في الخمسينيات من القرن العشرين سجلت شركة جعفر فون مجموعة من الأغاني في سوريا لفنانين يمنيين بمصاحبة العواد السوري الكبير نوري الملاح، أحد أبرز عازفي العود الشرقي الذين أثروا المكتبة العربية الموسيقية بمعزوفات وتقاسيم على آلة العود استثنائية،
كما لعب الملاح دورًا بارزًا في الحفاظ على الموسيقى التقليدية، ونقلها للأجيال، ومثلما عزف العواد العراقي الشهير منير بشير عددًا من الأغاني لفيروز، فكذلك شارك نوري الملاح بالعزف لبعض الفنانين اليمنيين، أمثال الفنان عبدالرب تكرير (تكرير أفندي) وسالم باحويرث والمنولوجست عمر محفوظ غابة، الملاحظ أنه كذلك تم تسجيل دويتو بين الفنان غابة والفنانة نجاح، بعنوان "محاورة غرامية"، كذلك دويتو بين الفنان باحويرث والفنانة نجاح، في أغنية "يا رب اسألك".
منذ مطلع القرن العشرين، بدأ العود الشرقي يحل تدريجيًّا محل العود اليمني التقليدي (القنبوس أو الطربي) ذي الأربعة أوتار، ليصبح العود الشرقي ذو الخمسة أو ستة أوتار هو السائد في الغناء العربي بحلول الخمسينيات، وقد شهدت تلك الفترة ظهور جيل جديد من العازفين المتخصصين في العود، الذين قدموا تقاسيم موسيقية دون غناء، مما أدى إلى شيوع مصطلح "العواد" للإشارة إلى المحترفين في العزف. وكان هذا تحولًا جذريًّا؛ فبعد أن ارتبط العود تقليديًّا بالغناء (حيث كان المغني نفسه يعزف على العود)، أصبح من الممكن أن يتخصص العازف في العزف دون غناء، بفضل رواد مثل: جميل بشير، منير بشير، فريد الأطرش، محمد القصبجي، رياض السنباطي، نوري الملاح، وغيرهم.
هذا التحول في مفهوم الموسيقى والعزف كان له عدة أسباب، منها انتشار شركات التسجيل الفنية التي أسهمت بتسجيل مجموعة من التقاسيم على العود، ونشرها في أوساط المجتمع العربي. اليمن كذلك واكبت تلك الظاهرة مع دخول شركات الأسطوانات إلى عدن في نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين، من تلك الشركات شركة جعفر فون التي كانت منتشرة بشكل كبير في عدن وخارجها، وسجلت ووزعت العديد من التسجيلات الصوتية داخليًا وخارجيًا. افتتحت شركة جعفر فون فرعًا في سوريا، وقامت بتسجيل مجموعة من الفنانين اليمنيين والعرب، وقدمت مجموعة من الأغاني اليمنية بمصاحبة عازف العود السوري نوري الملاح.