، تطالب بالإفراج عن المدير العام وفتح أبواب الشركة أمام الموظفين لمزاولة عملهم، كما طالب بيان صادر عن أسرة الحرازي وموظفي الشركة، الجهات المختصة بسرعة تنفيذ قرارات السلطة القضائية وتوجيهاتها بسرعة فتح الشراكة والإفراج عن مديرها العام الذي لم يتم حتى اليوم إحالة ملفه إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية من قبلهم إذا كان هناك ادعاءات عليه وعلى شركته.
يذكر أن شركة "برودجي سيستمز" تعمل في مجال البرمجة، كما تعمل كطرف ثالث في الرقابة وتقييم المشاريع المتعلقة ببرنامج الغذاء العالمي واليونيسف، وإيصال المساعدات من المنظمات الدولية إلى النازحين في مناطق متفرقة من اليمن، ويعمل فيها ما يقارب 1000 موظف وسائق وباحث في عموم محافظات الجمهورية.