النار،
كانت أول من فَتح فمَه في هذا الكون.
صرخت لا لتُنذر، إنّما لتخلق.
حين مشت، لم تمشِ على قدمين. مشت على شهقة. على رغبة. على الجمر المطمور في رئة الأرض!
*********
جاءت إلى الطين، وقالت له:
"قم".
لم يكن آدم في الأرض بعد.
كان حُلمًا في جُحر نملة.
لكن الطين ارتعش. وابتسم. واغتاظ من برده.
فدخلته.
وصار يحترق منذ ذلك الحين، كلما مَسّه خوف، أو امرأة.
**********
النار لا تحب الشرح.
هي تفعل. فقط.
لا تتكلم كثيرًا، لأن اللغة باردة.
كل جملة تقولها، تنتهي برماد.
لكن الرماد يُنصت، ويكتب في سرِّه.
لذلك، نجد القصائد أحيانًا… محترقة الأطراف.
********
في الليل، تكشِّف النار عن أسنانها.
لا لتأكل، إنّما لتتذكّر.
في ضوءها القديم، كانت آلهة صغيرة
تحمل في يدها مقلاعًا،
وفي اليد الأخرى خبزًا مسروقًا من جوع الزمن.
***********
رأيتُ النار مرة.
لم تكن حمراء.
كانت امرأة بشعر طويلٍ، يقطر زيتًا.
قالت لي:
"أنت لست من هنا."
فاحترقتُ.
ثم نهضت.
***********
النار لا تموت.
هي تتوارى، فقط، حين نكفّ عن الحُلم.
لكنها تعود.
في كبريتة.
في لَسعة شهوة.
في فم طفلٍ يعوي للمرة الأولى.
*********
لذلك، كلما كتبتُ،
أضع إصبعي في الجمر،
وأقول: "يا نار، كوني حرفًا".
فتكون.