"شيفرة دافنشي"؛ رواية كتبها دان براون، وتحولت إلى فيلم أدى بطولته توم هانكس، وأثار جدلًا واسعًا في أمريكا حيث طالبت الكنسية الكاثوليكية بمنع عرضه ومصادرة الرواية.
كلاهما، الرواية والفيلم، يمكن اعتبارهما بعثًا جديدًا للمسيح، كونهما يعيدان الطبيعة البشرية له، استنادًا إلى وثائق تاريخية تم العثور عليها قرب البحر الميت، تنفي صفة الألوهية عن المسيح، أو أن يكون "ابن الله"، كما هو شائع في عديد من مذاهب الكنسية البروتستانتية والكاثوليكية والإنجليكانية. والأكثر من ذلك تذكر الرواية/ الفيلم أن المسيح، بخلاف ما هو متعارف عنه، لم يمت أعزب، بل تزوج ماريا المجدلية التي هربت بعد صلبه لتلد مولودها من المسيح، ولتبدأ سلالته بالتكاثر في الخفاء، حتى وصل فرع من سلالته "آل بوربون"، لحكم فرنسا في القرون الماضية.
ماريا المجدلية تحولت في الرواية إلى اختزال بالغ الدلالة لآلاف السنوات من اضطهاد الرجل للمرأة، وصلت ذروة بشاعته في أوروبا العصور الوسطى، حيث تم حرق أكثر من 500 ألف امرأة بدعاوى كيدية كاذبة، وبتحريض مباشر من الكنيسة.
وبعيدًا عن الفيلم والرواية، فإن إحراق أكثر من 500 ألف امرأة في العصور المظلمة لأوروبا، موثق تاريخيًا، وهو التجلي الأكثر نصوعًا للبشاعة والوحشية ضد النساء، والنتاج الأشد وضوحًا لآلاف السنين من التحريض الممنهج ضد المرأة.
الجهود الحثيثة للتحريض ضد النساء، وتحقيرهن طوال آلاف السنوات الماضية، حاولت أن تجد تأصيلًا لها في الدين، لكنها أتت من خارجه، ومن "الإسرائيليات" تحديدًا.
فحتى الخطيئة الأولى للبشر، التي نتج عنها طردهم من الجنة، جرى تحميل وزرها لحواء وحدها، في قصة مختلقة جرى تجريفها وحملها على الدين، فيما لا يحوي القرآن الكريم، الكتاب الأكثر قداسة لدى المسلمين، أية إشارة لكون المسؤولية كانت مقصورة على حواء.. ضدًا على ذلك يشير القرآن بوضوح إلى أن المسؤولية كانت مشتركة بين الاثنين (آدم وحواء).
وفي حالة من الهوس والجنون، جرى ابتكار قصة التفاحة، وإغراء حواء لآدم بأكلها، وتضمينها نسخة التوراة المتداولة حتى عصرنا الحاضر، والتي كُتبت عقب مقتل موسى عليه السلام، بأكثر من أربعمائة عام، وذلك بهدف تعضيد جهود إذلال المرأة بقصص إسرائيلية مظللة وكاذبة، حتى أضحت المرأة في الموروث الإنساني قرينة الشيطان والحية، ومبعث كافة الشرور في العالم.